ما السبب وراء ارتفاع أسعار «الأسهم غير المرغوبة» في «وول ستريت»؟

روبرت أرمسترونغ

لسنوات عدة، كانت استراتيجية الفوز في أسواق الأسهم الأمريكية واضحة ومباشرة: امتلك أسهم الشركات الكبرى وأسهم التكنولوجيا عموماً، وأسهم شركات التكنولوجيا السبع الكبرى بصفة خاصة.

بناءً على هذه الخلفية، فإنه عند إلقاء نظرة على بيانات الأسواق منذ أن وصلت إلى أدنى مستوياتها بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب عن «يوم التحرير» للرسوم الجمركية، فنستنتج أن الأشهر الستة الماضية سارت كالمعتاد.

فقد تفوّق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 المُرجّح بالقيمة السوقية على الإصدار المساوي له، مما يعكس تفوق أداء الأسهم الأكبر، وتفوق مؤشر ناسداك 100 المُركّب بشركات التكنولوجيا على كليهما.

لكنني لا أعتقد أن هذه هي القصة الحقيقية. بل أعتقد أن مؤشر بيتا المرتفع يتتبع 100 من مكونات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأكثر حساسية لتحركات السوق.

أي أنه يضم الأسهم التي ترتفع أكثر عندما يكون السوق مرتفعاً وتنخفض أكثر عندما يكون السوق منخفضاً - الأسهم المتقلبة.

وعلى النقيض من ذلك، يُمثل مؤشر الجودة مجموعة من الشركات المختارة بناءً على عائدها المرتفع على حقوق الملكية، وتوليدها النقدي المرتفع، وانخفاض ديونها - أي الأسهم الصلبة.

خلال النصف الأول من العام الماضي، تفوقت الأسهم المتقلبة على الأسهم الصلبة بفارق هائل بلغ 40 نقطة مئوية.

وهذا لا يعني أن الذكاء الاصطناعي لم يكن هو الموضوع الرئيسي، لكن الطريقة المفضلة لدى المستثمرين للاستفادة من هذا الموضوع كانت أسهم أشباه الموصلات، التي توفر دعماً أكبر لموضوع مراكز البيانات مقارنة بمؤشر «ماج 7».

وتشتهر أسهم أشباه الموصلات بارتفاع معامل بيتا، وهي تمثل ستة من أكبر 10 أسهم رابحة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منذ أبريل.

وقد أرسلت لي ليز آن سوندرز، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في تشارلز شواب، لقطة شاشة لإحدى لوحات معلومات السوق الخاصة بها، والتي تتتبع أداء سلال الأسهم ذات المواضيع المختلفة.

وكانت الأسهم الأفضل أداءً منذ 8 أبريل تتعلق بالحوسبة الكمومية، الطائرات بدون طيار، التكنولوجيا غير المربحة، والأسهم المباعة على المكشوف بكثافة، الميمات، تجارة التجزئة، والأسهم المثقلة بالديون.

إنه اندفاع نحو أي شيء رائج، أو مضاربي، أو محفوف بالمخاطر، أو منخفض الجودة. على النقيض من ذلك، كانت أسوأ الأسهم أداءً هي التي تتعلق بكل شيء آمن ودفاعي.

وعندما سألت ين لوه، الخبير في الاستراتيجية الكمية بشركة وولف للأبحاث، عما إذا كنا نشهد ارتفاعاً في أسعار الأسهم غير المرغوبة. أجاب: إنه ارتفاع في أسعار الأسهم غير المرغوبة.

ومن منظور كلي، فإن توقع المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة/ سياسات نقدية أكثر تيسيراً، وتخفيف حدة النزاعات التجارية، واستمرار قوة الاقتصاد الأمريكي وأرباح الشركات جميعها تدعم المعنويات الصعودية بشكل عام.

ومن منظور جزئي، يواصل المستثمرون البحث عن فرص جديدة لإبقائهم متحمسين - سواء كان ذلك الذكاء الاصطناعي، أو الحوسبة الكمومية، أو أي مجال ناشئ آخر.

وهذا الوضع مشابه إلى حد ما لما رأيناه في عام 2020، وإن كان لأسباب مختلفة.

والتشابه بين عامي 2020 و2025، وتحديداً بين أدنى مستوى لسوق كوفيد وأدنى مستوى لسوق «يوم التحرير»، مثير للاهتمام.

ويشير كيفن جوردون، رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في «شواب» إلى أنه في التعافي الحاد من الخوف الأولي من كوفيد، ارتفعت الأسهم منخفضة الجودة أيضًا بشكل حاد، وفي عام 2021 تبعتها بقية السوق.

لذلك، قد يتحول ارتفاع أسعار الأسهم غير المرغوبة الحالي إلى أمر أوسع نطاقاً، إذا كان التاريخ دليلاً. لكن، كما يشير جوردون، يجدر بنا أيضاً تذكر ما حدث للأسهم منخفضة الجودة في «عام 2022 البائس». كان الأمر سيئاً للغاية.

وهناك قراءة إيجابية معقولة تماماً لأسباب ارتفاع أسعار الأسهم غير المرغوبة. فقد أثار إعلان التعريفات الجمركية في «يوم التحرير» ذعر الجميع. ومنذ ذلك الحين، شهدت الفترة الماضية تراجعاً طويلاً من جانب الإدارة عن أشد تهديداتها بالتعريفات.

وبموازاة ذلك شعر المستثمرون بمزيد من الارتياح لاتجاهات الاقتصاد الكلي وأرباح الشركات. ومن الطبيعي أن تكون الأصول الأكثر خطورة هي الأكثر ربحية خلال عملية كهذه.

ويقول سكوت كرونيرت، استراتيجي الأسهم في سيتي جروب: كانت التعريفات الجمركية، كما وُصفت في «يوم التحرير»، ستسبب اضطراباً في نموذج الأعمال لجميع الشركات تقريباً في مؤشر ستاندرد آند بورز 500.

وكنا نتوقع تعريفات جمركية، ولكن ليس بهذا الحجم. وقد دفع ذلك مؤشر ستاندرد آند بورز إلى حافة الهاوية، وعندما ظننت أنك قد تقع في الهاوية، حدث بعد أسبوع وقف الرسوم الجمركية، ومنذ ذلك الحين، أصبح العالم أقل رعباً بالتدريج.

من جانبه، لا يعتقد جاكوب بوزارني، الرئيس التنفيذي المشارك للاستثمار في بريدجواي كابيتال مانجمنت أن «ارتفاع الأسهم الرديئة» هو المصطلح المناسب لما نشهده.

في ارتفاع الأسهم الرديئة، تنتعش الشركات التي تعرضت لمبيعات كثيفة وأصبحت مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.

وهذا أمر طبيعي عندما ترتفع الأسواق من أدنى مستوياتها وتتعافى. أما ما لدينا الآن، وكما يجسده قيادة أكثر الأسهم بيعاً على المكشوف، هو «ارتفاع أسهم رديئة»، حيث تتفوق الأسهم الأقل ربحية ذات جودة الأرباح الأقل على الأسهم الأكثر ربحية.

يحدث ذلك في وقتٍ تشهد فيه معنويات قادة الأعمال تراجعاً حاداً.

ويستخدم بوزارني أدوات تحليل نصي آلية لقياس المعنويات كما تُعبّر عنها آلاف ملفات الشركات والمؤتمرات الهاتفية، وفي جميع القطاعات تقريباً، انهارت المعنويات قرابة «يوم التحرير» ولم تتعافَ بعد.

وباختصار، يعتقد بوزارني أن انتعاش المعنويات بين المستثمرين لم يحدث بين الأشخاص الذين يديرون الشركات العامة بالفعل، وهذا يُشير بقوة إلى أن هذا الانتعاش السلبي غير مستدام.