مجلس التحرير
تشهد المعادن اللامعة رواجاً كبيراً هذا العام، مع الارتفاع القوي لأسعار الذهب والفضة. لذا قد يكون من المغري رؤية انتعاش البلاتين هو الآخر - فقد ارتفع سعر المعدن بنسبة تقارب 80% منذ يناير - نتيجة للطلب الزائد من المستثمرين الباحثين عن وسيلة تحوط ضد انخفاض قيمة العملة.
وبينما كان يُنظر إلى البلاتين في الماضي على أنه مخزن للقيمة، يُنظر إليه الآن على أنه تحوط ضد تباطؤ التحول في مجال الطاقة.
ويعود ذلك إلى أن قطاع السيارات يُمثل حالياً ما يقرب من 40% من مصادر الطلب على البلاتين. ويُستخدم هذا المعدن بصفة خاصة في المحولات الحفازة، التي تُحوّل أبخرة العادم الضارة إلى مواد أقل ضرراً. وكان البعض قد توقع أن يتقلص هذا المصدر الضخم للطلب إلى ما يقارب الصفر بمرور الوقت، في ظل البروز المتسرع على المركبات الكهربائية عديمة الأبخرة وحلولها محل محركات الاحتراق الداخلي التقليدية.
أما الآن فتشير تقديرات الخبراء إلى أن الطلب سيرتفع ولن يتراجع؛ أولاً لأن الإقبال على المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات سجل تراجعاً ملحوظاً في الولايات المتحدة وأوروبا. ويُعزى ذلك جزئياً إلى تقلبات السياسات، فقد أدى انتهاء العمل بالحوافز الفيدرالية للمستهلكين في الولايات المتحدة في أكتوبر إلى انخفاض مبيعات المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات بنحو الربع على أساس سنوي، وفقاً للأرقام الأولية.
وخفض محللو شركة «آر بي سي» تقديراتهم لنسبة انتشار المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في الولايات المتحدة بحلول عام 2030 من 35% إلى 17% فقط.
ثانياً باتت السيارات الهجينة تسجل مبيعات أعلى من المتوقع، كما أنها قد يستمر نشاط بيعها لفترة أطول من التقديرات السابقة. وهذه الفئة، التي تشمل كلاً من السيارات الهجينة القابلة للشحن والسيارات التي تُشحن بطارياتها داخلياً، مزودة بأنظمة دفع كهربائية ومحركات احتراق مزودة بمحولات حفازة.
في الصين، ستُمثل السيارات الهجينة ما يقرب من 40% من إجمالي مبيعات سيارات «الطاقة الجديدة» هذا العام، وذلك وفقاً لتحليل سيتي جروب.
ويزداد الطلب خارج المدن الساحلية الرئيسية بشكل خاص، نظراً لطول مسافات القيادة. وفي أوروبا أيضاً تشهد السيارات الهجينة ازدهاراً ملحوظاً، حيث تمثل حوالي 45% من تسجيلات السيارات الجديدة بين يناير وسبتمبر، لتطيح بذلك بالسيارات الكهربائية بالكامل وسيارات البنزين.
وتجذب شركات صناعة السيارات الصينية، مثل «بي واي دي»، المستهلكين بسيارات رخيصة السعر وذات مدى أطول. وفيما تواصل التشريعات الجديدة في أوروبا الميل بقوة نحو السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، فإنه من الواضح أن هناك طلباً كبيراً على السيارات «الأكثر مراعاة للبيئة» والتي لا تُلزم المستهلكين بتغيير عاداتهم بأي شكل من الأشكال.
ونتيجة ذلك هي أن سوق البلاتين قد يجد عجزه الحالي - الذي تجاوز 10% من الاستهلاك العام الماضي - مستمراً، بل من غير المرجح أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى دخول كميات كبيرة من المعروض الجديد إلى السوق. وقد تشهد شركات تعدين البلاتين، مثل «فالتيرا» و«إمبالا» و«سيباني-ستيلووتر» ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تتجاوز أسعار مجموعة معادن البلاتين - التي تشمل أيضاً البلاديوم والروديوم - نحو 10% من التكلفة الهامشية للإنتاج وفقاً للبيانات «آر بي سي»، لكن رغم ازدياد الطلب لا يزال نطاقه ضيقاً بالنسبة لاستثمارات التعدين طويلة الأجل. وعموماً، من المتوقع أن ترتفع قيمة البلاتين بصورة متسارعة.
