بعد اجتماع «الفيدرالي».. أسعار الفائدة لن تنخفض كثيراً

روبرت أرمسترونغ

في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي جرى كل شيء كما كان متوقعاً، فقد خفض المجلس أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وقال إن خفض الميزانية العمومية سينتهي هذا العام.

لكن ما أثار هزة طفيفة، وإن كانت ملحوظة، في الأسواق هو تأكيد رئيسه جيروم باول، منذ بداية مؤتمره الصحفي، على أن الخفض الإضافي في ديسمبر - الذي كان السوق يعول عليه - «بعيد كل البعد عن أن يكون مضموناً، نظراً للاختلافات الحادة في وجهات النظر داخل اللجنة».

وقد تم التأكيد على هذه النقطة من خلال معارضتين لقرار اللجنة - إحداهما تدعو إلى عدم الخفض، والأخرى إلى خفض كبير. وكانت النتيجة أن ارتفعت عوائد السندات، وتوقف ما كان يوماً متفائلاً للأسهم.

ويمكن إرجاع بعض عدم اليقين بشأن ديسمبر إلى حقيقة أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، خلال فترة إغلاق الحكومة، يعمل دون البيانات الكاملة التي يعتمد عليها عادة.

ولذلك، قال باول: «عندما تقود في الضباب، تبطئ سرعتك». وهذا معقول، لكن لا ينبغي لأحد أن يخدع نفسه بالاعتقاد بأنه في حال انتهاء الإغلاق، فسيكون الطريق ممهداً تلقائياً لخفض الفائدة. لن يكون الأمر كذلك.

وقد أشار باول مجدداً إلى أن مهمتي الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق استقرار الأسعار والتوظيف، تسيران في اتجاهين مختلفين. لكنه لم يصف هذا الوضع بأنه يائس أو مأساوي.

بل على العكس: ففيما يتعلق بكل من التضخم والوظائف، قال باول إن الاقتصاد قريب من المستوى الذي يريده البنك المركزي.

وفيما يتعلق بالوظائف، فقد أكد على التباطؤ الذي يبدو أن سوق العمل يشهده، قائلاً: عدم رؤيتنا لارتفاع طفيف في طلبات الإعانة أو زيادة طفيفة في الوظائف الشاغرة يشير إلى أننا نشهد ربما استمراراً في التباطؤ التدريجي بسوق العمل، لكن ليس أكثر من ذلك، وهذا يُشعرنا ببعض الارتياح.

وهو يرى بأن تباطؤ الوظائف هو في الغالب مسألة تتعلق بعرض العمال، وليس بضعف الطلب.

وهناك أمران يؤثران على سوق العمل، أحدهما مجرد انخفاض حاد في عرض العمال الجدد.

وهناك انخفاض في مشاركة القوى العاملة، وهو أمر دوري، وكذلك انخفاض في الهجرة، وهو مجرد تغيير كبير في السياسة.

وجزء كبير من القصة برمتها يتعلق بجانب العرض. بالإضافة إلى ذلك، كان انخفاض الطلب على العمالة أكثر بقليل من العرض، لكنني أعتقد أن الأمر يتعلق في الغالب بوظيفة العرض.

وفيما يتعلق بالتضخم، قال باول، إنه بناءً على افتراض أن الرسوم الجمركية ستكون مجرد تغيير لمرة واحدة في مستوى الأسعار، فإن التضخم قريب جداً من 2 %. وبالنسبة لارتفاع أسعار السلع، فهو يرجع في الواقع إلى الرسوم الجمركية.

وقد انخفض تضخم خدمات الإسكان، ومن المتوقع أن يستمر في الانخفاض.

وبالنسبة للفئة الأكبر، وهي الخدمات بخلاف خدمات الإسكان، فقد كانت تتحرك بشكل جانبي خلال الأشهر الماضية، لكن جزءاً كبيراً منها هو خدمات غير سوقية، ولا نأخذ الكثير من الإشارات حول ضيق الاقتصاد من ذلك.

وهكذا، إذا جمعنا كل ذلك معاً، فإن التضخم باستبعاد التعريفات الجمركية ليس بعيداً جداً عن هدفنا البالغ 2 %.

وقد يكون مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي بدون التعريفات الجمركية بحدود 2.3 أو 2.4.

وفي حين أن السياسة النقدية قد تكون مقيدة بعض الشيء، إلا أنها قريبة جداً من الحياد، فهل من الجنون الاعتقاد بأن المعدل المحايد قد يكون 1 - 2 % بالقيمة الحقيقية؟ وسعر الفائدة الحقيقي على الأموال الفيدرالية الآن في هذا النطاق.

وهكذا، فإن هذا ليس عالماً يجب أن يراهن فيه المرء بكل شيء على خفض سعر الفائدة في ديسمبر، أو على تخفيضات متعددة العام المقبل.

لكن هل توصيف باول للاقتصاد صحيح؟ نعتقد أن وصفه لتضخم الخدمات متفائل بعض الشيء، وأن المخاطر الأكبر تكمن في الإفراط في تخفيف السياسة النقدية، فمعدل تضخم الخدمات، باستثناء الطاقة والإسكان يبلغ 3.2 % على أساس سنوي، وهو لا يتجه نحو الانخفاض.

والسبب الذي يجعلنا قلقين بشأن التضخم هو أنه مع تسهيل الظروف المالية وارتفاع أسعار الأصول المالية، فإن تسارع التضخم من جديد، سيدفع أسعار الفائدة إلى الارتفاع، وقد يؤدي إلى تصحيح في السوق- تصحيح كبير بما يكفي لإحداث ركود.

وعندما سُئل باول عن مخاطر ارتفاع أسعار الأصول، وازدهار الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، كانت إجاباته أن الأنظمة المصرفية والمالية تبدو جيدة التمويل ومستقرة، وأن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ليس حساساً للسياسة النقدية.

ربما يكون هذا صحيحاً، ولكن يجب أخذ احتمال عدم تأثره بالسياسة النقدية على محمل الجد.