كوستاس مورسيلاس - أميليا بولارد
أعلنت مجموعة «إيه كيو آر كابيتال» لإدارة الاستثمارات الكمية، عن تبنّيها لتقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلُّم الآلي في اتخاذ قرارات التداول، منهية بذلك سنوات من التحفّظ، لطالما ميّزت أحد آخر المعاقل التقليدية في هذا المجال.
وقال كليف أسنيس، الشريك المؤسس لشركة التحوط التي تتخذ من ولاية كونيتيكت مقراً لها، وتدير أصولاً بقيمة 136 مليار دولار، في تصريحات لصحيفة «فاينانشال تايمز»: «إننا نستسلم أكثر للآلات»، وذلك بعد سنوات من التجريب.
وتعتمد جميع صناديق التحوط الكمية — بما في ذلك «تو سيغما»، وذراع «إيه إتش إل» التابعة لمجموعة «مان غروب»، ووحدة «وينتون»، التي يملكها السير ديفيد هاردينغ — على قدرات الحوسبة والخوارزميات، لتحليل كميات ضخمة من البيانات، وتوظيف نماذج متقدمة، لاتخاذ قرارات استثمارية دقيقة.
غير أن «إيه كيو آر» كانت مترددة بقوة في استبعاد العنصر البشري من عمليات اتخاذ القرار، مفضلة الاعتماد على نماذج حاسوبية قائمة على قواعد من تطوير البشر، تستهدف أنماطاً قابلة للتفسير في الأسواق.
ورغم أن الشركة بدأت منذ عام 2018 بالاستثمار في تكنولوجيا التعلم الآلي واسعة النطاق، فإنها لم توسع نطاق استخدامها إلا مؤخراً، ليشمل فئات أصول أخرى، إلى جانب الأسهم.
وتستخدم «إيه كيو آر» حالياً هذه التكنولوجيا، لتحديد الأوزان المخصصة لعوامل الاستثمار المختلفة ضمن المحافظ في أي وقت.
كما بدأت الشركة تعتمد خوارزميات التعلم الآلي في رصد الأنماط السوقية التي يمكن المراهنة عليها، حتى وإن لم تكن الأسباب الكامنة وراء تطور تلك الأنماط واضحة تماماً في بعض الحالات.
ومع ذلك، تقول الشركة إنها قادرة في معظم الحالات على إيجاد مبررات اقتصادية للصفقات التي تنفذها.
ورغم أن هذا التحول نحو استخدام التعلم الآلي قد ساهم في تحسين العوائد، إلا أن الانخراط الكامل في هذه التقنيات، قد يترتب عليه بعض السلبيات خلال فترات الأداء الضعيف، إذ يصبح من الصعب طمأنة المستثمرين القلقين، أو شرح ما الذي يحدث تحديداً.
وقال أسنيس إن تبنّي التعلم الآلي جعل الشركة «صندوقاً غامضاً ومعقداً»، بدلاً من أن تكون مجرد «صندوق أسود»، لكن توقيت هذا التحول ساعدهم كثيراً، موضحاً بقوله «لقد كان من الأسهل تقبل الأمر، في ظل مرورنا بفترة جيدة جداً بعد مرحلة سيئة جداً.
ودائماً ما يكون شرح ذلك للمستثمرين أكثر صعوبة في الفترات السيئة، لكننا نعتقد أن الأمر يستحق العناء». وقد تحسنت العوائد بشكل ملحوظ منذ انتهاء فترة «الشتاء الكمي»، التي امتدت بين عامي 2018 و2020.
تراجعت أصول «إيه كيو آر» من 226 مليار دولار إلى مستوى متدنٍ، بلغ نحو 98 مليار دولار في عام 2023، خلال فترة شهدت أداءً ضعيفاً لعدد من عوامل الاستثمار.
وقال أسنيس مازحاً: «ما يدفعني أكثر من أي شيء، هو الانتقام من أعدائي. أريد أن أُثبت للعالم أننا كنا على صواب، وأننا قادرون على تحقيق نتائج أفضل. لدي نوع من التحدي الشخصي حيال هذا الأمر».
وقد حققت الاستراتيجيات الرئيسة لصندوق التحوط التابع للمجموعة أداءً قوياً خلال السنوات الخمس الماضية.
فصندوق «أبيكس» متعدد الاستراتيجيات، واستراتيجية الأسهم «دلفي»، حققا عوائد سنوية صافية بلغت 19 % و14.6 % على التوالي، حتى نهاية شهر مايو، وفقاً لشخص مطلع على الأرقام.
لكن أسنيس لم يُخف انتقاده لاستراتيجيات استثمار بديلة أخرى، وفي مقدمها صناعة الأسهم الخاصة، التي قال إنها «خدعت، وغالباً عن قصد، المستثمرين المؤسساتيين الكبار، مثل صناديق التقاعد، عبر وعود بعوائد مرتفعة ومستقرة. والأسوأ من ذلك، أن المستثمرين الأفراد بدؤوا الآن يضيفونها إلى محافظهم الاستثمارية أيضاً».
وأشار إلى أن نقص السيولة والتقييم غير المنتظم لمحافظ الأسهم الخاصة، يسمح للمديرين التنفيذيين بادعاء استقرار العوائد على نحو زائف، مقارنةً بالأسواق العامة.
وتابع قائلاً: «هناك كثير من الهراء في هذا المجال. القدرة على عدم الإفصاح عن العوائد... هي ميزة يدفع المستثمرون ثمنها، ما يرفع الأسعار ويقلص العوائد».
وقال أسنيس إن فجوة الإفصاح تُعد أمراً مريحاً للمستثمرين الذين لا يرغبون في أن تُسجل محافظهم انخفاضات في القيمة خلال فترات تراجع الأسواق العامة، غير أن ذلك لا يعني أن شركات الأسهم الخاصة تفي فعلياً بالصورة الشائعة عنها، من حيث العوائد المرتفعة والمخاطر المنخفضة.
ومع تزايد صعوبة قيام شركات الأسهم الخاصة ببيع شركات المحافظ التابعة لها، وازدياد تردد المستثمرين المؤسساتيين والصناديق الوقفية في ضخ رؤوس أموال جديدة، لجأت شركات الاستحواذ إلى المستثمرين الأفراد، كمصدر بديل للتمويل.
لكن أسنيس حذر من أن ارتفاع مستوى السيولة والتقييمات الأكثر تواتراً للصناديق «الدائمة»، التي ضخ فيها المستثمرون الأفراد أموالهم- قد يُبدد الوهم المتعلق بانخفاض المخاطر.
وأضاف: «إتاحة الوصول إلى الأصول الخاصة للجمهور، في هذا السياق، يعني ببساطة أنهم يقدمون للمستثمرين الأفراد صفقة أسوأ من الصفقة الصعبة بالفعل، التي يقدمونها للمؤسسات».