«صحة دبي» تتبنى مبادرات لتوعية الطلبة

نقص فيتامين«د».. خطر يشوه العظام ويهدد القلب والمناعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشمس الساطعة التي يمتاز بها طقس الإمارات على مدار العام، والأسماك الطازجة الوفيرة في مياه الخليج العربي، ميزتان صحيتان لم تجديا نفعاً للوقاية من بعض الأمراض وفي مقدمتها نقص فيتامين (د)، فغالبية التقارير المحلية تفيد بأن نسبة المصابين بهذا الداء من المواطنين والمقيمين تتعدى الـ 80%، والكل مصاب ما لم يثبت العكس، هذه النسبة تفوق دولاً عدة لا تشرق عليها الشمس وتعتمد في غذائها على الوجبات السريعة، وهو أمر يدعو إلى تحرك توعوي.

والوقاية من نقص فيتامين «د» ليس بمعجزة إن لم تكن مقرونة بالأمراض التي تعيق عملية الحفاظ على نسبة الكالسيوم في الجسم، والتغذية السليمة والبدء بالبحث والتركيز عن مصادر فيتامين «د» خاصة وأن المصادر الأساسية للحصول يكمن في التعرض فترة كافية لأشعة الشمس وفى الأوقات الآمنة، كما أن وفرة الدولة بمختلف أنواع الأسماك يعطي خيارات أفضل للغذاء الصحي.

وللتخفيف من سرعة انتشار المرض بين الأجيال الشابة، وتجنيبها مضاعفات المرض المستقبلية بدأت هيئة الصحة في دبي بتنفيذ حملات توعوية شاملة في المدارس والمؤسسات لتعريف الناس بأسباب نقص الفيتامين وطرق الوقاية وكذلك العلاج المناسب لها،وحض الناس على الكشف المبكر للتأكد من أن نسبة فيتامين «د»ضمن المعدلات الطبيعية.

مبادرة

وقالت وفاء عايش مدير إدارة التغذية السريرية في هيئة صحة إن الهيئة بدأت في تنفيذ مبادرة (فيتامين د) وهي عبارة عن برنامج تثقيفي غذائي للتعرف على فيتامين دال وأعراض نقصه وماهي مصادره والجرعات المطلوبة في كل مرحلة عمرية، حيث إن فيتامين «د»يعتبر أحد أهم الفيتامينات لصحة الجسم وتشمل هذه المبادرة تثقيف وتوعية جميع الفئات العمرية، بدءاً بطلاب المدارس وحتى موظفي الهيئات الحكومية والمؤسسات الخاصة، حيث إنه غالباً ما يتجاهله البعض، وهذا التجاهل قد يحمل الكثير من المضار على الصحة.

وأوضحت أن الحملة تضمنت تشكيل فريق عمل من أخصائيات تغذية لتنفيذ البرنامج عن طريق إعداد ورش عمل ومحاضرات تخص فيتامين «د» أعراضه ومصادره، وذلك لنشر مفاهيم الثقافة الغذائية بالإضافة إلى تزويد المجتمع بالوعي حول التغذية السليمة والتي تنعكس على صحتهم ونشاطهم، من خلال تقديم مجموعة متكاملة ومتنوعة من البرامج والفعاليات، التي بدورها تعزز مفهوم العقل السليم في الجسم السليم.

وأشارت إلى أن عدد المشاركات لعام 2016 في 12 موقعاً شملت المدارس الخاصة والحكومية في مدينه دبي وبعض الجهات الحكومية والمؤسسات، ووصل عدد المستفيدين من هذه المبادرة خلال هذا العام نحو 937 مستفيداً.

وظائف

وحول الوظائف التي يقوم بها فيتامين (د) في الجسم قالت وفاء عايش إن فيتامين (د) مهم جداً في المحافظة على نسبة الكالسيوم والفوسفات في الدم، وترسيب عناصر الكالسيوم والفوسفات في العظام مما يعمل على تقويتها ونموها الطبيعي، وإنضاج خلايا العظم، وتنشيط جهاز المناعة ومقاومة نشاط الخلايا السرطانية وغيرها، مبينة أن هناك عدة أسباب لنقص الفيتامين منها عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس،كما أن التقدم في العمر يقلل من المادة الأساسية المكونة لفيتامين (د) في الجلد.

وهناك أسباب مرضية منها سوء إمتصاص فيتامين (د) في الأمعاء الدقيقة بسبب وجود أمراض في الأمعاء، وزيادة الوزن مما يؤدي إلى تجمع فيتامين (د) في الدهون، و أمراض الكبد،والكلى، وسوء التغذية، إضافة للمرضى الذين يتعاطون أدوية الصرع، والأمراض الوراثية عند الأطفال بسبب زيادة إفراز الفوسفات في الكلية، لذا يجب الحرص على التغذية السليمة والبدء بالبحث والتركيز عن مصادر فيتامين «د» أو »D« والمصدر الأساسي للحصول عليه من خلال التعرض فترة كافية لأشعة الشمس وفي الأوقات الآمنة، كما أنه يمكن الحصول عليه عن طريق الغذاء في عدد من الأطعمة مثل الأسماك الغنية بالزيت مثل سمك التونة والسالمون والماكريل وكذلك يوجد بالبيض ومنتجات الألبان المدعمة بفيتامين د، وكما يمكن الحصول عليه في بعض أنواع البقوليات، وبعض الورقيات الخضراء وأنواع من المكسرات، وأخيراً يمكن الحصول عليه في صورة كبسولات وذلك تحت إشراف طبي.

وقال الدكتور أنور الحمادي استشاري ورئيس مركز الأمراض الجلدية إن نسبة كبيرة من السكان في الدولة من مختلف الأعمار تعاني من نقص فيتامين «د»، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة من سكان دول مجلس التعاون الخليجي عموما يعانون من نقص فيتامين (د)، مرجعاً ذلك إلى عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس بسبب نمط المعيشة اليومية إضافة إلى استخدام الكريمات الواقية التي تقلل من التعرض لأشعة الشمس خاصة من قبل السيدات والبنات ما أدى إلى نشوء جيل يعاني من انخفاض مستويات فيتامين (د) في الدم.

وقال إنه قبل استخدام الكريمات الواقية من الشمس ننصح دائما بالأخذ بعين الإعتبار الإيجابيات التي ستعود على الشخص جراء استخدامها والسلبيات التي قد تتسبب بها، وبشكل عام أصحاب البشرة البيضاء هم اكثر عرضة لحدوث نقص فيتامين «د» من أصحاب البشرة السمراء.

وأوضح أن النمط المعيشي للأفراد والاحتياطات التي تؤخذ للحماية من حرارة الشمس مسؤولة عن ارتفاع معدل انتشار نقص هذا الفيتامين مضيفاً أن السكن في منازل ذات نوافذ ملونة والسيارات المظللة تقلل من التعرض لأشعة الشمس، ومعظم سكان الدولة يمارسون أنشطتهم الخارجية بعد غروب الشمس ويبقون معظم الوقت في الأماكن المغلقة وهو ما يقلل تعرض الجسم لأشعة الشمس بشكل كاف.

اضطرابات

وبدوره قال الدكتور بلال اليافاوي استشاري جراحة أمراض العظام في مستشفى راشد إن نقص هذا الفيتامين يتسبب في زيادة خطر الإصابة بالاضطرابات العظمية كالكساح عند الأطفال وتشمل أعراضه إعاقة النمو الطبيعي وتأخر ظهور الأسنان والإصابة بالهزال ولين العظام خصوصاً عظام الجمجمة لدى الرضع وحدوث تشوهات مستديمة في العظام لا يمكن علاجها.

وذكر أن نقص الفيتامين عند البالغين يؤدي إلى الإصابة بأمراض نقص الكالسيوم وانخفاض مستوى الكالسيوم والمعادن في الدم وبالتالي انخفاض الكتلة الكلية للعظام.

وأشار إلى وجود دلائل على أن نقص فيتامين (د) يزيد من خطر الأمراض المزمنة واضطرابات الغدة الدرقية والأمراض العصبية كالتصلب المتعدد واضطرابات المناعة الذاتية الاخرى كالتهاب المفاصل والتهابات الأمعاء وأمراض القلب والسكتة الدماغية.

واكد أهمية فيتامين (د) الذي يساعد على امتصاص المعادن وترسيبها في العظام والمحافظة على كثافتها وتوفير خصائص مضادة للسرطان إذا أضيف إلى الكالسيوم وينظم ضغط الدم ويساهم في علاج بعض أمراض المناعة كالتصلب اللويحي المتعدد والصدفية وتقوية العضلات.

حديثو الولادة

وأكدت الدكتورة منال تريم مدير قطاع الرعاية الصحية الأولية في هيئة الصحة في دبي، أن جميع مراكز الأمومة والطفولة إضافة لمستشفيات الولادة، تعطي فيتامين «د»للأطفال حديثي الولادة من عمر شهر ولغاية ستة أشهر عن طريق الفم، وذلك لإكسابهم المناعة الكافية وتجنيبهم الأمراض التي قد تنتج عن نقص الفيتامين.

وأكدت أن حليب الأم وأطعمة الرُضع وحدهما لا يعتبران كافيين لإمداد الطفل بكمية وفيرة من فيتامين «د» لوقايته من أمراض النقص الغذائي، لذا ينبغي على الآباء إعطاء أطفالهم الرُضع، الفيتامين بصورة يومية لأنه يحتوي على مادة الفلورايد «، مشيرة إلى أن ذلك يسري على الأطفال، الذين يرضعون طبيعياً أو صناعياً على حد سواء.

وقالت إن فيتامين (د) يصرف للمواطنين مجاناً وللمقيمين على بطاقات التأمين الصحي مثل عناية ومظلة مشيرة إلى أن الحامل تعطى من الشهر الرابع حديد» فيفول «، وتعطى فيتامين ( د ) أثناء الحمل إذا كان عندها منخفضاً، حتى لا تصاب بهشاشة العظام.

وخلصت دراسة بريطانية نشرت في مجلة»لانسيت المتخصصة«إلى أن إعطاء فيتامين»د« للأمهات الحوامل يمنح أطفالهن متانة أكبر في العظام. وأشارت الدراسة التي أجريت على 198 امرأة إلى أن أبناء من لم يتناولن الفيتامين كانوا يعانون من هشاشة في العظام عند بلوغهم سن التاسعة، أما أولئك اللواتي تناولن كميات منه أو تعرضن لمزيد من أشعة الشمس، فكانت عظامهم أكثر متانة وقوة.

دراسة

تحدثت الكثير من الدراسات عن علاقة فيتامين د بمرض السكري، فالبعض يقول إن نقصه (أي نقص فيتامين د) يؤدي الى الإصابة بمرض السكري، والبعض يقول ان نقصه هو مرض مصاحب لمرض السكري، والبعض يدعي أن علاج لدى مرضى السكري يساعد في المحافظة على مستوى سكر معتدل.

ووجدت دراسة سويسرية أن نسبة 60 – 84 % من مرضى النوع الأول من داء السكري يعانون من نقص فيتامين (د)، وفي الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 76 % من شريحة الأطفال المصابون بداء السكري يعانون من نقص فيتامين (د).وأشارت الدراستان إلى إمكانية الربط ما بين نقص فيتامين (د) وحدوث السكر من النوع الأول كأحد العوامل البيئية المسببة لهذا المرض (وليس لوحده).لذلك فإن جميع التوصيات الحديثة بدعم الأطفال منذ الولادة وإلى مرحلة الشباب بجرعات وقائية من فيتامين (د) وهذه الجرعات الوقائية لا تقل عن 400 وحدة دولية من فيتامين (د) يومياً لمن لا يكون لديه نقص في فيتامين (د)، وكذلك من لديه نقص فيتامين (د) يجب أن يتناول بنسبة لا تقل عن 1000 وحدة دولية يومياً من أجل أن يحمي نفسه من مخاطر صحية عديدة منها حدوث الأمراض المناعية.

مواطنون ومقيمون:التعرض للشمس يكافح المرض الصامت

أكد عدد من المواطنين والمقيمين أنه على الرغم من أن الإمارات تتمتع بسطوع الشمس لأطول فترة طوال العام إلا أنهم لا يتعرضون لها إلا فيما ندر، مشيرين إلا أن نمط الحياة والمعيشة لا يسمحان بالمشي في الشارع أو الخروج للمتنزهات نهاراً بسبب طبيعة العمل أو مدارس الأبناء أو غير ذلك من الظروف.

وفي هذا السياق أوضحت فاطمة بن طوق أنها معرضة للإصابة بمرض هشاشة العظام، وطلب منها الالتزام ببعض النصائح أهمها التعرض لأشعة الشمس، مشيرة إلى أن هذه النصيحة تحديداً هي بيت القصيد، لأنها تكاد تجزم بأنها لا تتعرض للشمس إلا لثوان معدودة شبه يومية، حيث تخرج من منزلها لتركب السيارة الكائنة في موقف المنزل، وتتوجه بها مباشرة إلى مقر عملها.

أما فضيلة شمس الدين، سائقة أجرة، فتقول إن ظروف عملها تجبرها على القيادة لساعات طويلة مما عرضها للإصابة بهشاشة العظام نتيجة لعدم ممارسة الرياضة فضلاً عن عدم اتباع نظام غذائي سليم لأنها لا تجد الوقت الكافي لذلك، على الرغم من أن جهة عملها تنظم لها باستمرار الندوات والبرامج الصحية والتوعية للاهتمام بالصحة العامة، إلا أنها ترغب في تأمين حاجة عائلتها.

غذاء صحي

أما محمد هلال فبين أنه لا يلتزم بالغذاء الصحي السليم لأنه يعمل لساعات طويلة في اليوم، ولا يمتلك غير ساعة واحدة خلال النهار يستطيع من خلالها تناول طعامه، مشيراً إلى أنها ليست كافية ليذهب للبحث عن مكان يقدم غذاء صحياً فيضطر لتناول وجبات سريعة بشكل يومي.

وأضاف هلال أنه تفاجأ من الفحوص التي أجراها أخيراً أنه مصاب بمرض هشاشة العظام على الرغم من اعتقاده بأن هذا المرض لا يصيب سوى كبار السن، وأن لا خطورة منه، غير أن طبيبه أخبره بأن معدل انتشار المرض في المنطقة مثير للقلق.

وتؤكد سحر خطاب أنها لم تلحظ إصابتها بالمرض الصامت بسبب عدم اتباعها لممارسة التمارين الرياضية أو العادات الصحية في الغذاء، بسبب ظروف عملها مشيرة إلى أنها تعود منهكة بعد يوم عمل شاق لتبدأ مهام أخرى تتمثل في تولي شؤون الأسرة والبيت والأبناء.

وتضيف أنها بدأت تشعر بآلام في العظام وعندما الفحص المبكر اكتشفت أنها في بداية الإصابة بالمرض، على الرغم من أنها تعتقد أنها لا تزال دون السن التي يمكن أن تصاب فيها النساء به، وطلب منها طبيبها أن توقف تطور المرض، باتباع نصائحه وتناول كميات كافية من الكالسيوم وكافة أنواع الجبن لما تحتوي عليه من نسبة عالية من الكالسيوم.

أما إبراهيم سامي فيطالب جهات العمل المختلفة أن توفر لموظفيها أجهزة رياضية وأن تخصص لهم ساعة يومياً أو نصف ساعة على الأقل لتشجيعهم على ممارسة التمارين الرياضية التي تساهم في الحد من انتشار المرض الصامت، خاصة في ظل النمط المعيشي الذي يمنع الكثيرين من ممارسة التمارين الرياضية أو الاهتمام بالصحة الغذائية.

Email