مؤتمر الأطراف «كوب 30».. تنازلات محبطة وإيجابيات قليلة

الأمر متروك الآن لائتلاف الراغبين في بدء العمل الجاد للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

يحق للعالم أن يتساءل عما كان يفكر فيه قادته جماعياً مع اختتام مؤتمر المناخ «كوب 30» في البرازيل الأسبوع الماضي.

لقد كانت الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة التي ضربت مدينة بيليم الأمازونية المضيفة طوال اجتماع الأمم المتحدة علامة مقلقة على مستقبل ستواجهه المزيد من المحاصيل الغذائية وسلاسل التوريد وسبل العيش في عالم يشهد ارتفاعاً سريعاً في درجات الحرارة.

ومع ذلك، يصعب تخمين ذلك من الطريقة التي تصرفت بها عشرات الدول في بيليم. فقد قوبلت جهود معالجة أزمة المناخ بمقاومة شبه هزلية - تمثلت في حذف عبارة «الوقود الأحفوري» من الاتفاق الرئيسي النهائي، مع أن حرق النفط والفحم والغاز هو السبب الرئيسي لتغير المناخ.

وفي محادثات تُتخذ فيها القرارات بالإجماع، لا بأغلبية الأصوات، أصاب الإحباط سلسلة من الجهود المبذولة للاعتراف بسرعة ارتفاع درجات الحرارة، وتعزيز خطط البلدان المناخية.

حتى أن عدداً من الدول طعنت في حقيقة أن تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي هيئة الأمم المتحدة التي تضم كبار علماء المناخ في العالم، تمثل «أفضل العلوم المتاحة».

لكن من المهم الإقرار بحقيقة أن الاتفاق النهائي صنع تاريخاً في مؤتمر الأطراف باعترافه بأن العالم من المرجح الآن أن «يتجاوز» هدف الاحتباس الحراري البالغ 1.5 درجة مئوية في اتفاقية باريس لعام 2015.

والذي يبدو الآن وكأنه شيء من عصر آخر. وقد وافقت الدول الغنية فقط على مضاعفة الأموال الموجهة لمساعدة الدول الفقيرة على التكيف مع آثار تغير المناخ بحلول عام 2035، أي بعد خمس سنوات من الموعد الذي سعت إليه الدول.

في الواقع، لم يكن أي من هذا مفاجئاً بدرجة كبيرة، فكل مؤتمر من مؤتمرات الأطراف بشأن المناخ يعكس الحقائق الجيوسياسية السائدة. وقد واجه حدث هذا العام عقبات متعددة.

أبرزها التعريفات الجمركية الشاملة التي فرضها رئيس أمريكي قاطعت إدارته المؤتمر برمته في إطار مساعيها لتعزيز استخدام الوقود الأحفوري.

كما أنه من ناحية أخرى، يواجه قادة الاتحاد الأوروبي، أكبر ممول للمناخ في العالم، حرباً في أوكرانيا ومقاومة متزايدة من اليمين المتطرف للعمل المناخي.

وقد شجع ذلك الدول التي عادةً ما تقاوم التزامات مؤتمر الأطراف الطموحة. وكان أي أمل في أن تملأ الصين أو غيرها من القوى الناشئة الفراغ في غير محله.

لطالما جادل منتقدو مؤتمر الأطراف بأن العالم بحاجة إلى عدد أقل من مؤتمرات الأطراف والمزيد من «تحالفات الراغبين في المناخ». ومن الإيجابيات القليلة لهذا المؤتمر أن مثل هذه التحالفات كانت بالضبط ما قدّمه المؤتمر هذه المرة.

فقد أعلنت البرازيل، الدولة المضيفة، عن هيئة للتجارة والمناخ مستقلة عن كل من عملية المناخ التابعة للأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية للتعامل مع التوترات التي تغذيها تدابير مثل ضريبة الكربون الحدودية التي فرضها الاتحاد الأوروبي، والتي ستدخل حيز التنفيذ في يناير.

كما تم نشر استراتيجية مماثلة بشأن إزالة الغابات، وللتعامل مع أبرز ضحايا مؤتمر الأطراف الثلاثين: وهي دفع عشرات الدول لوضع خارطة طريق للمساعدة في فطام الاقتصادات عن الوقود الأحفوري.

ولم يتم إدراج خارطة الطريق في الاتفاق النهائي لمؤتمر الأطراف، لكن البرازيل أطلقت الخطوة بنفسها، معلنة أنها ستعقد اجتماعات مع حكومات الدول المنتجة والمستهلكة التي ستقدم تقاريرها إلى اجتماعات مؤتمر الأطراف المستقبلية.

وستستضيف هولندا وكولومبيا بشكل منفصل ما يُوصف بأنه أول مؤتمر دولي حول التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري في أبريل.

وعلى عكس المبادرات الأخرى، تذهب هذه الخطوة مباشرة إلى قلب أكثر قضايا مؤتمر الأطراف صعوبة. ومن الصعب معرفة مقدار ما يمكن أن تحققه أي من هذه التحالفات، لكن الكثير يعتمد الآن على نجاحها.

عموماً، فإن ما أظهره مؤتمر الأطراف «كوب 30» في النهاية هو أنه على الرغم من أن التحول في مجال الطاقة يتحرك بسرعة كبيرة بالنسبة للدول التي لا تزال تراهن على الوقود الأحفوري، إلا أنه يتحرك ببطء شديد للوصول إلى مناخ آمن.