التعليم والعمل عن بُعد يفرضان تعزيز الأنشطة البدنية

الأنماط الحياتية في ظل «كوفيد 19» تفاقم مشكلة زيادة الوزن

ت + ت - الحجم الطبيعي

أدت الأنماط الحياتية المتعلقة بأنظمة العمل والتعلم عن بُعد، منذ تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، إلى توقف الأبناء عن الذهاب لمدارسهم وبقاء السيدات العاملات داخل المنازل، والجلوس خلف الأجهزة اللوحية لفترات طويلة وربما زيادة الوجبات وتغير الكثير من عادات الطعام وزيادة الإقبال على صنع الحلويات في المنازل، ما فاقم مشكلات زيادة الوزن والسمنة، لا سيما لدى الأطفال والسيدات، ما يفرض معه الالتزام بالأنشطة البدنية، لتفادي المخاطر الصحية.

مخاطر

وكشف تقرير لشبكة «CNN» الأمريكية، عن أن نسبة السمنة في الأطفال والسيدات زادت بشكل كبير منذ ظهور جائحة كورونا، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض المصاحبة للسمنة مثل السكري والضغط وغيرها ويجعلهم أكثر عرضة لخطر مضاعفات «كوفيد 19» الشديدة، بما في ذلك انقطاع النفس ومن ثم الدخول للمستشفيات، كما كشف بحث قام به مجموعة من الباحثين في مختلف كليات الطب في الدولة أن انتشار الأطعمة السريعة والمصنّعة، وسهولة توصيل طلبيات الأكل «الديلفيري» للمنازل على مدار الساعة أدى إلى تفاقم المشكلة، نظراً لأسلوب الحياة الخالي من النشاط البدني والحركة بحكم التطور التكنولوجي وإفراط الأطفال في قضاء أوقاتهم على الألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية، منذ تفشي جائحة كورونا قابلها حالة من الخمول والكسل بسبب الالتزام في المنازل بسبب الخوف والقلق من احتمالية الإصابة بالمرض.

نشاط

وقال الدكتور زيد المازم، استشاري الأمراض الباطنية في مستشفى دبي: لا شك أن جائحة كورونا غيّرت كثيراً من سلوكياتنا وحياتنا اليومية، فبدلاً من حب الأطفال لممارسة اللعب والرياضة صاروا بعد تفشي الجائحة يقضون معظم وقتهم في التعلم عن بُعد وهو ما يعني جلوس الطالب أو الطفل ساعات طويلة على اللاب توب لمتابعة دروسه مع المدرس، قابلها اعتراض الأهل على الخروج غير المبرر خوفاً من التقاط الفيروس وكلها من العوامل المحفزة على زيادة الوزن في المنازل. وأوضح أن السمنة بمفهومها العام هي مزيج من نظام غذائي غير متوازن، ونمط حياة لا يعتمد على الحركة، بالإضافة للوراثة، ومن المهم أن نعرف أن السمنة ترتبط بالعديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك مرض السكري، ولا يتم تشخيص السمنة عند الأطفال والسيدات من خلال المظهر، وإنما يتم حسابها بواسطة «مؤشر كتلة الجسم»، ويرتبط مؤشر كتلة الجسم بالوزن إلى الطول، ويتم حسابه بقسمة الوزن (بالكيلوغرام) على الطول (بالأمتار) المربعة.

عوامل

وأضاف إن السمنة لا تعتمد فقط على النظام الغذائي للطفل وإنما هناك عوامل أخرى منها الوراثة، حيث تربط العديد من الدراسات بين الوالدين الذين يعانون من زيادة الوزن وبين الأطفال، مؤكدة أنه إذا كان أحد الوالدين يعاني من السمنة، فمن المرجح أن يصبح الطفل بديناً ثلاثة أضعاف، ومع ذلك، من الصعب التمييز ما إذا كان ذلك بسبب نمط الحياة المشترك، أو الوراثة.

وقال الدكتور المازم: إن سمنة الأطفال تحديداً يمكن أن تؤثر على حياة الطفل، لأنه بالإضافة إلى التأثير على احترام الذات وعلم الجمال، فإنه يؤدي إلى زيادة خطر مشكلات القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي، لذلك، من الضروري العمل والبحث عن طرق لمساعدة الأطفال على اتباع نظام غذائي صحي، ومن الأفضل استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية.

تداعيات

ولفت إلى أن السمنة مرض لا يؤثر فقط على الشكل، لكن لها تداعيات صحية خطيرة، على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون من ذلك هم أكثر عرضة للمعاناة من أمراض مثل مرض السكري أو أمراض القلب والأوعية الدموية طوال حياتهم.

تغذية

بدورها، شددت زكية الهاشمي، أخصائية التغذية في هيئة الصحة بدبي، على أهمية تناول الغذاء الصحي والمتكامل خصوصاً مع تفشي جائحة كورونا بحيث يضمن الحصول على جميع الاحتياجات الغذائية المهمة من جميع المجموعات الغذائية (الحبوب والفاكهة والخضروات واللحوم والحليب) في وجبات اليوم الكامل، واستخدام جداول البدائل الغذائية للتغيير في النوعيات في حدود السعرات الحرارية المحسوبة لكل شخص حسب عمره ووزنه المثالي وطوله ونوعية النشاط الذي يقوم به.

وشددت على ضرورة ممارسة الأطفال والسيدات التمارين الرياضية لأنها تعدّ دواءً لكل داء، ومن أهم الطرق وأبسطها لحرق السعرات الحرارية، خصوصاً عند الأشخاص البدينين، ومن النصائح إجراء الرياضة الجماعية لمدة 30 دقيقة يومياً، وتوفير أماكن عامة للمشي وساحات آمنة لممارسة الرياضة، والتشجيع على ترك المصاعد واستخدام الدرج في إطار المحاولة للحفاظ على الطاقة وخفض مخاطر الإصابة بالسمنة وتقليل تأثير الأمراض المرتبطة بها.

سلوك

وأوضحت أن العلاج السلوكي يتضمن تغييرات في كل من النظام الغذائي والنشاط البدني، وهو من أهم العادات الصحية التي تخفض الوزن. وبعض الاستراتيجيات العلاجية السلوكية للأطفال واليافعين يجب أن تضمن مشاركة الوالدين والأسرة، مثل انخراط الطفل في بيئة اجتماعية تشجعه على تخفيض الوزن من قبل الأصدقاء أو الأقارب أو مجموعة من اليافعين ممن يسعون لتخفيض الوزن. كما يجب تجنب التوبيخ والعقاب فهما لا يفيدان بل سيزيدان حجم المشكلة.

وقالت أخصائية التغذية في هيئة الصحة بدبي: إن الجهاز الهضمي، ومنه الأمعاء، تتميز بالاحتواء على ميكروبات معوية مفيدة، تدافع وتحمي الإنسان من كثير من الأمراض. وقد أثبتت الدراسات الحديثة تغير هذه الميكروبات النافعة إلى ضارة عندما يتناول الإنسان أكلاً غير صحي مليء بالسكريات والنشويات والمواد الدهنية، فتؤدي إلى كثير من الأمراض المزمنة بما فيها السمنة والسكري من النمط الثاني.

وفي المقابل، فإن تناول الوجبات الصحية المحتوية على الألياف والمعادن والبقوليات وكذلك المكملات الغذائية المحتوية على البريبيوتيك والبروبيوتيك، له دور إيجابي في تعزيز صحة الميكروبات النافعة ما يقلل خطر الإصابة بالسمنة، ناهيك عن أن هذه المأكولات ذات سعرات حرارية أقل من المأكولات غير الصحية.

دراسة بحثية

وقامت الدكتورة سعاد هناوي، استشاري أول في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، مع مجموعة من الأطباء من مختلف الجهات الصحية والتعليمية بإجراء بحثين حول السمنة وعلاقتها بمرض «كوفيد 19»، أكدا أن السمنة في الإمارات تعتبر مصدر قلق صحي شائعاً، خصوصاً بين الذكور، حيث يُعاني ٪27 من الذكور الإماراتيين من زيادة الوزن و30% من السمنة مقارنة بـ ٪23 و٪10 من النساء، على التوالي. ويرجع ذلك للتغير السريع في نمط الحياة خلال الثلاثين عاماً الماضية.

وأوضحت أنه تم تقسيم مرضى «كوفيد 19» إلى 3 مجموعات وفقاً لمؤشر كتلة الجسم: العجاف (مؤشر كتلة الجسم 18.5-24.9 كجم / م 2)، الوزن الزائد (مؤشر كتلة الجسم 25-29.9 كجم / م 2)، والسمنة (مؤشر كتلة الجسم 30.0 كجم / م 2 وما فوق). ومن ثم تم تقسيم فئة المرضى الذين يعانون من السمنة إلى فئات مختلفة، وفقاً للتصنيف العالمي لمركز السيطرة على الأمراض (CDC): الفئة الأولى (مؤشر كتلة الجسم من 30 إلى 34.9 كجم / م 2)، الفئة الثانية (مؤشر كتلة الجسم من 35 إلى 39.9 كجم / م 2)، والفئة الثالثة (مؤشر كتلة الجسم 40 كجم / م 2 أو أعلى).

مؤشر

وقالت الدكتورة هناوي: بعد تقسيم مرضى «كوفيد 19» وفقاً لمؤشر كتلة الجسم (BMI) اتضح أن متوسط مؤشر كتلة الجسم لمرضى «كوفيد 19» هو 29 (± 6.2) كجم / م 2 وقد تم استخدام هذه القيمة كحد قاطع لمقارنة المرضى السمان الذين يعانون من أمراض مزمنة مع أقرانهم السمان والذين لا يعانون من أمراض مزمنة. ومن ثم تم فحص النتائج السريرية المختلفة للمرضى كالأعراض الإكلينيكية، خطورة مرض «كوفيد 19» من الناحية الإكلينيكية، وجود الأمراض المزمنة، الحاجة لرعاية العناية المركزة، والتنفس الصناعي، نسبة حدوث كل من متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، والصدمة الإنتانية، ونسبة الوفاة. ومن ثم تم دراسة العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم وجميع أعراض «كوفيد 19». وخلصت الدراسة إلى أن وجود الأمراض المزمنة وارتفاع مؤشر كتلة الجسم يعملان بشكل متآزر للتأثير على النتائج السريرية لـ«كوفيد 19».

أمراض مزمنة

بينت الدكتورة سعاد هناوي أن دراسة أظهرت أن المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة من الدرجة الثانية هم الأكثر إصابة بمختلف الأمراض المزمنة مقارنة بالمجموعات الأخرى. وقد كان ارتفاع ضغط الدم من أهم الأمراض المصاحبة للسمنة، كما أظهر المرضى الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم أعلى من المتوسط مع وجود أمراض مزمنة مصاحبة قابلية أكبر للحاجة لرعاية وحدة العناية المركزة مقارنة بالمرضى الذين يقل مؤشر كتلة الجسم عندهم عن القيمة المتوسطة ولديهم أمراض مزمنة مصاحبة (بنسبة 21.7 ٪ مقابل 9.2٪)، كما كانوا أكثر عرضة لمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة (21.7٪ مقابل 10.53٪)، الحاجة للتنفس الصناعي (8.3٪ مقابل 1.3٪)، وزيادة الوفيات (10٪ مقابل 1.3٪).

Email