كيف سيؤثر رفع أسعار الفائدة اليابانية على الأسواق العالمية؟

ليو لويس

قادت إشارة بنك اليابان إلى احتمال رفع أسعار الفائدة مجدداً خلال الفترة القريبة المقبلة إلى موجة بيع حادة في سندات البلاد هذا العام، وأحدثت هزة في الأسواق المالية العالمية.

واستخدم المحافظ كازو أويدا لغة اعتبرها العديد من الاقتصاديين مؤشراً واضحاً على أنه يهيئ الأسواق لخطوة قبل نهاية العام. وتضع أسواق المبادلات الآن احتمالاً بنسبة الثلثين لرفع أسعار الفائدة خلال الشهر الجاري.

وبعد سنوات من أسعار الفائدة السلبية، التي انتهت العام الماضي فقط، والتي سمحت للمستثمرين بالاقتراض بتكاليف زهيدة لشراء أصول أجنبية ذات عوائد أعلى، تتجهز الأسواق العالمية الآن لتداعيات ارتفاع تكاليف الاقتراض اليابانية.

وفي أعقاب خطاب أويدا، وصل عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل عامين إلى أعلى مستوى له في 17 عاماً، بينما وصل عائد سندات العشر سنوات، الذي ارتفع بأكثر من 0.8 نقطة مئوية هذا العام، إلى 1.94% يوم الخميس. وتتحرك العوائد عكسياً مع الأسعار. فقد قفز الين بنسبة 0.8% مقابل الدولار يوم الاثنين، ويرتفع الآن بنحو 1%. وتأثرت أسواق السندات العالمية بالتقلبات، حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة الألمانية لأجل 10 سنوات بنسبة 0.06%، وعوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بنسبة 0.08% خلال اليوم.

وتعكس هذه التقلبات حالة الاضطراب التي حدثت في وقت سابق من العام، عندما زادت المخاوف بشأن الطلب على السندات السيادية اليابانية طويلة الأجل من المخاوف الأوسع نطاقا بشأن اختلال التوازن بين العرض والطلب على الديون السيادية عالمياً. وقال مايك ريدل، مدير صندوق في فيديليتي إنترناشونال: «من الدروس المستفادة من هذه الأحداث هي أن عمليات بيع سندات الحكومة اليابانية مهمة حقا لأسواق السندات العالمية، فكلما ارتفعت عوائد سندات الحكومة اليابانية، زاد دافع كبار المستثمرين المحليين اليابانيين لبيع ممتلكاتهم في الخارج وإعادة الأموال إلى الوطن. ومن ثم، يمكن أن تنتشر العدوى بسرعة خارج اليابان».

إن تجربة اليابان الطويلة مع أسعار فائدة منخفضة للغاية واستقرار الين النسبي جعلاها مركزاً لواحدة من أكبر عمليات تجارة الفائدة على الين في العالم، حيث يقترض المستثمرون بالين لتمويل استثماراتهم في أصول خارجية ذات عوائد أعلى.

تتفاوت تقديرات حجم ونطاق تجارة الفائدة على الين بشكل كبير - تتراوح من مئات المليارات إلى تريليونات الدولارات - ولكن يُنظر إليها على أنها تساعد في تغذية الأسواق الصاعدة في الأسواق المالية الرئيسية مثل الأسهم والسندات، بالإضافة إلى الأسواق الناشئة والعقارات والائتمان الخاص والفن.

ويُبدي المستثمرون الذين يستخدمون تجارة الفائدة حساسية تجاه المستويات العالية من تقلبات العملات والتغيرات السريعة في التوقعات بشأن تحركات أسعار الفائدة من قِبَل البنوك المركزية، ولا شك أنهم لاحظوا تعليقات أويدا والتوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة من قِبَل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

وقال مايكل لانغهام، الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة في أبردين: «لطالما كانت اليابان مصدراً للادخار لبقية العالم. لذلك، إذا عادت أي من هذه التدفقات إلى السوق المحلية، فسترى هذا التأثير المتتالي عالمياً». لكن ماذا يعني ذلك للأسواق اليابانية والعالمية؟

جاء رفع بنك اليابان لأسعار الفائدة في يوليو 2024 في أعقاب ثاني أسوأ انهيار يومي لسوق الأسهم في التاريخ - وهو انهيار بنسبة 12%، والذي قال المتداولون إنه مرتبط باحتمالية إنهاء تداولات الفائدة على الين. وارتفعت العملة اليابانية بشكل حاد، بينما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للأسهم القيادية في وول ستريت. انخفضت الأسهم اليابانية والعالمية أيضاً يوم الاثنين الماضي، وإن كان التأثير أكثر تواضعاً، حيث خسر مؤشر توبكس 1.2 %.

تُعد اليابان دائناً كبيراً للعالم، حيث تتفوق على الصين كأكبر حائز لسندات الخزانة الأمريكية. ويخشى بعض المستثمرين من أن يؤدي ارتفاع عوائد سندات الحكومة اليابانية إلى إعادة رأس المال الياباني إلى الوطن، ويزيد من التقلبات في أسواق السندات الأمريكية وغيرها من أسواق السندات الرئيسية.

يأتي ذلك وسط مخاوف المستثمرين عالمياً بشأن الطلب من المشترين التقليديين، مثل صناديق التقاعد وشركات التأمين على الحياة، على الديون السيادية طويلة الأجل، في وقتٍ تشهد فيه الدول الغنية إصدارات قياسية، بعد أن قلصت البنوك المركزية برامج شراء السندات في فترة الجائحة.

وقال جيمس نوفوتني، مدير الاستثمار في جوبيتر: «إن ارتفاع أسعار الفائدة المحلية يجذب رؤوس الأموال إلى اليابان. وبالنسبة للدول السيادية الأجنبية، لا يمكن أن يأتي انخفاض مشترٍ واحد في وقتٍ أسوأ من هذا».

ويخشى البعض من أن تمتد هذه الهزات في أسواق السندات إلى فئات أصول أخرى. وقال مانيش كابرا، استراتيجي الأسهم الأمريكية في سوسيتيه جنرال، إن «أي خطوة متشددة من بنك اليابان ستشكل تهديداً أكبر لسوق الأسهم الأمريكية من الاحتياطي الفيدرالي أو السياسة الداخلية الأمريكية»، نظراً لاحتمالية انتقال العدوى إلى عوائد سندات الخزانة الأمريكية. وأضاف: إن ارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية لعشر سنوات بمقدار نقطة مئوية واحدة من المرجح أن يُؤدي إلى انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة تتراوح بين 10% و12%، مما يجعل تقلبات سوق السندات - وإن لم تكن السيناريو الأساسي للبنك - أحد أكبر المخاطر التي تهدد توقعاته المتفائلة للعام المقبل.

لكن هل يجب أن يشعر الجميع بالقلق؟ ليس الجميع على اقتناع بتأثير هذه الضربة على الأسواق العالمية. فرغم ارتفاع يوم الاثنين الماضي، فقد ضعف الين في الأشهر الأخيرة، في حين أن التغيرات في أسعار الفائدة النسبية بعد أخذ تكاليف التحوط في الاعتبار قد تعني أن السندات الأجنبية تحتفظ بجاذبيتها.

وصندوق استثمار المعاشات التقاعدية الحكومي الياباني ملزم بالحفاظ على تخصيص صارم - نادراً ما يعدل - لربع محفظته للسندات غير اليابانية، وتتبع العديد من صناديق المعاشات التقاعدية المحلية الأخرى تخصيصات صندوق الاستثمار. ومن غير المرجح أن يحدث تغيير كبير في التخصيص خارج الدورة بين عشية وضحاها. وقال فينسنت تشونغ، مدير محفظة الدخل الثابت في تي رو برايس: «لا أعتقد أننا سنشهد عمليات بيع واسعة النطاق إذا رفع بنك اليابان أسعار الفائدة».

وقال ماكس كيتنر، كبير استراتيجيي الأصول المتعددة في بنك إتش إس بي سي، إن الوضع اليوم مختلف عن تذبذبات السوق في العام الماضي. وأوضح قائلاً: «هذا العام، قام المضاربون بإيداعات طويلة الأجل قياسية «للين» - وبالتالي فإن هناك خطراً محدوداً لتفكك تجارة الحمل بشكل كبير كما رأيناها آخر مرة في صيف 2024».