«أمازون» تدخل سباق الذكاء الاصطناعي وتستهدف منافسة «إنفيديا»

مايكل أكتون - تيم برادشو

تستعدّ شركة أمازون لإطلاق أحدث شرائحها للذكاء الاصطناعي، في وقت تسعى فيه المجموعة التقنية العملاقة، إلى جني ثمار استثماراتها الضخمة في قطاع أشباه الموصلات، وتقليص اعتمادها على شركة إنفيديا، الرائدة في السوق. وينفق قسم الحوسبة السحابية في أمازون مبالغ طائلة على الرقائق المتخصصة، أملاً في تعزيز الكفاءة داخل عشرات مراكز البيانات التابعة للشركة، وهو ما سيسهم في خفض التكاليف، ليس فقط بالنسبة لأمازون نفسها، بل ولعملاء خدمات أمازون السحابية أيضاً.

وتتولّى شركة «أنابورنا لابز» قيادة هذا المسعى، وهي شركة ناشئة متخصّصة في تصنيع الرقائق، مقرّها في أوستن، وقد استحوذت عليها أمازون في مطلع عام 2015، مقابل 350 مليون دولار. ومن المتوقّع أن تكشف الشركة النقاب عن أحدث إنجازاتها الشهر المقبل، عندما تُعلن أمازون عن إطلاق واسع النطاق لـ «ترينيوم 2»، وهو جيل جديد من شرائح الذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى تدريب نماذج الذكاء الاصطناعيّ الأكبر حجماً.

ويخضع «ترينيوم 2» حالياً للاختبار من قِبَل شركة «أنثروبك»، وهي شركةٌ تُعدّ من أبرز منافسي «أوبن إيه آي»، وقد حصلت على تمويلٍ بقيمة 4 مليارات دولار من أمازون، وكذلك من «داتا بريكس» و«دويتشه تليكوم» و«ريكو» اليابانية و«ستوك مارك».

وتستهدف خدمات أمازون السحابية وشركة «أنابورنا لابز»، منافسة شركة إنفيديا، إحدى أكثر الشركات قيمة في العالم، بفضل هيمنتها على سوق معالجات الذكاء الاصطناعي. وقال ديف براون نائب رئيس خدمات الحوسبة والشبكات في أمازون ويب سيرفيسز: «نريد أن نكون المكان الأفضل لتشغيل معالجات إنفيديا، ولكن في الوقت نفسه، نعتقد أنه من الصحي أن يكون هناك بديل».

وقالت «أمازون» إن شريحة «إنفيرنشيا»، وهي واحدة من شرائحها المخصصة للذكاء الاصطناعي، تُعد أرخص بنسبة 40 %، في ما يتعلق بتكاليف التشغيل الخاصة بتوليد الاستجابات من نماذج الذكاء الاصطناعي.

وأضاف براون: «عادة ما تكون تكلفة الحوسبة السحابية أكبر بكثير، عندما يتعلق الأمر بالتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، وعندما توفر 40 % من ألف دولار، فلن يكون لذلك تأثير كبير في قرارك، ولكن عندما توفر 40 % من عشرات الملايين من الدولارات، فسيكون لذلك تأثير كبير حقا». وتتوقع «أمازون» أن يصل إنفاقها الرأسمالي في عام 2024 إلى نحو 75 مليار دولار، مع توجيه الجزء الأكبر منه للبنية التحتية التكنولوجية.

وخلال أحدث إعلان عن الأرباح، قال الرئيس التنفيذي، أندي جاسي، إنه يتوقع أن تنفق الشركة مبالغ أكبر في عام 2025. وتمثل هذه زيادة كبيرة عن عام 2023، عندما أنفقت شركة أمازون 48.4 مليار دولار على مدار العام.

ومن اللافت أن جميع مقدمي الخدمات السحابية الرئيسين، بما في ذلك «مايكروسوفت» و«غوغل»، منخرطون في حملة إنفاق ضخمة على الذكاء الاصطناعي، دون أي مؤشر على توقفها في المستقبل القريب. و«أمازون» و«مايكروسوفت» و«ميتا» جميعاً عملاء كبار لشركة إنفيديا، لكنهم أيضاً يعملون على تصميم شرائح مراكز البيانات الخاصة بهم، لوضع الأساس لما يأملون أن يكون موجة من النمو في مجال الذكاء الاصطناعي.

وقال دانيال نيومان من مجموعة «فوتورم»: «يعمل جميع مزودي الخدمات السحابية الكبار بشكل محموم على تطوير وتوحيد تكنولوجيا الشرائح بشكل أسرع، بحيث تكون أكثر تخصصاً وملاءمة لاحتياجاتهم الخاصة، وإذا أمكن، متجانسة ومتكاملة مع تكنولوجيا الرقائق». وأضاف: «جميع الشركات، من أوبن إيه آي إلى آبل، تسعى لبناء شرائحها الخاصة، حيث تستهدف خفض تكاليف الإنتاج، وزيادة الهوامش الربحية، وتوفير المنتجات بشكل أكبر، والحصول على مزيد من التحكم».

وقال رامي سينو رئيس قسم الهندسة في شركة أنابورنا، والخبير في شركات مثل «سوفت بنك» و«آرم» و«إنتل»: «الأمر لا يتعلق فقط بالرقائق، بل بالنظام الكامل». وبالنسبة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في «أمازون»، يعني ذلك بناء كل شيء من الصفر، بدءاً من رقاقة السيليكون، وصولاً إلى وحدات الخوادم التي توضع فيها، مع دعم كامل من البرمجيات والأنظمة الهندسية المملوكة لأمازون. وقال سينو: «من الصعب حقاً القيام بما نقوم به على نطاق واسع.. قليل من الشركات فقط يمكنها فعل ذلك».

وبدأت شركة أنابورنا بتطوير رقاقة أمان لخدمات الحوسبة السحابية لأمازون تُسمى «نايترو»، ومنذ ذلك الحين، طورت العديد من الأجيال من شرائح «غرافيتون»، وهي وحدات معالجة مركزية قائمة على رقائق شركة «آرم»، توفر بديلاً منخفض الطاقة للوحدات التقليدية التي تقدمها شركات مثل «إنتل» و«إيه إم دي».

وقال جي.دان هاتشيسون، المحلل في شركة تيك إنسايتس: «الميزة الكبرى لأمازون، هي أن شرائحها يمكن أن تستهلك طاقة أقل، وبالتالي، يمكن لمراكز البيانات أن تكون أكثر كفاءة، ما يؤدي إلى خفض التكاليف.

وإذا كانت معالجات إنفيديا هي أدوات قوية لأغراض عامة، مثل السيارة العائلية أو «الاستيشن واغون»، فإن أمازون يمكنها تحسين شرائحها لأداء مهام وخدمات محددة، مثل السيارات المدمجة أو الهاتشباك». ولكن حتى الآن، لم تحدث أمازون ويب سيرفيسز و«أنابورنا» سوى تأثير ضئيل في ما يتعلق بهيمنة «إنفيديا» في مجال البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

حققت شركة «إنفيديا» إيرادات بلغت 26.3 مليار دولار من مبيعات شرائح مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، في الربع الثاني من عام 2024. وهذه الإيرادات تعادل تماماً ما أعلنته أمازون عن إيرادات قسم خدمات الحوسبة السحابية خلال الربع المالي نفسه، إلا أن نسبة ضئيلة جداً من هذه الإيرادات، تعود إلى العملاء الذين يقومون بتشغيل أحمال العمل الخاصة بالذكاء الاصطناعي على بنية «نابورنا»، وفقاً لهاتشيسون.

أمّا بالنسبة لأداء شرائح أمازون ويب سيرفيسز، مقارنة بشرائح إنفيديا، فإن أمازون تتجنب إجراء المقارنات المباشرة، ولا تقدم شرائحها لمعايير أداء مستقلة.

وقال باتريك مورهيد مستشار الشرائح في شركة مورإنسايتس آند ستراتيجي: «المعايير جيدة لهذه المرحلة الأولية: لكن، هل يجب أن أفكر في هذه الشريحة؟ الاختبار الحقيقي هو عندما يتم وضعها في العديد من الخوادم المجمعة معاً للعمل كأسطول».

وأكد مورهيد أنه واثق من صحة ادعاءات أمازون حول زيادة الأداء بمقدار 4 مرات بين شريحتي «ترينيوم 1» و«ترينيوم 2»، بعد أن راقب الشركة لعدة سنوات، ولكنه أضاف: «قد تكون أرقام الأداء أقل أهمية من مجرد تقديم المزيد من الخيارات للعملاء». وتابع: «الناس يقدرون كل الابتكارات التي قدمتها إنفيديا، لكن لا أحد يشعر بالراحة مع هيمنة إنفيديا على 90 % من الحصة السوقية». وشدد على أن: «هذا الوضع لا يمكن أن يستمر طويلاً».