هاكيونغ كيم - روبرت أرمسترونغ
كما توقع الجميع، خفّض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، أول من أمس، في خطوة متشددة، وقد أبدى ثلاثة أعضاء معارضة للقرار: أيد أوستن غولزبي وجيفري شميد الإبقاء على سعر الفائدة بدون تغيير، فيما دعا ستيفن ميران إلى خفضه بمقدار نصف نقطة مئوية.
لم يكن ذلك مفاجئاً أيضاً، حتى وإن كان يمثل أكبر خلاف في لجنة السوق المفتوحة منذ سبتمبر 2019. وقد قلل رئيس اللجنة، جاي باول، من شأن هذه الآراء المعارضة، قائلاً: «هدفانا متعارضان بعض الشيء، أليس كذلك؟ ومن المثير للاهتمام أن جميع أعضاء اللجنة متفقون على أن التضخم مرتفع للغاية، وأن هناك حاجة لخفضه، وهم كذلك متفقون على أن سوق العمل قد تراجع، وأن هناك مخاطر إضافية.
إذن هناك اتفاق على ذلك، لكن الخلاف يكمن في كيفية تقييم هذه المخاطر، وكيف تبدو التوقعات، وفي النهاية، أين يكمن الخطر الأكبر؟ ويبرز تحليل «مخطط النقاط» الخاص بالاحتياطي الفيدرالي، والذي يرسم توقعاته، الانقسام الحاصل.
هناك ثلاثة أعضاء يتوقعون رفع أسعار الفائدة بحلول نهاية عام 2026، بينما يدعو عضو واحد (لا داعي للتخمين من هو) إلى خفضها بمقدار ربع نقطة مئوية ست مرات، لكن الانقسام لا يقتصر على اللجنة فحسب، بل يشمل رئيس الاحتياطي أيضاً، فمع أن باول صرح بأن أسعار الفائدة أصبحت الآن ضمن النطاق المحايد، إلا أنه أسهب في الحديث عن ضعف سوق العمل.
وقد يكون هذا القدر من التضارب غير معتاد تاريخياً، ولكنه يعكس بدقة عالماً مضطرباً، فسوق العمل يشهد تباطؤاً بينما لا يزال التضخم أعلى من الهدف المحدد بنسبة 2 %، كما أن البيانات المتعلقة بالنشاط الاقتصادي متضاربة للغاية.
يشير رد فعل الأسواق - ارتفاع طفيف في أسعار الأسهم وانخفاض في عوائد سندات الخزانة قصيرة الأجل - إلى أنها في الوقت الراهن تميل إلى التفاؤل، لكن، كما أشرنا سابقاً، فإن النتيجة الأكثر ضرراً، إن لم تكن الأكثر ترجيحاً، هي عودة تسارع التضخم. وقد أقر باول بالفعل بهذا الخطر، لكنه قلل من شأنه معتبراً أنه نابع في المقام الأول من جانب السلع وتأثيرات الرسوم الجمركية، وربما يكون محقاً، وإن لم يكن كذلك فعلينا أن نترقب. عموماً لكلا الجانبين حجج وجيهة، لكننا نميل حالياً إلى جانب المتشددين.
على صعيد آخر، ففي مايو الماضي بينما كان يجري صياغة مشروع قانون «مشروع القانون الكبير والجميل» لدونالد ترامب، تساءلنا عما إذا كان الرئيس سيجعل الاستثمار في الطاقة الشمسية غير مجدٍ. حينها بدا مشروع القانون كارثياً على الطاقة الشمسية السكنية، حيث «السياسة هي كل شيء»؛ بينما كانت آمالنا أعلى قليلاً بالنسبة للطاقة الشمسية على نطاق المرافق. وكانت أسهم الطاقة الشمسية تتراجع بشدة. بعبارة أخرى: «لن تموت الطاقة الشمسية تماماً في ظل ولاية ترامب الثانية، لكن التذبذب في السياسات يمثل مشكلة».
الآن، وبعد ستة أشهر، تبدو الصورة مختلفة تماماً، فقد تفوق أداء القطاع على السوق بشكل عام، مع ارتفاع أسهم شركات الطاقة الشمسية على نطاق المرافق وبعض الشركات السكنية، فقد ارتفعت أسهم شركات «نكست باور» و«صن رن» و«فيرست سولار» و«سولار إيدج»، بنسب 145% و98% و49% و132% على التوالي منذ بداية العام.
ويمكن أن نعزو ذلك إلى عاملين: أولهما أن النسخة النهائية من مشروع القانون لم تكن سيئة لشركات الطاقة الشمسية على نطاق المرافق كما كان متوقعاً، ورغم أن القانون قد ألغى تدريجياً بعض الإعانات لمشاريع الطاقة الشمسية التجارية إلا أن الجدول الزمني للإعفاءات الضريبية للاستثمار والتصنيع كان متساهلاً.
العامل الآخر يتمثل في ارتفاع تكاليف الكهرباء وتزايد الطلب عليها نتيجة ازدهار مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، لا سيما مع تعهد العديد من الشركات الكبرى مثل جوجل ومايكروسوفت وأمازون ويب سيرفيسز بتزويدها بالطاقة المتجددة.
مع ذلك لا يزال قطاع الطاقة الشمسية يبدو لنا استثماراً سياسياً عالي المخاطر، وتشير نسبة البيع على المكشوف لأسهم شركة «صن رن»- التي تتجاوز 20% - إلى وجود متشككين كثر، ووفقاً لسوفي كارب من شركة «كي بانك» فإنه بعد انقضاء الموعد النهائي للبناء المؤهل للحصول على الإعفاءات الضريبية في يوليو 2026 ستكون آفاق هذا القطاع متباينة في أحسن الأحوال، كما أن كارب تشكك في مدى تأثير ازدهار مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي على قطاع الطاقة الشمسية واسع النطاق نظراً لعدم استقراره. وتقول، إن الشركات التي تعمل في مشاريع الطاقة الشمسية واسعة النطاق «أكثر عرضة لدورة الازدهار والركود».
وبالنسبة لقطاع الطاقة الشمسية السكنية، يبدو الوضع أكثر هشاشة، ومع أنه من المتوقع أن تحافظ شركة «صن رن»، أكبر شركة في قطاع الطاقة الشمسية السكنية، على مكانتها بفضل حجمها وكونها تؤجر الألواح الشمس، فإن الآفاق لا تبدو مبشرة للشركات الأصغر التي تؤجر أنظمتها، ما يجعلها تعتمد على الإعفاء الضريبي لأصحاب المنازل، الذي ينتهي بنهاية هذا العام.
وقال جو أوشا من شركة «جوجنهايم سيكيوريتيز»: «ما زلنا نعتقد أن سوق الطاقة الشمسية السكنية في الولايات المتحدة سينكمش بنحو 20% من حيث الحجم خلال العام المقبل مع انتهاء العمل بالإعفاءات الضريبية. وهكذا، باختصار، فإن شركة «صن رن» تعد شركة ذات قيمة جذابة، لكنها تعمل في قطاع يعاني من صعوبات كبيرة».
وهناك أيضا تعريفات جمركية وسياسات تجارية، لا سيما فيما يتعلق بقيود البطاريات، ستشكل مخاطر جسيمة على القطاع العام المقبل، لذا في حين منحت شركات الطاقة الشمسية شريان حياة مؤقتاً من خلال قانون ترامب الكبير والجميل، الذي كان أقل تدميراً مما كان متوقعاً، إلا أنها لا تزال تحت رحمة خلفية سياسية متقلبة، وغير متوقعة تلقي بظلالها على أساسيات الصناعة.
