2025 يشهد أكبر قفزة سنوية لأسعار النحاس منذ عام 2009

كاميلا هودجسون

يتجه النحاس نحو تسجيل أكبر ارتفاع سنوي في أسعاره منذ أكثر من عقد بنهاية 2025، حيث أسهمت الرسوم الجمركية الأمريكية، واضطرابات سلاسل التوريد، والمخاوف من نقص عالمي، في ارتفاع حاد بنهاية العام.

وقد ارتفع سعر المعدن الأحمر إلى مستوى قياسي تجاوز 12 ألف دولار للطن في ديسمبر، وارتفع بأكثر من الثلث في عام 2025، مسجلاً بذلك أكبر قفزة سنوية منذ عام 2009، عندما قفزت أسعار النحاس بأكثر من 140% مع تعافي العالم من الأزمة المالية.

ويتوقع المحللون أن يتجاوز الطلب على هذا المعدن الصناعي المعروض منه بحلول عام 2030، وأن تبقى الأسعار مرتفعة خلال العام المقبل. ويتزايد الطلب على النحاس نتيجة للتحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكهربة المركبات

والنمو المتسارع في بناء مراكز البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي. ويأتي ذلك في مرحلة تشهد فيها مناجم النحاس القديمة تراجع إنتاجيتها، كما أن تشغيل مناجم جديدة مكلف للغاية ويستغرق سنوات.

وقالت ناتالي سكوت-غراي، كبيرة محللي الطلب على المعادن في شركة الوساطة السلعية ستون إكس، إن استمرار ارتفاع الأسعار قد يدفع بعض المصنّعين إلى اختيار بدائل أرخص، أو قد يؤثر سلباً على الطلب في مجالات تُعتبر أقل أهمية، مثل خفض الانبعاثات الكربونية.

وأضافت أن ارتفاع الأسعار كان جزءًا من مجموعة عوامل اجتمعت هذا العام، بما في ذلك تخفيف حدة التوترات بين الولايات المتحدة والصين، والحديث عن اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات.

وقال أليستر مونرو، استراتيجي المعادن الأساسية في مجموعة الخدمات المالية ماركس، إن العديد من المشاركين في السوق «يتحدثون عن عجز هيكلي في النحاس بدءاً من عام 2026».

وارتفع سعر النحاس القياسي في لندن إلى مستويات قياسية منذ أكتوبر، بعد أن أثارت حوادث كبيرة في ثلاثة من أكبر مناجم العالم مخاوف من نقص الإمدادات. وقد خفضت العديد من شركات التعدين الكبرى توقعاتها للإنتاج في الأسابيع الأخيرة.

وشهد هذا العام أيضاً تدفق كميات هائلة من النحاس إلى الولايات المتحدة، حيث سارع المستوردون إلى استيراد المعدن قبل فرض إدارة ترامب رسوماً جمركية على النحاس.

وظهرت فجوة غير مسبوقة بين سعر النحاس القياسي في لندن وسعره في بورصة كومكس الأمريكية، مع انتشار شائعات حول رسوم جمركية محتملة،

حيث سعى التجار إلى تحقيق الأرباح من هذا الفرق عن طريق شراء النحاس من بورصة لندن للمعادن وبيعه في كومكس. وفي مفاجأة للأسواق، استثنت الرسوم في نهاية المطاف كاثود النحاس الذي كان يتدفق بغزارة إلى البلاد.

لكن كومكس لا تزال تشهد تداولات بسعر أعلى من سعر لندن، مما يعكس المخاوف من أن تفرض الحكومة الأمريكية رسومًا جمركية إضافية العام المقبل، وفقاً للمحللين.

وقال ألبرت ماكنزي، محلل النحاس في شركة «بنشمارك مينيرال إنتليجنس»، إن الأسواق تتفاعل مع «حالة من التفاؤل المفرط ومخاوف بشأن الإمدادات» أشعلتها وفرة النحاس في الولايات المتحدة.

وقد ارتفع حجم المخزون في مستودعات كومكس إلى مستوى قياسي تجاوز 400 ألف طن، بينما انخفضت المخزونات في شبكة بورصة لندن للمعادن العالمية بشكل ملحوظ هذا العام

حيث تراجعت مخزونات بورصة لندن للمعادن في أوروبا إلى أقل من 20 ألف طن. وأضاف ماكنزي: «إن النقص الذي نشهده حالياً هو نقص إقليمي، وليس عالمياً، بسبب هذه المخزونات في الولايات المتحدة».

وفي نهاية نوفمبر - وهي أحدث البيانات المتاحة - كان 85% من النحاس في مستودعات بورصة لندن للمعادن من أصل صيني، وهو غير مؤهل للتسليم إلى مرافق كومكس الأمريكية. ومع ذلك، قال أحد تجار المعادن «إنهم وغيرهم ما زالوا يشحنون كميات إلى الولايات المتحدة نظراً لارتفاع الأسعار المحلية.

وأشاروا إلى أن إحدى طرق مواصلة هذا التوجه هي «استبدال» المواد الصينية بمواد مؤهلة للتداول في بورصة كومكس، مصدرها جهات أخرى، مثل البائعين في الشرق الأوسط. وأضافوا أن هذا التوجه من المرجح أن يستمر حتى عام 2026، وأن يؤدي إلى نقص في المعروض خارج الولايات المتحدة.

وقالت أليس فوكس، استراتيجية السلع في مجموعة ماكواري، إن أسعار النحاس «ستبقى قوية» حتى عام 2026، على الرغم من تباطؤ نمو الطلب في الصين، أكبر مستهلك للنحاس في العالم. وقد رافق ارتفاع النحاس انتعاش مستمر في أسعار المعادن النفيسة، ما رفع أسعار الذهب والفضة إلى مستويات قياسية.

وارتفعت أسعار الذهب بنحو 70% هذا العام لتتجاوز 4400 دولار للأونصة، مسجلة أفضل أداء سنوي لها منذ عام 1979، حيث يسعى المستثمرون إلى ملاذ آمن من المخاطر الجيوسياسية وتراجع قيمة الدولار. وتجاوزت أسعار الفضة حاجز 80 دولاراً للأونصة يوم الاثنين لأول مرة، قبل أن تتراجع بنحو 5% مع استقرار السوق بعد ارتفاع حاد في الأسابيع الأخيرة.