نيك فيلدز
كانت كريستين هانتر تصطحب ابنتها من المدرسة في شمال مدينة سيدني بأستراليا عندما سمعت محادثة بين الفتاة البالغة من العمر 11 عاماً وصديقة لها حول كيفية التحايل على قيود السن الجديدة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تغيير تاريخ الميلاد على الحساب.
وانتشرت مثل هذه المحادثات في مختلف المدارس الأسترالية، وحتى في المطابخ، مع دخول أول خطوة عالمية لحظر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عاماً حيز التنفيذ، اليوم الأربعاء. وقالت هانتر: «إنهم يعرفون كيفية التحايل على ذلك»، لكنها تبقى مرحبة بالحظر لتخفيفه «العبء الثقيل للغاية» على الآباء الذين يتطلعون إلى تثقيف وحماية أطفالهم من وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الألعاب. وأضافت: «طلبت مني ابنتي تنزيل تطبيق سناب تشات، لكنني أستطيع الآن القول إنه غير قانوني، وهذه هي نهاية النقاش».
وأستراليا هي أول دولة في العالم تحاول ترويض وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تشريع يضع عبء فرض حظر على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون سن 16 عاماً باستخدام تقنيات التحقق من الهوية على شركات التكنولوجيا، ويهددها بغرامات تصل إلى 50 مليون دولار أسترالي (33 مليون دولار أمريكي) في حال انتهاكها القانون.
ويعني هذا «الحظر» أن المراهقين لن يتمكنوا بعد الآن من الاشتراك في 10 تطبيقات، بما في ذلك سناب تشات ويوتيوب وإكس وفيسبوك وإنستغرام، وهي خطوة تهدف إلى وقف الآثار السلبية لهذه الخدمات على الصحة الاجتماعية والعقلية للمستخدمين الأصغر سناً، وقد واجه هذا الإجراء معارضة من شركات التكنولوجيا، ودعاة الحريات المدنية، وأولئك الذين يرون أن المراهقين سيجدون طريقة للالتفاف على الحد الأدنى للسن.
وقد أثار هذا الإجراء اهتماماً عالمياً لدرجة أن أنتوني ألبانيز، رئيس وزراء أستراليا، صرح بأن سيريل رامافوزا، رئيس جنوب أفريقيا، سأله عن تفاصيل القانون خلال اجتماع مجموعة العشرين. وقال ألبانيز: «العالم يتابع أستراليا».
وتعارض شركات التكنولوجيا ما أسمته «حظراً شاملاً» قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك عزل المراهقين عن مجتمعاتهم. وأكدت سناب تشات، وميتا، وغوغل، المالكة ليوتيوب، التزامها بالقانون، وانتقدت تطبيقه. وقالت سناب تشات في بيان: «إن عزل المراهقين عن أصدقائهم وعائلاتهم لا يزيد من أمانهم، بل قد يدفعهم إلى تطبيقات مراسلة أقل أماناً وخصوصية».
وحذر موقع يوتيوب، والذي كان معفياً في البداية من القانون، من العواقب غير المقصودة للتطبيق «المتسرع» للقانون. وقال في بيان: «بما أن قانون الحد الأدنى لسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يلزم الأطفال باستخدام يوتيوب دون حساب، فإنه يزيل أدوات الرقابة الأبوية وفلاتر الأمان المصممة لحمايتهم - ولن يجعل الأطفال أكثر أماناً على منصتنا».
وأرسلت شركات التكنولوجيا عشرات الآلاف من الإشعارات إلى أصحاب الحسابات الصغار محذرة من أن اشتراكاتهم ستقطع اليوم. وأخبرت كلوي كوفيل، الحائزة الميدالية الذهبية الأولمبية في التزلج على الألواح، متابعيها البالغ عددهم 321 ألفاً على إنستغرام، أن حسابها سيغلق حتى فبراير عندما تبلغ 16 عاماً. وحذرت أنيكا ويلز، وزيرة الاتصالات، من أن القانون سيعدل لينطبق على أي «أماكن لقاء سرية» أخرى لمن هم دون سن 16 عاماً، مع التطبيقات العشرة، التي شملها القانون في البداية، ويأتي ذلك بعد ملاحظة زيادة تنزيلات تطبيقات التواصل الاجتماعي الأصغر مثل «يوب» و«ليمون 8» المملوكة لشركة «بايت دانس»، الشركة الأم لتيك توك، في الأيام الأخيرة.
ورفع شابان يبلغان من العمر 15 عاماً، بدعم من منظمة تدعى «مشروع الحرية الرقمية»، دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الأسترالية، بادعاء أن الحظر ينتهك حقوق المواطنين الشباب في التواصل السياسي. وصرحت ماسي نيلاند، إحدى المُدعين، في بيان لها بأن القانون سيدفع المستخدمين الأصغر سناً إلى استخدام حسابات وهمية وشبكات خاصة «افتراضية»، لا ينبغي إسكاتنا. إن ما يحدث الآن أشبه برواية جورج أورويل «1984»، وهذا «يخيفني».
ويرى روب إيفانز، الذي قاد حملة من أجل سن القانون بعد وفاة ابنته، أن الحظر جاء بعد طول انتظار. وكانت ابنته ليف حصلت على هاتف في سن الثالثة عشرة، وسرعان ما اكتشف أنها تشاهد مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي أنها تستطيع العيش على 200 سعر حراري فقط يومياً. وقال إيفانز: «كنت أقول لليف، هذا كذب، لكن الخوارزميات ترسل إليك المزيد والمزيد. ولقد تم إطعامها الكثير من المحتوى عن الجوع». وأصيبت ليف باضطراب في الأكل، ودخلت المستشفى 38 مرة، خلال العامين التاليين، وفي عام 2023 عندما بلغت سن الخامسة عشرة انتهى بها الأمر إلى الانتحار.
وأضاف الأب: «يتصرف الآباء بسذاجة بالغة إذا ظنوا أن أطفالهم لن يشاهدوا محتوى ضاراً ومدمناً. لا يمكن لأي شخص يبلغ من العمر 13 أو 14 أو 15 أو 16 عاماً التعامل مع الضغط النفسي، الذي تُسببه هذه المنصات. لن نُعطي طفلاً في الثالثة عشرة من عمره مفاتيح السيارة، لكننا مع ذلك نسمح لهذا الطفل بالهروب منا». وقالت إيف لاو، وهي مديرة في قطاع الإعلام، ولديها طفلان يبلغان من العمر 10 و8 سنوات في سيدني، إنها «مرتاحة للغاية لصدور هذا القانون. إنني حريصة على حمايتهم من المُعلنين والمؤثرين، والشركات الأخرى التي لديها مصلحة في استغلال الأطفال».
وبالنسبة لكريستين لهانتر يعد تطبيق القانون خطوة إيجابية، لكنه لم يعالج جوهر المشكلة: المحتوى الضار على الإنترنت والطبيعة الإدمانية للتطبيقات. وقالت: «إنه يؤخر المشكلة بدلاً من حلها. ما كان ضاراً في سن الحادية عشرة يظل ضاراً في سن السادسة عشرة. أصبح من الأسهل الآن إلى حد ما التحدث مع الأطفال، لكنه لا يغير من حجم الخطر».
