سارة وايت - باربرا موينز - جورج باركر
قررت واشنطن منع المفوض الأوروبي السابق تيري بريتون وأربعة أشخاص آخرين من دخول البلاد لما وصفته بـ«الرقابة» والإكراه على منصات التواصل الاجتماعي الأمريكية. ورد تيري بريتون متسائلاً عما إذا كانت حقبة الخمسينيات الأمريكية من «حملات مطاردة الساحرات» ضد المشتبه بانتمائهم للشيوعية قد عادت.
وجاء حظر التأشيرات على خمسة أوروبيين في إطار حملة قوية من الانتقادات والتهديدات من جانب إدارة ترامب في مواجهة قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي، الذي يُلزم شركات التكنولوجيا الكبرى بمراقبة المحتوى على منصاتها بشكل أكثر صرامة، وقانون الأسواق الرقمية، الذي يهدف إلى الحد من نفوذها.
وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال في مؤتمر صحفي: «لفترة طويلة جداً، قاد أصحاب الأيديولوجيات في أوروبا جهوداً منظمة لإجبار المنصات الأمريكية على معاقبة وجهات النظر الأمريكية التي يعارضونها.
لذلك، تتخذ الولايات المتحدة خطوات لمنع الشخصيات البارزة في مجمع الرقابة الصناعية العالمي من دخول الولايات المتحدة. ونحن على استعداد تام لتوسيع هذه القائمة إذا لم يتراجع الآخرون عن موقفهم».
وكان بريتون مفوض الاتحاد الأوروبي للأسواق الداخلية خلال الفترة من عام 2019 إلى عام 2024. وقالت سارة روجرز، وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية، إنه مُنع من السفر لكونه العقل المدبر لقانون الخدمات الرقمية، ولسلوكه حين أخبر إيلون ماسك، مالك شركة إكس، بضرورة الامتثال لقواعد المحتوى غير القانوني. وأضافت روجرز أن الأشخاص الآخرين الخاضعين للعقوبات ينتمون إلى «منظومة الرقابة والمنظمات غير الحكومية».
وقالت المفوضية الأوروبية إنها «تدين بشدة» حظر السفر الأمريكي، وطلبت توضيحات من واشنطن. وتعهدت «بالرد بسرعة وحزم للدفاع عن استقلاليتها التنظيمية ضد الإجراءات غير المبررة».
وأضافت: «الاتحاد الأوروبي سوق موحدة مفتوحة وقائمة على القواعد، وله الحق السيادي في تنظيم النشاط الاقتصادي بما يتماشى مع قيمنا الديمقراطية والتزاماتنا الدولية».
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن العقوبات عمل «ترهيب» ضد السيادة الرقمية الأوروبية. وأضاف: «تم اعتماد اللائحة الرقمية في ختام عملية ديمقراطية وسيادية من قبل البرلمان الأوروبي والمجلس.
وهي تُطبق في أوروبا لضمان المنافسة العادلة بين المنصات، دون استهداف أي دولة ثالثة، ولإنفاذ القواعد المطبقة بالفعل على أرض الواقع عبر الإنترنت».
كما حظرت واشنطن أربعة أشخاص من منظمات غير ربحية تعمل على كشف المحتوى المزيف أو العنيف أو خطاب الكراهية على الإنترنت. وهم: عمران أحمد، رئيس مركز مكافحة الكراهية الرقمية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة؛ وكلير ميلفورد، رئيسة مؤشر التضليل العالمي في لندن؛ وآنا لينا فون هودنبرغ، مؤسسة منظمة «هيت أيد» في برلين؛ وجوزفين بالون، الرئيسة المشاركة للمنظمة.
ويرتبط عمران أحمد بعلاقات وثيقة مع مورغان ماكسويني، رئيس ديوان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي وصفه بأنه «صديق عزيز للغاية».
وساعد ماكسويني أحمد في تأسيس مركز مكافحة العنصرية ومعاداة السامية والمحتوى المتطرف على الإنترنت، وشغل منصب مدير في المنظمة من عام 2018 إلى عام 2020. وأكد أحد المقربين من ماكسويني أن الرجلين كانا يعرفان بعضهما، لكنه نفى وجود أي علاقة مهنية مستمرة بينهما.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية: «تلتزم المملكة المتحدة التزاماً تاماً بدعم الحق في حرية التعبير. وبينما يحق لكل دولة وضع قوانينها الخاصة بالتأشيرات، فإننا ندعم القوانين والمؤسسات التي تعمل على حماية الإنترنت من المحتوى الأكثر ضرراً.
ويجب عدم استخدام منصات التواصل الاجتماعي لنشر مواد للتحريض على الكراهية والعنف، أو نشر معلومات ومقاطع فيديو مزيفة لهذا الغرض».
وبالمثل، صرّح يوهان فاديفول، وزير الخارجية الألماني، في تصريح له على منصة «إكس» بأن الإجراءات العقابية، بما في ذلك تلك المتعلقة برؤساء منظمة «هيت أيد» غير مقبولة.
وتطالب إدارة الرئيس دونالد ترامب بتعديلات على قوانين الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالتكنولوجيا، وهددت بفرض رسوم جمركية رداً على إجراءات الاتحاد ضد شركات وادي السيليكون، فيما أكدت المفوضية الأوروبية من جانبها أن لوائحها التقنية غير قابلة للتفاوض وتُطبق بموضوعية.
وخلال الأشهر الأخيرة، فتحت المفوضية تحقيقات في هيمنة أمازون ومايكروسوفت على قطاع الحوسبة السحابية، وأطلقت تحقيقات في نماذج الذكاء الاصطناعي لشركتي جوجل وواتساب التابعة لشركة ميتا، وفرضت غرامة قدرها 120 مليون يورو على شركة إكس التابعة لإيلون ماسك لانتهاكها قواعد الشفافية الرقمية.