كثيراً ما تحدث الفنانون عن علاقة الإطار باللوحة، وتباينت الآراء بين «مع وضد» وفق رؤية، وفلسفة معينة، فالإطار بحسب البعض يكمل العمل الفني ويزيد من جماليته، أو يقلل منها. والبعض الآخر يرى أن العمل الفني يجب أن لا يحد بإطار وإنما يجب أن تأخذ أبعاده المدى الذي تحددهُ عين المشاهد، بما تصوره له ثقافته وخياله الخاص.
ونادي العديد من الفنانين بأن يتحرر العمل الفني كله من مفهوم مساحة القماش، أو غيره، من الخامات. وهنا قدم الفنانون أعمالهم بطريقة غير تقليدية بدت غير مقبولة من قبل الجمهور، كسروا من خلالها تقاليد قرون مرت، وذهبوا باللوحة أبعد من الإطار، وأبعد من كل المفاهيم التي كُرست عبر التاريخ. وفيها تطور الإطار بتطور الأساليب ما بين الكلاسيك، و«الكركوو»، إلى الإطارات الخالية من التعقيد والتي تعكس التفاصيل الكثيرة التي تخلى عنها الفنانون.
التمرد الحاصل على الإطار لم يرتبط بالتخلي عن اللوحة التقليدية أحياناً، لأن بعض الفنانين تبنوا فكرة معينة، بأن الإطار يحد اللوحة و يحجم تكوينها، وربما يشوش على إبداعها باعتبار أن الإطار هو حالة فنية وإبداعية قد يحمل الكثير من الزخرفة.
والأشكال الجميلة، التي قد تبدي اللوحة بمظهر المتواضعة الإمكانيات، فما كان من بعضهم إلا أن قدم لوحاته هكذا مفتوحة للمدى الذي لابد أن ينتهي في الفراغ عند نقطة معينة، فالعين لا يمكنها أن ترى أبعد مما هو مرسوم لها، وعندما يحدث حالات لا تفسر الرؤية، يكون الخيال قد لعبت لعبته، وأوحى للمتأمل ما هو غير موجود في الواقع.
هذا التمرد على الإطار، يقابله تمرد مماثل على كل الأطر الأخرى التي تحتمل معانيها اللغة، لقد خرجت الحالات الاجتماعية والإنسانية الأخرى، خارج الإطار الذي رسم لها عبر التاريخ، وهكذا تناغمت الحالات في عصر التمرد على المألوف و المعهود، باتجاه ما يعتبره البعض فوضى، و هو ما لم يجد له النقاد تسمية.
وهكذا كما رفد المفاهيم الفنية حالات غير قابلة للتفسير، والتأويل رفدت الحياة بظواهر وأمور خارج إطار المألوف، وما زالوا يبحثون لها عن وصف يتناسب معها كما يحدث في بعض الأعمال الفنية التي لم تجد ما يفسرها، وهذا ما يؤكد باستمرار أن التغيير الحاصل في الفن، يتناسب مع التغيير الذي يحرك الحياة كلها.
