مصنعو السيارات يستنسخون تجربة الصين لتسريع طرح الطرازات الجديدة

كانا إيناغاكي - سارة وايت - ديفيد كيهان - غلوريا لي

أشعلت المنافسة بين شركات صناعة السيارات الغربية ونظيراتها الصينية سباقاً محموماً في جميع أنحاء القطاع للوصول إلى أسرع وتيرة في تطوير المركبات دون المساس بالسلامة.

وفي مسعى لمضاهاة السرعة والتكلفة الصينية، اختارت شركة فورد شركة رينو شريكاً لها لإنتاج سيارات كهربائية صغيرة في أوروبا، بعد أن نجحت الشركة الفرنسية في تقليص مدة تطوير طرازاتها الجديدة إلى النصف، أي أقل من عامين.

كما قلصت شركة فولكس فاجن الألمانية دورة تطوير سياراتها الكهربائية الجديدة المنتجة في الصين بنسبة 30 % مقارنةً بالعملية التقليدية التي تستغرق ما يزيد قليلاً على أربع سنوات.

وأطلقت نيسان سيارتها السيدان الكهربائية الجديدة «إن 7» N7، التي يقل سعرها عن 20 ألف دولار، في الصين هذا العام بعد تطويرها بالتعاون مع شريكها المحلي دونغفنغ في غضون عامين تقريباً. وسيتم تصدير هذا الطراز إلى أسواق أخرى ابتداءً من العام المقبل.

وأكد مسؤولون تنفيذيون عالميون في قطاع السيارات أن السرعة باتت ضرورية لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، وتغير أذواق المستهلكين، واضطرابات سلاسل التوريد الناجمة عن النزاعات الجيوسياسية.

مع ذلك، حذر آخرون من صعوبة الموازنة بين التطوير السريع وأولويات السلامة الأساسية. وصرح جيريمي بابين، المدير المالي لشركة نيسان، بأن التطوير السريع «ضروري للغاية»، لا سيما للشركات التي تفتقر إلى الحجم الكبير. وأضاف: «هذه هي الطريقة الأمثل لبناء سيارة تنافسية من حيث التكلفة، لأن ذلك يقلل الوقت المُستغرق في الهندسة، وبالتالي يخفض التكلفة».

ومع ذلك، شدد بابين على وجود فترة «لا يمكن اختصارها» تبلغ حوالي 12 شهراً، ينتقل خلالها المهندسون من المرحلة الرقمية إلى المرحلة المادية لإعداد السيارة.

وللاقتراب من متوسط دورة التطوير في الصين، والتي تتراوح بين 18 و20 شهراً، اتجهت شركات صناعة السيارات التقليدية إلى الأدوات الرقمية للتصميم والاختبار الافتراضيين. لكن التغيير الأكبر، بحسب المسؤولين التنفيذيين، كان ثقافياً:

التعلم من الصينيين لتحقيق سرعة ومرونة أكبر. وقال جيم بومبيك، رئيس فورد في أوروبا، إن شركة «بي واي دي» وغيرها من شركات صناعة السيارات الصينية حققت السرعة باستخدام قطع غيار أكثر شيوعاً.

ورغم أن طرازاتها الجديدة قد لا تبدو مختلفة كثيراً عن الإصدارات السابقة، إلا أن التغييرات الأهم تكمن في البرمجيات والتقنيات الرقمية الأخرى.

وأضاف بومبيك: «يكمن جوهر التغيير الحقيقي وسرعة الإنجاز في الجمع بين إعادة الاستخدام الذكي والتشابه، وتعزيز التغيير بالبرمجيات والتقنيات الرقمية، ووضوح المنتج النهائي».

وبالنسبة لشركة رينو، تعد السيارة الجديدة توينجو الكهربائية بالكامل، والمقرر طرحها في عام 2026، أول نتاج لعملية تصميم جديدة أطلقتها الشركة من خلال وحدة في شنغهاي. ويضم مركز التطوير الصيني المتقدم حوالي 150 مهندساً محلياً ومتخصصاً آخر لمساعدتها على تسريع وتيرة العمل.

قال فيتوريو دارينزو، أحد المديرين التنفيذيين في وحدة سيارات رينو الكهربائية «أمبير»: «منذ لحظة تصميم قطعة ما ورؤيتها بين يديك، تسير الأمور وفق مسار محدد في أوروبا.

فعليك التواصل مع المورد، وتقديم عرض، وقد يستغرق هذا من شهر إلى ثلاثة أشهر. أما في الصين، فالموردون معتادون على تصنيع القطع في الموقع، لذا يستغرق الأمر نصف الوقت».

وتم جلب حوالي 45 % من القطع من الصين. وعمل المهندسون والمصممون على أجزاء مختلفة من السيارة في الوقت نفسه، بينما بدأت رينو في الوقت ذاته بتجهيز خط التجميع في سلوفينيا.

وفي مرحلة ما، قرر فريق رينو أنه غير راض عن تصميم مقبض باب داخلي. وقال فيتوريو دارينزو: «كنت أعلم أن المورد سيضغط على الزر ويبدأ في تصنيعه خلال ثلاثة أيام، لذلك لم يكن هناك وقت لإعادة مناقشة كل شيء مع كل مدير على جميع المستويات».

وبدلاً من ذلك، لجأ أعضاء الفريق إلى رسائل واتساب من مختلف البلدان لإجراء التغييرات. وأضاف: «سمح لنا هذا المستوى من السرعة والتنسيق المثالي بإصلاح الأمور التي أردنا تحسينها. وفي نهاية المطاف، تم تطوير سيارة توينغو في غضون 21 شهراً.

وسيكون تطوير سيارة داسيا هيبستر الصغيرة الجديدة، باستخدام المنصة نفسها، أسرع بكثير، حيث سيستغرق 16 شهراً فقط. وقال فرانسوا بروفوست، الرئيس التنفيذي لشركة رينو: «نحن بحاجة إلى دفعة قوية لنكون قادرين على المنافسة مع الصينيين في أوروبا».

ولتحقيق السرعة، يتجه مصنعو السيارات بشكل متزايد إلى استخدام الأجزاء والتقنيات الموجودة لدى الموردين، حتى لا يحتاجوا إلى اختبارها من الصفر. لكن الاستخدام المتزايد للموردين الصينيين مثير للجدل بالنسبة للعديد من المجموعات التي اعتمدت لفترة طويلة على العلاقات التقليدية مع شبكة واسعة من الموردين في سوقها المحلي.

وقال بابين من شركة نيسان:«ما نحاول القيام به عالمياً مستوحى الآن بشكل كبير مما نختبره في الصين». يتطلب الأمر تغيير أساليب العمل، إضافة إلى تقبل حقيقة ضرورة تحمل المزيد من المخاطر لتقليل وقت تطوير السيارة.

وقال ستيفن داير، الشريك في شركة الاستشارات أليكس بارتنرز في شنغهاي، إن شركات صناعة السيارات الصينية، بصفتها وافدة جديدة، كانت أكثر استعداداً لابتكار أساليب عملها وتحمل المخاطر.

فإضافة إلى الهيكل التنظيمي الأقل هرمية وبنية السيارة الأبسط، كان هناك تركيز أقل على اختبارات المتانة. تجري شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية اختبارات متانة تغطي في المتوسط 600 ألف كيلومتر فقط لكل سيارة، مقارنة بـ3 ملايين كيلومتر التي تتطلبها شركات صناعة السيارات الأجنبية عادةً، وفقاً لبحث أجرته شركة أليكس بارتنرز.

كما تبدي هذه الشركات انفتاحاً على إصلاح مشكلات البرمجيات العالقة وإضافة ميزات جديدة عبر التحديثات اللاسلكية، في حين تتردد شركات صناعة السيارات التقليدية في المخاطرة بسمعتها.

وتنتظر بدلاً من ذلك حتى يتم التحقق من كل شيء بشكل كامل قبل الإطلاق، حسبما ذكر ستيفن داير. وأضاف داير أن الشركات الصينية «قد تقدم على الإطلاقات الجديدة قبل اكتمال جميع عمليات التحقق من أجل الالتزام بمواعيد الإطلاق». وتابع: «في صناعة تعتمد على البرمجيات وتتسم بالمرونة العالية، فإن التأخير في الإطلاق يعني أن تقنيتك قد تتقادم بالفعل».