الأحداث الواردة في ما يلي متخيّلة..

«جورج الفضولي في الزنزانة». كان عنوان القصة منصصاً بالأحمر، فيما غلافها يحمل صورة القرد وذيله يتدلى من خارج قضبان شباك الزنزانة الضيق.

وقد بدت علامات الحزن على ملامحه. لم يكن ينظر إلى الخارج، بل ملتفتاً الى داخل الزنزانة، يوحي أن مصدر ألمه كامن فيها. أقلّب أوراق الكتاب، تحت نظرات بترا التي كانت تتهيأ للتأثر، بينما ديفيد كان قد سار بعيدا إلى حجرة رفع عليها ملصق «الأرشيف اليهودي في المتحف العراقي.. الآن في سان فرانسيسكو لسبعة أيام فقط».

«ألا تذكّرك هذه القصة قليلاً بقصة القطة التي تجتاح قرية الفئران، هل تعرفها؟»، تقول بترا، أهز رأسي موافقا، بينما أتفرج على وقائع القصة المصورة، منذ أن تهجم الدبابة على القرية التي يلهو فيها القرد مع الأطفال، وصولا الى الزنزانة التي جمعته بأسيرة وطفلتين:

«أخاف أن يموت النور في عيونهما، إنهم يمنعوننا يا جورج من إبصار النور. طفلتاي صغيرتان، لا ذنب لهما، يتهمونني بالشغب، ويتهمان رضيعين بإمكانية الشغب في المستقبل. هل تصدق هذا؟

يا الله، ان فقدتا البصر، أوصيك يا جورج أن تفقأ عيني، لا أريد أن أراهما على هذا الشكل»، تقول الأم. يواسيها القرد. يقدم لها موزته الشهيرة. يشير إلى دراجته المحتجزة في الخارج، بما يعني أنه سيجد طريقة لكي يهربهم جميعا من الزنزانة، تمضي أحداث القصة.

ونعرف أن اسم الأسيرة خولة زيتاوي. قصة أخرى تسمى «خف الأميرة» تتحدث عن الطفلة ماريا التي تبكي ليلة الميلاد وحيدة في مستشفى «مدينة الين» في القدس، فيقرر جورج أن يذهب الى بلاد «بابا نويل»، ويحصل لها على الخف السحري الذي سيمكنها مجدداً من المشي. فماريا مشلولة منذ العام 2006، حين أصاب صاروخ اسرائيلي سيارة عائلتها، فماتت أمها وجدتها.

ومات أخوها وخالها. قصة ثالثة باسم «طبشورة الفرح»، تروي حكاية الطبشورة المسحورة التي تكتب على اللوح أسماء الأطفال الذين قتلوا في غرف الصفوف في مدارس فلسطين، فيعودون إلى الحياة، ما إن يقوم القرد بنقع الطبشورة في سائل استخلصه من نبات نادر ينمو في أدغال البرازيل:

«هل تعرف أن مارغريت وأتش ايه، مبتكرا هذه الشخصية، كانا يمتلكان بيتا في البرازيل في ثلاثينات القرن الماضي، كانا يحتفظان فيه بالكثير من الحيوانات الأليفة، وهذا الشغف هو الذي كان المحرك الأول لهما حين بدآ كتابة قصص القرد جورج»، تلاحظ ايزادورا تأثري: «عيسى زكري، ماريا أبو سريس، رهام ورد.. هذه القصة مهداة لأرواحهم»، اقرأ على الغلاف الخارجي.

قصة رابعة عن الطفلة دعاء عبدالقادر، في الصف الثامن الابتدائي، والتي بقي مقعدها الدراسي فارغا في مدرسة الخواجا بعد ان غادرته للمرة الأخيرة لرؤية جدار الفصل العنصري فعادت جثة هامدة. هناك يحذرها جورج الذي يكون ممتطيا الجدار من الخطر القادم، لكن محاولتها فك عقدة طائرة ورقية علقت بالجدار، تلهيها عن تحذيراته فتموت.

في نهاية الرواق، رفعت لوحة كبيرة كتب عليها بالانجليزية: «قصص ما قبل النوم، أطفال فلسطين يستحقون الحكاية»! (انتهت السلسلة)