هل تقدم أستراليا هدية جديدة إلى العالم بحظر وسائل التواصل الاجتماعي للصغار؟

أهدت أستراليا العالم البطاقة الائتمانية البلاستيكية، والصندوق الأسود لتسجيل بيانات رحلات الطيران، فهل سيكون حظرها وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون السادسة عشرة من العمر هديتها الجديدة إلى العالم؟

وبدأت أستراليا تطبيق هذا الحظر منذ أيام، مصحوباً بإجراءات صارمة للتحقق من العمر. ويتطلع الاتحاد الأوروبي، الذي لاحظ أن 3 % فقط من الشباب لا يستخدمون الإنترنت يومياً، إلى أن يحذو حذوها، بينما تقترب الدنمارك من ذلك، وحتى في الولايات المتحدة يكثر الحديث عن المخاوف بشأن إدمان تطبيقات التواصل الاجتماعي في المحاكم.

يظهر الضغط المكثف، الذي تمارسه المنصات العشر، التي طالها الحظر الأسترالي - بما فيها منصات ميتا، وسناب شات، وتيك توك – الحجم الكبير للمخاطر، فقد ادعت كل منصة من هذه المنصات وجود ما بين 200 ألف و450 ألف مستخدم أسترالي صغير، خلال جلسة استماع برلمانية في أكتوبر، وهذا يمثل أكثر من نصف عدد السكان من الفئة العمرية بين 11 و15 عاماً.

وهذه الأرقام تغري المعلنين بشدة، وقد أظهرت دراسة أجرتها كلية «هارفارد تي إتش تشان» للصحة العامة أن عائدات الإعلانات الموجهة لمن هم دون سن 18 عاماً في الولايات المتحدة بلغت 11 مليار دولار في عام 2022، وإذا كانت الولايات المتحدة تمثل ما يزيد قليلاً على خمسي عائدات الإعلانات العالمية لشركات التواصل الاجتماعي، كما هي الحال في شركة ميتا، فإن إجمالي العائدات سيصل إلى ما يقارب 30 مليار دولار في عام 2022، وإذا تضاعف هذا الرقم، بما يتماشى مع نمو ميتا بين عامي 2022 و2026، فقد تجني المنصات مجتمعة 60 مليار دولار من الإعلانات الموجهة لمن هم دون سن 18 عاماً في العام المقبل.

وإذا جاء نصف هذا المبلغ فقط من فئة من هم دون سن 16 عاماً فسيمثل ذلك نحو 10 % من إجمالي العائدات المتوقعة في العام المقبل للمنصات المتأثرة، وهناك سابقة لما قد يبدو عليه تشديد الرقابة على عادات القاصرين على الإنترنت بالنسبة للمستثمرين، فقد بدأت بكين في توجيه انتقادات أوسع لشركات التكنولوجيا العملاقة في أواخر العقد الأول من الألفية الثانية، ما أدى إلى انخفاض قيمة أسهم هذه القطاعات بمقدار تريليون دولار إجمالاً، وانخفضت أسهم شركة تينسنت، عملاق قطاع التكنولوجيا، بأكثر من النصف في عامي 2021 و2022 بعد تقليص وقت لعب الأطفال على الإنترنت.

ولن تتخذ واشنطن مثل هذه الإجراءات الصارمة، التي طالت التعليم الإلكتروني وخدمات النقل التشاركي أيضاً، ومع ذلك لا تملك الشركات الأمريكية المنافسة لتينسنت خيارات أكثر من ممارسة ضغوط مكثفة، وبالطبع سيجد بعض الأطفال والمراهقين الأذكياء طرقاً للالتفاف على الحظر، كما فعلوا لمواصلة ممارسة الألعاب في الصين، وذلك على الرغم من أن أستراليا لديها قواعد تحقق صارمة، وستستخدم بعض المنصات تقنية التعرف على الوجه.

وآخر مرة استعدت فيها وسائل التواصل الاجتماعي للتداعيات القادمة من أستراليا كانت عندما طالبت كانبرا شركات التكنولوجيا العملاقة بدفع مقابل لمحتوى الإخباري، وقد تم تبني هذا الإجراء بشكل أقل حزماً خارج أستراليا، حيث تهيمن شركة نيوز كورب التابعة لروبرت ميردوخ على سوق الطباعة، لكن من المرجح أن يجد الابتكار الأسترالي الجديد آذاناً مصغية هذه المرة.