إلا أن حجم الزيادة يختلف، فقد ضاعفت مايكروسوفت إنفاقها الرأسمالي للمنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، وزادت ألفابت وأمازون وميتا إنفاقها ثلاث مرات، أما أوراكل فقد رفعت إنفاقها أحد عشر ضعفاً.
وشهدت أمازون، حيث تتسم التدفقات النقدية بتقلبات مستمرة، انخفاضاً حاداً أيضاً، وأخيراً بدأت أوراكل في استنزاف سيولتها النقدية بشكل كامل.
لذلك نرى أن الأسواق، بدلاً من ضخها الأموال بشكل عشوائي في شركات الذكاء الاصطناعي وشركات التكنولوجيا الكبرى، تجري تمييزات تبدو قائمة على توليد السيولة النقدية، ويستمر هذا الأمر في البروز مؤخراً، حيث تراجعت أسهم أوراكل بشدة، بينما تعاني أسهم ميتا، وقد أبدت أسهم ألفابت مرونة نسبية.
ويعود ذلك جزئياً إلى بيعها بأقل من قيمتها الحقيقية سابقاً، بسبب المخاوف بشأن مستقبل أعمال البحث، وقد يستغرب البعض عدم تأثر أسهم أمازون بشكل أكبر، بالنظر إلى انخفاض التدفقات النقدية الحرة، لكنها كانت دائماً تعطي الأولوية لإعادة الاستثمار على الربح.
يرى جيسون توماس من شركة «كارلايل» أن ذلك محتمل، ويقول، إن الشركات الخمس قد انتقلت من نموذج برمجيات خفيف الأصول يستحق تقييماً عالياً إلى نموذج أقرب إلى النموذج الصناعي، لكنها لا تزال تقيم بنفس الطريقة.
لكن مع نسب السعر إلى القيمة الدفترية الحالية، فإنه عندما تستحوذ هذه الشركات على أصول مراكز بيانات بقيمة 100 مليون دولار يطلب من المساهمين فعلياً دفع مليار دولار، في المتوسط، مقابل عملية الشراء، فهل هذا منطقي بالمرة؟
فإن القيمة السوقية لهذه الشركات ستكون بنصف قيمتها الحالية تقريباً، وربما يكون هذا افتراضاً تقييدياً للغاية، لكنه يوفر إطاراً للتفكير في التقييمات في عصر باتت فيه الشركات التي كانت تعتبر «افتراضية» سابقاً بحاجة إلى الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة للعصر الصناعي، مثل استغلال الطاقة الإنتاجية ومعدلات الاستهلاك.
لقد هيأت نفسها جيداً للاستفادة من صعود الذكاء الاصطناعي، لكنها لن تتكبد خسائر كبيرة إذا جاء نمو الذكاء الاصطناعي بوتيرة أبطأ من المتوقع.
وقد أنفقت ميتا مليارات الدولارات لبناء نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، تقدمه مجاناً للعالم. وعموماً لا تعتقد هذه الشركات أن تقنية الذكاء الاصطناعي الأساسية تشكل بحد ذاتها مشروعاً تجارياً مجدياً».
و«ميتا» هي صانع المجوهرات المحترف، فأعمال «ميتا» في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلان والأجهزة القابلة للارتداء والميتافيرس ستستفيد.
وتقدم «مايكروسوفت» بعضاً من خدمات المعاول وصناعة المجوهرات، لكن الأهم أنها ليست منشغلة بالتنقيب عن الذهب. ل
ذلك من المحتمل أن تحقق أمازون ومايكروسوفت وجوجل أرباحاً أقل من الحوسبة السحابية مما تريد إذا تباطأ نمو الذكاء الاصطناعي أو انخفض، لكنها لن تعاني من ضائقة مالية».
بل تنفق لضمان قدرة أعمالها الأساسية على التعايش مع الذكاء الاصطناعي، إذا ما دعت الحاجة، وهذا يعني ضمناً أنه ينبغي تقييم تلك الأعمال الأساسية بمضاعفات عالية للتدفقات النقدية.
ثلاث سنوات أم عشر سنوات أم إلى الأبد؟ مع مرور الوقت سيصبح من الصعب الجزم بأن هذه الأعمال لا تزال، في جوهرها، أعمالاً افتراضية (مرة أخرى، لا ينطبق هذا الأمر بشكل واضح على أمازون، التي لطالما كانت أعمالها تجمع بين الطابع الصناعي والافتراضي)، وليس من الواضح أن أحداً يعرف إجابة هذا السؤال، لأنه يعتمد على كيفية تطور التكنولوجيا وسوقها.
وكما يشير جيسون توماس فإن السوق يعطي شركات التكنولوجيا الكبرى فرصة للشك، لكن مرة أخرى فإنها لا تفعل ذلك بدون تمييز، وهو ما يظهر من الأداء الضعيف لشركتي ميتا وأوراكل.
