أزمة السكن تدفع جيل «زد» نحو الاستثمار في العملات المشفرة

جون بيرن - موردوك

أصبح الوصف بالكسل وعدم المسؤولية من طقوس العبور لكل جيل جديد من الشباب، لكن الجيل «زد» ربما عانى أكثر من غيره. حيث تتنوع الاتهامات بين عدم بذل الجهد في العمل والإسراف في الكماليات والاندفاع نحو الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر مثل العملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال.

وهناك فرقان مهمان بين جيل «زد» والأجيال السابقة التي واجهت ازدراءً مماثلاً. الأول هو أنه بدلاً من رفض هذه التوصيفات، يميل شباب العشرينيات اليوم إلى تبنيها، واللجوء إلى مصطلحات إضافية مثل «الاستقالة الهادئة». والثاني هو أن الأدلة الجديدة تشير إلى أن مثل هذه السلوكيات هي استجابات عقلانية لتدهور الآفاق الاقتصادية وتحديداً تزايد صعوبة امتلاك المنازل.

وفي دراسة رائدة نُشرت الأسبوع الماضي، استخدم اقتصاديون من جامعتي شيكاغو ونورث وسترن بيانات مفصلة حول معاملات البطاقات، وثروات الأمريكيين، ومواقفهم، لإثبات أن انخفاض الجهد في العمل، وزيادة الإنفاق الترفيهي، والاستثمار في الأصول المالية المحفوفة بالمخاطر (بما في ذلك العملات المشفرة)، كلها أمور شائعة بدرجة أكبر بين الشباب البالغين الذين لا يملكون سوى احتمال ضئيل أو معدوم لامتلاك منزل. في المقابل، وجد بحث سونغ هيونغ لي ويونغجون يو أن أولئك الذين يعتبرون امتلاك منزل احتمالاً أكثر واقعية على المدى المتوسط، أو الذين حققوه بالفعل، يخاطرون أقل ويجتهدون أكثر في العمل.

وقد وسعت تحليلهم ليشمل المملكة المتحدة، ووجدتُ صورة مماثلة، فالمستأجرون البريطانيون الشباب الذين لا يملكون سوى أمل ضئيل في جمع دفعة أولى هم أكثر عرضة للمخاطر المالية - في المراهنات عبر الإنترنت، على سبيل المثال - من معاصريهم الذين يقتربون كثيراً من الحصول على مسكن أو على وشك ذلك.

والأهم من ذلك، يستخدم الاقتصاديان بيانات السلاسل الزمنية وأسعار المنازل المحلية لإظهار أن العلاقة بين ارتفاع تكلفة السكن والسلوك الاقتصادي تبدو سببية. وتستجيب الارتفاعات الأخيرة في المخاطرة المالية، والإنفاق على الترفيه، وتراجع الجهد المبذول في العمل لتغير الحوافز الاقتصادية. فمع تدهور القدرة على تحمل تكاليف السكن، يلجأ من يعتقدون أنهم محرومون من امتلاك منزل إلى مزيج من الرهانات عالية المخاطر وما تسميه المعلقة الاقتصادية الأمريكية كايلا سكانلون «العدمية المالية» - لماذا نسعى جاهدين وندخر بينما لن يكفينا ذلك أصلاً؟ بينما يُشدّ الأحزمة نظراؤهم ممن هم في وضع أفضل.

وتُعدّ النتائج المتعلقة بالجهد المبذول في العمل جديرة بالملاحظة بشكل خاص. فكثيراً ما يُوصف الجيل «زد» بأنه يفتقر إلى المرونة في مكان العمل؛ وقد لجأ العديد من الموظفين الشباب إلى وسائل التواصل الاجتماعي للشكوى من عبثية العمل من التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءً. وتشير الدلائل إلى أن هذه المعتقدات والسلوكيات المتغيرة تتجذر في الواقع الاقتصادي مع تطوره.

وليس الأمر أن الأجيال السابقة كانت أكثر انخراطاً في عملها لأن الوظائف كانت مثيرة آنذاك، بل إن العمل الجاد كان وسيلة لتحقيق غاية. ومع انتزاع إمكانية امتلاك منزل خاص من متناول اليد، يبدو الأمر برمته بلا جدوى. ينشأ الاستنتاج نفسه من تزايد أهمية مساعدة الوالدين على تسلق السلم الوظيفي. بالنسبة لمعظم المشترين لأول مرة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، فإن العقبة الأكبر ليست الراتب، بل الدفعة المقدمة. فلماذا تتأخر في العمل لإنجاز هذا المشروع على أمل الحصول على زيادة متواضعة في الراتب، وأنت تعلم أنك ستحتاج في النهاية إلى دفعة مقدمة من ستة أرقام قد تستغرق عقوداً لمراكمتها على أية حال؟

إن لنتائج هذه الدراسات تداعيات مهمة. أولاً، أنها تُؤكد الحاجة المُلحة لمعالجة أزمة القدرة على تحمّل تكاليف امتلاك المنازل. وكما نشهد الآن، فإن هذا التأثير يُزعزع استقرار الاقتصاد والمجتمع على نطاق أوسع، ويضع العديد من الشباب على مسار مالي زلق قد لا يمكن التعافي منه أبداً إذا أخطأوا.