كوستا مورسيلاس - راشيل ميلارد - أميليا بولارد
تتجه صناديق التحوط وشركات التداول بقوة نحو أسواق السلع المادية، بحثاً عن مصادر جديدة للعائدات، على الرغم من افتقارها لعقود من الخبرة والمعلومات التي تراكمت لدى الشركات الراسخة مثل «ترافجورا» و«فيتول».
تتمتع الشركات المالية بتاريخ طويل في تداول عقود الطاقة والغاز الطبيعي والنفط، لكن صناديق التحوط مثل «بالياسني» و«جين جلوبال» و«كيوب»، بالإضافة إلى شركة التداول «جين ستريت»، توسع عملياتها لتتمكن من تداول الأسواق الأساسية، ما يزيد من تعرضها لتقلبات الأسعار العالمية.
وقد يعني ذلك شراء حقوق نقل الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب، وشراء سعة تخزين للنفط الخام، وتخزين الكهرباء في بطاريات متطورة قبل بيعها في أوقات ذروة الطلب. ويقول مايكل ألفارو، كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق التحوط «جالو بارتنرز»، المتخصص في قطاعي الطاقة والصناعات: «إن الأمر أشبه بسباق محموم نحو المعلومات»، فعند تداول السلع المادية، يكون لديك اطّلاع واسع على المعلومات، وتستطيع استشراف الوضع الاقتصادي قبل ورود البيانات الرسمية.
وقام صندوق التحوط «بالياسني» بتوسيع فرق تداول الطاقة والباحثين التابعين له في أوروبا، عبر استقطاب كوادر من شركات المرافق العامة مثل «سنتريكا» و«نورليس»، كما أضاف متداولين للغاز الطبيعي. كما استحوذ صندوق التحوط متعدد الاستراتيجيات «جين غلوبال» هذا العام على شركة «أناهاو إنرجي»، المتخصصة في خدمات الغاز الطبيعي، ويتداول حالياً هذه السلعة بنشاط.
ودخل صندوق التحوط الكمي «كيوب» سوق الطاقة المادية الأوروبية عبر شركته التابعة «فولتا»، التي تقدمت أخيراً بطلب للانضمام إلى «نيبول»، وهي مجموعة استشارية معنية بصياغة قواعد أسواق الطاقة المادية في ست ولايات أمريكية. وانضم تسعة متداولين على الأقل في الغاز الطبيعي والطاقة إلى «كيوب» منذ عام 2024، وفقاً لتحليل ملفات تعريف «لينكد إن».
وتأتي هذه الخطوة من جانب صناديق التحوط جزئياً في أعقاب الأرباح الضخمة التي حققتها شركات التداول مثل «ترافيجورا» و«فيتول». وحقق صندوق التحوط «سيتادل» عوائد ضخمة في عام 2022، إذ أسهمت تقلبات أسعار الغاز الطبيعي في تحقيق أرباح طائلة لكبار المتداولين، لا سيما في أوروبا.
واستثمر «سيتادل» بصفة دائمة في أصول الطاقة لدعم أنشطته التجارية، إلا أن هذا العام شهد نشاطاً مكثفاً للصندوق في إبرام الصفقات. ففي مارس، استحوذ على أصول في حقل «بالوما» للغاز في لويزيانا مقابل 1.2 مليار دولار. وفي أكتوبر، اشترى شركة «فليكس باور» الألمانية لتجارة الطاقة، والتي تمتلك شركة تابعة تعمل على تطوير مشاريع بطاريات على نطاق واسع. وأخيراً، وافقت شركته التابعة «أبيكس ناتشورال غاز» في صفقتين منفصلتين على شراء أصول غاز طبيعي في حوض هاينزفيل بولاية تكساس، وفقاً لمصادر مطلعة.
وبالنسبة لصناديق التحوّط الكبيرة، يُمثّل الاستثمار في السلع المادية مصدر دخل إضافي، ما يُعزّز تنوّع استثماراتها نظرياً، فالعائدات المُحتملة من سنوات التقلبات الشديدة، مثل عام 2022 الذي شهد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تفوق فترات انخفاض العائدات. ويستفيد تجار السلع المادية من ارتفاع الطلب الذي يُمكن لصناديق التحوّط توقّعه من خلال تقارير الطقس المُتقدّمة وغيرها من البيانات.
وقال مسؤول تنفيذي في صندوق تحوط كبير إن مجال الطاقة المادية يمثل فرصة استثمارية مُربحة لصناديق التحوط، نظراً لقدرتها على استخدام تقنيات تحليلية لتوقّع طلب المستهلكين على الطاقة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية. كما يُمكن لصناديق التحوط تسلم السلع وتخزينها لفترة من الزمن أثناء انخفاض الأسعار، ثم بيعها لاحقاً عند تعافيها.
لكن هذا الأمر يعني في الوقت نفسه خوض مخاطر غير مألوفة في مجالات خارج نطاق الخبرات التقليدية لهذه الصناديق. وكانت شركة إدارة صناديق التحوط «أمارانث» انهارت بشكل كارثي في منتصف العقد الأول من الألفية الثانية بعد خوضها غمار الاستثمار في السلع. فقد تخلت الشركة عن الاستثمار في السندات القابلة للتحويل، وخسرت 35 % من رأس مال مستثمريها البالغ 7.5 مليارات دولار أمريكي في رهانات كارثية على الغاز الطبيعي، على الرغم من أن هذه الصفقات تمت باستخدام عقود المشتقات المالية بدلاً من الصفقات المادية.
وتساءل أحد المسؤولين التنفيذيين في صندوق تحوط كمي رائد يتداول السلع، ولكنه لا يوجد في الأسواق المادية الأساسية، كيف يمكن لصناديق التحوط أن تنافس شركات التداول المتخصصة مثل «فيتول» و«ترافيجورا» و«جونفور»، فضلاً على الشركات الكبرى مثل «بي بي» و«شل»!
