سام فليمنج - كلير جونز - جو ليهي
خلال اجتماع الخريف قالت كريستالينا جورجيفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، إن وصول نائبها الأمريكي مؤخراً أدى إلى انخفاض متوسط الأعمار بالصندوق.
رد دان كاتز، الذي يبلغ من العمر 37 عاماً، وتولى في أكتوبر منصب النائب الأول للمدير العام للصندوق، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له: «نعم، أنا شاب، لكن نأمل ألا نتحدث عن العمر مرة أخرى».
كان رده على جورجيفا، التي يبلغ عمرها ضعف عمره تقريباً، مؤشراً إلى نهج حازم من جانبه في ظل دعوة البيت الأبيض والجمهوريين في الكونغرس إلى تغييرات جذرية في منظمة اتهموها بتجاوز صلاحياتها، والوقوع ضحية «التوسع في المهام».
وكاتز، الذي يعد الآن ثاني أعلى مسؤول في الصندوق، كان سابقاً رئيساً لمكتب سكوت بيسنت، وقد دعا وزير الخزانة الأمريكي صندوق النقد الدولي إلى إخضاع السياسة الاقتصادية الصينية لتدقيق أكثر صرامة، والعودة إلى «المبادئ الأساسية»، مع التركيز بشكل أقل على تغير المناخ، واختلال التوازن بين الجنسين، وهو ما جعلته جورجيفا حجر الزاوية في عملها.
وقال إسوار براساد، أستاذ الاقتصاد في جامعة كورنيل والمسؤول السابق في صندوق النقد الدولي: «صندوق النقد الدولي يستعد للتغيير. بإمكان كاتز أن يكون له تأثير كبير على عمليات صندوق النقد الدولي وسياساته، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر».
وأسهم كاتز في صياغة جدول الأعمال، الذي وضعه وزير الخزانة الأمريكي في أبريل، حيث طالب بيسنت صندوق النقد الدولي بالتركيز بشكل أكبر على أعمال المراقبة وإدارة الأزمات.
كما يتمتع كاتز بعلاقات وثيقة مع كبار المسؤولين الآخرين في الإدارة، بمن فيهم محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي ستيفن ميران؛ حيث شارك كلاهما في تأسيس شركة إدارة الأصول «أمبر ويف بارتنرز»، وسيكون دور كاتز، الذي يشرف على مراقبة الدول، بما فيها الصين، محور تركيز رئيسي للولايات المتحدة، ونقطة خلاف محتملة لصندوق النقد الدولي.
كما كلف كاتز بمسؤولية تقرير القطاع الخارجي للصندوق، ما يتيح فرصة لتوضيح مخاوف الولايات المتحدة بشأن دور الصين في ترسيخ اختلالات النظام المالي العالمي.
بصفته رئيساً للمراقبة سيشرف كاتز - مثل سلفه غيتا غوبيناث - على بعثة المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي في الصين، ومن المتوقع أن يركز هذا التقييم السنوي لحالة اقتصاد البلاد على قضايا تشمل تداعيات السياسة الصناعية الصينية على بقية العالم.
وقد انتقد بيسنت بشدة طريقة معاملة الصندوق لبكين، وقال إنه ينبغي «أن ينتقد دولاً مثل الصين، التي انتهجت سياسات مشوهة عالمياً وممارسات غامضة في مجال العملة لعقود عديدة».
تجري حالياً بعثة المادة الرابعة للصين - بعد 18 شهراً من انتهاء زيارة الموظفين السابقة. وانضم كاتز إلى اليومين الأولين من البعثة، التي ستستمر حتى 10 ديسمبر، وتم تأجيل الجدول الزمني لأحدث مراجعة للمادة الرابعة مع الولايات المتحدة. من المقرر أن تجرى المشاورات الأمريكية الحساسة سياسياً عادة خلال منتصف الصيف، ولكن لا يوجد حتى الآن موعد نهائي محدد. وقال مارك سوبيل، رئيس مركز الأبحاث الأمريكي «أو إم أف آي إف» والمسؤول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية، إن كلتا المراجعتين يمثل اختباراً لصندوق النقد الدولي، ومدى استعداده للكشف عن أوجه القصور في السياسات في أكبر اقتصادين في العالم. وتابع: «هل لديهم الشجاعة لانتقاد الكبار؟ عندما تتقاتل الأفيال يداس العشب».
وسبق لصندوق النقد الدولي أن ضغط على الصين لإعادة توازن اقتصادها بعيداً عن الصادرات ونحو الاستهلاك - ومنحها درجات ضعيفة في معايير بياناتها، لكن كبار الجمهوريين يطالبون بتقييم أكثر صرامة. وقال أحد الأشخاص المطلعين على الأمر في الصين إن صلة كاتز المباشرة ببيسنت قد تعتبر إيجابية في بكين، التي ستعتبره شخصاً مفيداً للتعامل معه. وأضافوا أن كاتز لن يثير بالضرورة جدلاً مع الصين.
واتفق شي وترامب على هدنة في حربهما التجارية في أكتوبر، ولدى كلا الجانبين حافز للحفاظ على السلام على الأقل حتى زيارة ترامب للصين في أبريل، وحتى لو تسبب كاتز في أي اضطرابات فإن جورجيفا، التي ينظر إليها على أنها مشغل سياسي كفء، ستحاول احتواءها.
وقال هان لين، مدير مجموعة آسيا، وهي شركة استشارية أمريكية في الصين، إنه يتوقع أن يضغط كاتز «بهدوء وبطريقة فنية، من أجل فحص أكثر دقة من جانب صندوق النقد الدولي للاختلالات الخارجية للصين؛ لكن من غير المرجح أن يكون هناك كلام علني صاخب». وأضاف لين: «تفويض صندوق النقد الدولي، وحوافز الحوكمة، وثقل الصين، كلها عوامل تدفع المؤسسة نحو لغة محسوبة وقائمة على الإجماع بدلاً من المواجهة، التي تجذب العناوين الرئيسية».
وفي حين أن الولايات المتحدة هي أكبر مساهم في الصندوق سيتعين على كاتز إظهار استعداده لخدمة دائرة الأعضاء الأوسع بدلاً من مجرد السعي وراء المصالح الأمريكية، ومثل سلفه، من المقرر أيضاً أن يشرف كاتز على اثنين من أكبر برامج الصندوق وأكثرها احتكاكاً بالسياسية - بشأن الأرجنتين وأوكرانيا، وقد أدى قرار وزارة الخزانة الأمريكية بتمديد الدعم المالي للأرجنتين إلى زيادة المخاطر السياسية على الصندوق.
وتتوافق بعض مطالب بيسنت من صندوق النقد الدولي مع مصالح موظفي الصندوق الحاليين، الذين يرون أنه تجاوز نطاق ولايته كثيراً، وبدأت قيادة الصندوق تصدر بالفعل تصريحات أقل صراحة حول الاحتباس الحراري. وأشار بيان اللجنة التوجيهية، بعد اجتماعاتها السنوية الأخيرة في أكتوبر، إلى زيادة «الظواهر الجوية المتطرفة» بدلاً من التحول المناخي كما كان الحال سابقاً.
ويعتقد المطلعون أن كاتز يدرك أن صندوق النقد الدولي لا يمكنه تجاهل المخاطر المتعلقة بالمناخ تماماً، ويعتقد أنه يصر على أن تجرى مثل هذه المحادثات من خلال منظور ما يسمى «النقد الكلي» - وهو نوع من النهج الاقتصادي التقليدي، الذي اعتاد الصندوق الاعتماد عليه في الماضي. وصرح كاتز لصحيفة «فاينانشال تايمز»: «يلعب صندوق النقد دوراً لا غنى عنه في قلب النظام النقدي الدولي.
وشرف لنا أن نخدم أعضاءنا، من خلال تنفيذ المهمة الأساسية للصندوق، والمتمثلة في تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار، كما هو منصوص عليه في بنود الاتفاقية». ويراقب الموظفون بحذر أي مؤشرات على رغبة الولايات المتحدة، ودول أخرى في خفض التكاليف، وصرح الصندوق لصحيفة «فاينانشال تايمز» بأنه بعد حساب التضخم ينفق الآن نفس المبلغ على الإدارة كما كان يفعل قبل 20 عاماً، على الرغم من التعقيد المتزايد لعمله.