يحفل شهر رمضان المبارك لهذا العام بالكثير من الأنشطة والمعارض، مثل المعرض الوطني الرابع للفنون التشكيلية والمقتنيات، الذي ينظمه نادي ضباط القوات المسلحة في أبوظبي، ومعرض في رحاب التاريخ التي تنظمه مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون بالتعاون مع هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وفعاليات أخرى في إمارات الدولة المختلفة.
وهذا ما يدل أن الشهر يحتمل الكثير من الأنشطة، بعد أن كانت الكثير من الجهات تجمد أنشطتها إلى ما بعد انتهاء هذا الشهر الفضيل. ومن الملفت أن الأنشطة تحاكي البصر وتستهدفه، لتعيد للذاكرة كيف كان العرب يكرسون للفنون البصرية، ويختزلونها بما يشبع الروح،
وبهذا المجال فقد برعوا في مجال الزخرفة التي بقيت شاهداً حتى عصرنا الراهن، تزين القصور، والمساجد، وبعض الكتب، وهذا ما نجده يكرس في المعرضين، لما فيهما أحيانا من إعادة لفنون الماضي مثل ما يقدم في مجال الخط العربي، وما يزينه من زخرفة، فما يخصصه المعرض الوطني الرابع للفنون التشكيلية، في بعض أروقته من مقتنيات تعود إلى عهود الدولة العباسية،
أو لوحات الخط العربي، أو ما يعرضه الدكتور عبداللطيف كانو من مقتنيات ومخطوطات قديمة تعكس عهود الدولة العربية، يجعلنا نسأل هل هي وقفة تاريخية ؟ تؤكد من جديد أنه لدينا ما يميزنا عن غيرنا، تبرهن باستمرار خصوصية الأعمال العربية، التي بقيت تسيطر حتى الآن على الأعمال الفنية وغيرها، سواء من تجسيد للمكان من ناحية الشكل والموضوع،
أو من ناحية اللون الحار الذي تتميز به المنطقة العربية، حتى انه يقال ان الفنان السوري المغترب عمر حمدي قد حقق ما وصل فيه إليه من شهرة، بفضل مزجه بين ما يرسمه من تجريد مع ألوان الشرقية الحارة، التي يفتقدها الغرب في الكثير من الأحيان بسبب طبيعة مناخهم،
فكل ما كرسه حمدي بطريقة لاشعورية، استوحاه من حرارة الشرق، الذي ترعرع به، وهذا لم يتكرر في أعمال حمدي فقط إنما تكرر في أعمال الكثيرين من الفنانين المعاصرين، ليبقى بصمة تميز الفنان المعاصر الشرقي، فالمكان وما رأته العين واختزنته الذاكرة يترجم فناً بطريقة شعورية أو لا شعورية.
أما ما تركه العرب من أعمال زخرفة، فإنها تبرهن على أنهم عملوا على تجريد الشكل وهذا ما يعيد للذهن أن التجريد، له جذور ضاربة في التاريخ الفني،و منها الزخرفة، أما الخط العربي فله جمالية منفصلة عن معانيه، فحركاته وانسيابيته،
وانعطافه، تجعله يحلق في فضاء اللوحة يصنع مركزها ونهايتها بما تفرضه قواعده. و إن كنا نستعرض هذه الأمثلة، فما ذلك إلا برهان جديد، على الطابع الخاص الذي يميز الفن العربي، حتى وإن اختلط بالأساليب الغربية، واتجاهاتها.