من لا يعرف قصة روميو وجوليت للكاتب البريطاني وليم شكسبير، ومن قبلها بكثير قصة عنترة وعبلة، وقيس وليلى، ولكن هذه القصص لم تكن من خيال المؤلف إنما كانت واقعية، وكانت المحرك الأساسي ليسطر عنترة وقيس الكثير من الأشعار التي حفظها تاريخ الشعر العربي، وقصص الحب الفاشلة كثيرة في تاريخ الأدب وفي الواقع أيضا، ولم تقل شهرتها عن الذي حملته الروايات والمسرحيات، بل وتتشابه أن أكثر ما يحول دون زواج العاشقين، هو التباين بالوضع الاجتماعي، والطبقي بين الرجل والمرأة، أو الاختلاف العرقي والديني بينهما.
لماذا يقدم الأدب هنا نوعا من التطابق الحقيقي مع الحياة، ربما لإدراك الكاتب، أن هذا النمط هو الذي يبقى في الذاكرة، فالنهاية التراجيدية لقصص الحب، هي الواردة بينما لا نجد في النهايات السعيدة مادة للإبداع، وهذا ما يتناسب مع الاعتقاد القديم، الذي يعود إلى زمن اليونان، بأن المأساة في الأدب هي التي تتفوق على الملهاة.
وهنا تكون النهايات السعيدة، أمر باهت يمر مرور الكرام، بينما نجد أن الحزن والألم يطرح الكثير من الإشكاليات الوجودية، بل ويكون المحرك الأساسي للكثير من الكتُاب والشعراء والفنانين بشكل عام، فكل الأساليب الإبداعية بتفاصيلها تحاول أن تجسد وتستوعب ، حالات الحزن، خاصة وأن الحزن يفجر أسبابه ويهاجم القلب، لتصبح العبارات والكلمات عاجزة في الكثير من الأحيان أن تمنح السامع معانيها.
ولهذا تكون القصص العاطفية مادة تستوعب هذا الألم، لما يجسده من حالات تتشابه بين المشرق والمغرب بعيدا عن التقاليد المختلفة بين الشعوب، التي جسدت في أدبها أو قصصها الشعبية، أو حتى في الأفلام المطروحة الكثير من قصص الحب، ولابد أن يضاف الفاشلة أحيانا، والبعض تخيلها إن نجحت بعد دورة حياة طويلة، كما فعل غابرييل غارسيا ماركيز في روايته (الحب في زمن الكوليرا) لابد أن تنتهي نهاية مأساوية.
حيث وباء الكوليرا يحيط المحبوبان اللذان تزوجا في سن متأخرة بعد أن خاض كل على حده حياته الشخصية، ومر جزء كبير من العمر.
لم يقف خوض هذه القصص التي لم تكتمل، عند أحد، ومازالت تتجلى في حياة المبدعين، وتترك آثارها على القصيدة، أو الكتابة الروائية، أو الفن. وهذا ما يبرهن على أن المشاعر المتقدة لم تعد موجودة، وتلك القصص الشهيرة التي حفظها التاريخ، ربما لن يحملها العصر لما يمتلكه من طبيعة عملية، أكثر منها عاطفية.
ولكن إن بحث كل منا في تفاصيل أيامه التي مرت لابد أن يتذكر قصص حب انتهت بانتهاء تلك الأيام، وكل ما تركته الآن، لا يتعدى انحناءة إجلال لتلك الذكرى، ليتسارع من بعدها كل شيء من حولنا، وتبقى تلك القصص المتقدة بعيدة، وساكنة في قصص تبدو كالأساطير.
Abeer_younes@hotmail.com
