طاقة أرخص وأكثر مراعاةً للبيئة في الطريق إلى المستهلكين

بيليتا كلارك

قبل فترة ليست طويلة، كان مارك بورسيل، وهو أميرال متقاعد في البحرية الأسترالية، يدفع حوالي 250 دولاراً أسترالياً شهرياً، مقابل الكهرباء في منزل عائلته الفسيح على ساحل كوينزلاند.

أما اليوم، فهو يكسب ما يصل إلى 300 دولار أسترالي شهرياً، أو ما يقارب 200 دولار، من الكهرباء التي ينتجها ويخزنها ويبيعها باستخدام ألواحه الشمسية وبطارياته.

قال لي: «هذا هو المستقبل. هكذا يمكن أن يبدو التحول في مجال الطاقة للكثيرين».

بورسيل هو واحد من أكثر من 58,000 عميل لشركة «أمبر إلكتريك»، وهي شركة تأسست في ملبورن قبل 8 سنوات، وتتيح لأصحاب المنازل الوصول إلى أسعار الجملة للكهرباء في الوقت الفعلي، حتى يتمكنوا من استخدام الطاقة عندما تكون رخيصة، وبيع ما يُخزن في بطارياتهم عندما تكون الكهرباء باهظة الثمن.

وتضيف الشركة 5000 عميل شهرياً، ما يضعها ضمن جيل جديد من الشركات الناشئة سريعة النمو في مجال تكنولوجيا الطاقة، والتي تهدف إلى جعل الكهرباء أرخص وأكثر مراعاة للبيئة، ليس فقط في أستراليا، بل حول العالم.

ومن المقرر بالفعل إطلاق تقنية التسعير الديناميكي من «أمبر إلكتريك» قريباً في المملكة المتحدة، حيث أبرمت الشركة صفقات ترخيص مع موردي الطاقة «إيكوتريسيتي» و«إي. أون».

كما تقدم شركة «تيبر» النرويجية خدمات مماثلة لمليون عميل، نجحت في استقطابهم منذ انطلاقتها في عام 2016. كما وسعت الشركة نشاطها إلى ألمانيا والسويد وهولندا.

وفي ألمانيا، نمت الحصة السوقية لشركات مثل «تيبر» و«أوكتوبوس إنيرجي» و«رابوت تشارج»، من 0.1 % في عام 2023، إلى 2.4 % في عام 2025، وفقاً لمجموعة «كريتزر كونسلتنج».

ويبلغ عدد عملاء هذه الشركات أكثر من مليون عميل- 77 % منهم «راضون تماماً» أو «راضون» عن مزودي خدماتهم، وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة الإجمالية للقطاع البالغة 57 %.

وعليك أن تتذكر هذه الأرقام في المرة القادمة، التي تسمع فيها شعبوياً يمينياً يدين سياسات «صافي الصفر المزعومة، التي لا يمكن تحملها».

وفي الواقع، تُظهر هذه الفئة الجديدة من شركات تكنولوجيا الطاقة، كيف يمكن أن تصبح الكهرباء أقل تكلفة على وجه التحديد، بفضل مصادر الطاقة المتجددة، والبطاريات والسيارات الكهربائية، التي تدفعها جهود الوصول لصافي الصفر.

وليس من قبيل المصادفة أن شركة «أمبر إلكتريك»، بدأت في أستراليا، التي تعد رائدة عالمياً منذ فترة طويلة في أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المنازل، حيث توجد الألواح الشمسية فوق أكثر من 4 ملايين منزل وشركة صغيرة.

كما يشهد سكانها البالغ عددهم 28 مليون نسمة الآن، طفرة في استخدام بطاريات المنازل، بعد إطلاق برنامج دعم حكومي بقيمة 2.3 مليار دولار أسترالي في يوليو.

وتشير تقديرات الصناعة إلى أن الطاقة الشمسية على الأسطح، يمكن أن توفر للأسر ما يصل إلى 1500 دولار أسترالي سنوياً من فواتير الطاقة، وهو رقم يتضاعف تقريباً إذا أضفت بطارية.

وهناك فوائد أوسع. فقد وفرت الطاقة الشمسية على الأسطح 13 في المئة من كهرباء أستراليا في النصف الأول من هذا العام.

أضف إلى ذلك الأعداد المتزايدة من البطاريات المنزلية والسيارات الكهربائية القادرة على تصدير الطاقة إلى الشبكة. وهكذا، تخفف الكهرباء الخضراء المنتجة محلياً، الضغط على الشبكات، ويمكن أن تساعد في تجنب الحاجة إلى بناء محطات طاقة وأبراج كهرباء إضافية.

هل من مشكلة؟ في الوقت الحالي، قد تكون التكاليف الأولية للتكنولوجيا الخضراء مرتفعة.

وبالنسبة لبورسيل من «كوينزلاند»، فهو مستخدمٌ متفوقٌ للطاقة، وقد أنفق عشرات الآلاف من الدولارات على الألواح الشمسية والبطاريات، ونظام إدارة طاقة منزلي يجعل كل شيء، من سخان حمام السباحة إلى مكيفات الهواء، متجاوباً مع هذه الأنظمة. كما تمتلك عائلته سيارتي تيسلا.

ومن الواضح أن هذا الأمر يبقى حتى الآن خياراً غير يسير بالنسبة للكثيرين، لكن ربما ليس لفترة طويلة.

فقد بدأت شركات بيع الأجهزة المنزلية الكبرى في إطلاق خطط تمويل تتيح للناس دفع رسوم شهرية أقل من 150 دولاراً أسترالياً لحزم الطاقة الشمسية والبطاريات، بدلاً من دفع مبلغ أولي كبير.

وهناك تعقيدات أخرى. فقد أدى انتشار مصادر الطاقة المتجددة إلى ارتفاع معدلات أسعار الطاقة السلبية التي تحدث عندما تغمر الشبكات بالطاقة المتجددة الرخيصة التي لا يمكن تخزينها بسهولة. ويحدث هذا من ألمانيا إلى كوينزلاند، وهو يُثير قلق مستثمري الطاقة المتجددة، الذين يحتاجون إلى عوائد موثوقة.

كما أن أسعار الجملة للطاقة قد ترتفع وتنخفض، وهو ما اكتشفه عملاء بعض شركات التسعير الديناميكي القديمة، عندما تراكمت عليهم فواتير باهظة.

ولتجنب هذا الخطر، تستخدم شركة أمبر إلكتريك، استراتيجية تحوّط لتوفير أقصى ضمان للسعر لعملائها.

ولا شك أن عقبات أخرى ستظهر. فقد يُبطئ موردو الطاقة الحاليون طرح العدادات الذكية التي يحتاجها منافسوهم الأصغر سناً. وبعض أسواق الطاقة أقل ملاءمة للتسعير الديناميكي.

لكن السؤال المهم هو: لماذا قد يرغب أي سياسي في خنق التكنولوجيا الناشئة، التي يمكن أن تجعل الكهرباء أكثر توفيراً، وبأسعار معقولة لملايين الناس، لمجرد أنها صديقة للبيئة؟.