راشيل ميلارد - مارثا موير - إدوارد وايت
كريس كاي جايسالمر
إلى الجنوب من سلسلة جبال مونتي كريستو، اجتذبت مساحة شاسعة من صحراء نيفادا عدداً من المتحمسين الساعين وراء واحدة من أعظم الطفرات الاستثمارية في أمريكا في القرن الحادي والعشرين. ويسعى مطورو الطاقة الشمسية إلى تغطية مساحة أكبر من واشنطن العاصمة بألواح السيليكون والبطاريات، لتحويل ضوء الشمس إلى كهرباء تستخدم لتشغيل مكيفات الهواء في لاس فيغاس شديدة الحرارة، بالإضافة إلى ملايين المنازل والشركات الأخرى.
لكن في وقت سابق من الشهر الماضي ألغى البيروقراطيون المسؤولون عن الأراضي الفيدرالية الموافقة الجماعية على مشاريع «إزميرالدا 7» الضخمة، فيما يخشى النشطاء من أن يكون جزءاً من الهجوم الواسع على الطاقة المتجددة في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي كان قد هاجم بحدة على منصته «تروث سوشيال» في أغسطس طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وسيحتاج المطورون إلى إعادة تقديم طلباتهم بشكل فردي، ما يعني فعلياً إبطاء التقدم.
في المقابل وعلى بُعد آلاف الأميال، على الجانب الآخر من المحيط الهادئ، تختلف القصة، فقد نصبت الصين ألواحاً شمسية في منطقة بحجم شيكاغو، مرتفعة على هضبة التبت، حيث يساعد الهواء الرقيق على نفاذ المزيد من ضوء الشمس.
وتعد مزرعة تالاتان للطاقة الشمسية جزءاً من مساعي الصين لمضاعفة قدرتها على توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال العقد المقبل.
وقال الرئيس شي جين بينغ، أمام المندوبين في قمة الأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي: «التحول الأخضر منخفض الكربون هو اتجاه عصرنا هذا».
وقد أدى الإنتاج الضخم للصين من الألواح الشمسية والبطاريات إلى انخفاض أسعار معدات الطاقة المتجددة للجميع، ما يعني أنه «أصبح من الصعب جداً اتخاذ أي خيار آخر في بعض الأماكن»، وفقاً لهيمي بهار، كبير المحللين في وكالة الطاقة الدولية.
وفي عام 2010 كانت تقديرات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أنه سيكون هناك 410 غيغاواط من الألواح الشمسية المركبة حول العالم بحلول عام 2035، في حين يوجد الآن بالفعل أكثر من 4 أضعاف هذه القدرة، نصفها تقريباً في الصين.
وتطور العديد من الدول في أفريقيا والشرق الأوسط، حتى في الدول النفطية، الطاقة الشمسية بوتيرة سريعة.
ويقول كينغزميل بوند، الخبير الاستراتيجي في مجال الطاقة في مركز «إمبر» للأبحاث: «إنها طريقة رخيصة جداً لتسخير طاقة الشمس».
ويشير تحليل المركز إلى أنه بفضل النمو السريع في طاقة الشمس وطاقة الرياح ولدت مصادر الطاقة المتجددة كهرباء أكثر من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم خلال النصف الأول من العام الجاري.
وقد خفف التقدم المحرز في مجال الطاقة ومجالات أخرى من حدة التشاؤم بشأن الاحتباس الحراري، ففي عام 2015 توقعت الأمم المتحدة ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية بحلول عام 2100.
بينما تتوقع الآن ارتفاعاً قدره 2.6 درجة مئوية إذا ما تم اتباع سياسات المناخ.
ولكن بالنسبة للوفود التي ستجتمع في بيليم، البرازيل، في وقت لاحق من شهر نوفمبر لحضور قمة المناخ «كوب 30»، فإن أي ابتهاج سيخفف من حدته إدراك أن ثورة الطاقة المتجددة تبقى حتى الآن بعيدة المنال، فقد ارتفعت انبعاثات قطاع الطاقة للعام الرابع على التوالي في 2024 إلى مستوى قياسي، في حين أن تباطؤ نمو مصادر الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة يعني على الأرجح عدم تحقيق الهدف الطموح المتمثل في مضاعفة الطاقة الإنتاجية العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2030.
ورغم أن الطاقة المتجددة قد خفضت تكاليف الطاقة إجمالاً، إلا أن ذلك لم يؤثر بالضرورة على الأسعار التي يدفعها المستهلكون، حيث إن المستخدمين في العديد من البلدان لم يتحولوا بعد إلى الكهرباء لأغراض مثل النقل والتدفئة المنزلية بالكميات المطلوبة لتقليل استخدام الوقود الأحفوري.
وتظهر حسابات معهد الطاقة، الهيئة العالمية للقطاع، أن إمدادات النفط والغاز والفحم للطاقة – أي لتوليد الكهرباء والتدفئة والاستخدام الصناعي والنقل – قد ارتفعت في عام 2024 بأكثر من إمدادات الطاقة من مصادر منخفضة الكربون، والتي تشمل أيضاً الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية، وقد دفع ذلك البعض إلى القول إن مصادر الطاقة المتجددة تساعد فقط في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، بدلاً من استبدال الوقود الأحفوري.
وقال آندي براون، رئيس المعهد، عند إصدار تقريره في أغسطس: «لا يزال العالم في وضع إضافة للطاقة، بدلاً من عملية التحول الواضح».
وفي مزرعة للطاقة الشمسية تديرها شركة «ري نيو»، إحدى أكبر شركات الطاقة الخضراء في الهند، تتلألأ مئات الألواح الشمسية تحت شمس راجستان الصحراوية.
وتعد الهند ثالث أكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، وتسعى إلى تطوير 500 غيغاواط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، وقد وصلت في وقت سابق من هذا العام إلى 243 غيغاواط - ما يعني أن أكثر من نصف قدرتها الإنتاجية الحالية من الطاقة الكهربائية تأتي الآن من مصادر متجددة.
من جانبها طورت المملكة العربية السعودية، التي حباها الله بالنفط والشمس، حوالي 4.34 غيغاواط من الطاقة الشمسية في مسعى لتوفير المزيد من النفط للتصدير، بدلاً من حرقه في محطات الطاقة، وتريد إنتاج ما يصل إلى 130 غيغاواط بحلول نهاية العقد.
وقال ماركو أرشيلي، الرئيس التنفيذي لشركة أكوا باور، المملوكة جزئياً لصندوق الثروة السيادية السعودي، لصحيفة فاينانشال تايمز في وقت سابق من هذا العام: «إن ما يحدث أمر ضخم».
وأصدرت جنوب أفريقيا موافقات لإنتاج ما لا يقل عن 6 غيغاواط من الطاقة المتجددة منذ أن ألغى الرئيس سيريل رامافوزا قيود السعة على مزودي الكهرباء من القطاع الخاص في عام 2022، لينهي بذلك سنوات من التردد من جانب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في تحدي هيمنة شركة إسكوم، شركة المرافق الحكومية الاحتكارية.
كما سارع أفراد الطبقة المتوسطة في البلاد إلى تركيب ألواح شمسية على أسطح المنازل لمواجهة سنوات من انقطاع التيار الكهربائي بسبب نقص الطاقة، ويعد هذا كله جزءاً من اتجاه عالمي لتركيب أنظمة أصغر حجماً، حيث سئمت المنازل والشركات من انتظار الحكومات أو شركات المرافق الكبرى لمعالجة مشكلة نقص الطاقة.
شكلت تركيبات الألواح الشمسية التي تقل قدرتها عن 1 ميغاواط حوالي 42% من إجمالي التركيبات العالمية العام الماضي، وفقاً لـ«بلومبيرغ إن إي إف»، أي ما يقرب من ضعف النسبة المسجلة عام 2015 والبالغة 22%.
وقد غطت المصانع والمساجد والمزارع في باكستان أسطحها بألواح شمسية صينية الصنع في محاولة لتجنب ارتفاع الرسوم على الطاقة التي توفرها الدولة.
وقد كان بناء محطات شمسية ضخمة في الصحارى والتركيبات الصغيرة على أسطح المنازل مدفوعاً إلى حد كبير بالاتجاه الأساسي نفسه: انخفاض التكاليف.
وقد أدى الفائض الهائل في الطاقة الإنتاجية في الصين، التي أنتجت حوالي 8 من أصل 10 من وحدات الطاقة الشمسية في العالم في عام 2024، إلى خفض تكلفة الألواح بنسبة 90% تقريباً خلال العقد الماضي، وخفض إجمالي تكاليف الإنفاق الرأسمالي بنسبة 70%، وفقاً لمحللين.
رغم ذلك كله، فإنه حتى في أماكن مثل الهند لا يزال الوقود الأحفوري مسيطراً، ولا يزال الفحم يولد أكثر من 70% من إنتاج الطاقة في البلاد، ويظل محمياً سياسياً، حيث يوظف مئات الآلاف بشكل مباشر، وكثيرين بشكل غير مباشر في بعض من أفقر مناطق الهند.
كما أن العملية الشاقة المتمثلة في الاستحواذ على مساحات شاسعة من الأراضي لمحطات الطاقة الشمسية في بلد يضم ملايين المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة أدت إلى تأخيرات في تطور قطاع الطاقة المتجددة، وهو ما يتذمر منه العديد من المطورين الهنود.
وتنتظر أكثر من 50 غيغاواط من مشاريع الطاقة المتجددة الاتصال بشبكة نقل تعمل فوق طاقتها، وفقاً لتقديرات معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، وهو مركز أبحاث، وشركة «جيه إم كيه ريسيرش» لاستشارات التكنولوجيا النظيفة.
وحتى مع تزايد شعبية الألواح الشمسية في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لا تزال ملايين المنازل والشركات تعتمد على مولدات الديزل باهظة الثمن والملوثة، ويفتقر حوالي 600 مليون شخص إلى إمكانية الحصول على الكهرباء، كما يفتقر الكثيرون غيرهم إلى القدرة على دفع الأسعار التجارية للكهرباء، حتى قبل احتساب الرسوم الإضافية اللازمة لتمويل تكلفة خطوط النقل الجديدة، وهي عامل تمكين رئيسي لمشاريع الطاقة المتجددة حول العالم.
كذلك ينبغي تحسين قدرات تخزين الكهرباء بشكل كبير إذا أرادت الدول الاعتماد بشكل أكبر على مزارع الرياح والطاقة الشمسية المتقطعة والتخلص التدريجي من الطاقة الاحتياطية المعتمدة على الوقود الأحفوري.