«الاحتياطي الفيدرالي» وإنهاء متوقع لبرنامج التشديد الكمي

كلير جونز

من المتوقع أن ينهي الاحتياطي الفيدرالي مرحلة استمرت ثلاث سنوات من التشديد الكمي خلال اجتماع اليوم، ليخفف بذلك الضغوط على البنوك وسط مخاوف من تزايد شح التمويل في أسواق المال.

وبدأ صانعو السياسات مناقشة هذه القضية أمس بعد أن استفادت بعض البنوك المقرضة في وقت سابق من هذا الشهر من تسهيلات تمويلية فيدرالية احتياطية بمستويات لم تشهدها البلاد منذ جائحة (كوفيد 19).

وسمح الاحتياطي الفيدرالي بسحب أكثر من تريليوني دولار من سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ميزانيته العمومية منذ بدء برنامج التشديد الكمي في يونيو 2022، ما أدى إلى تقييد شروط التمويل.

وقال كريشنا جوها، نائب الرئيس في «إيفركور آي إس آي»: «سرعان ما أصبح هناك إجماع على أن الاحتياطي الفيدرالي سينهي برنامج التحفيز الكمي هذا الشهر».

كما قال ريتش كلاريدا، نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق والذي يعمل حالياً في شركة «بيمكو»: «إنه قرار حتمي.

وحتى لو لم نتلقَّ قراراً رسمياً اليوم، فسيكون لدينا تلميح قوي بأنهم سينهونه في ديسمبر».

وصرح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في وقت سابق من هذا الشهر بأن البنك المركزي سينهي برنامج التشديد الكمي «في الأشهر المقبلة»، كما أوضح نيته خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية للشهر الثاني على التوالي.

وقد استوعبت الأسواق تقريباً بالكامل أن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض نطاق هدف سعر الفائدة القياسي إلى 3.75 - 4% اليوم، خصوصاً في ظل مؤشرات على ضعف سوق العمل وتراجع المخاوف من أن الحرب التجارية للرئيس دونالد ترامب ستؤدي إلى ارتفاع التضخم.

ويعد برنامج التشديد الكمي الوجه الآخر لسياسات التيسير الكمي التي انتهجها الاحتياطي الفيدرالي، ولجأ إليها واضعو أسعار الفائدة آخر مرة خلال الجائحة لدرء أزمة اقتصادية ومالية.

واستخدم الاحتياطي الفيدرالي كلاً من التيسير الكمي (QE) والتشديد الكمي (QT) مرات عدة منذ عام 2009 باعتبارها أداة أخرى للتأثير على شروط التمويل.

ويتضمن التيسير الكمي إنفاق أموال البنك المركزي لشراء أصول، مثل السندات أو الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، ما يزيد من تدفق الأموال في الاقتصاد، وقد ساعدت هذه الآلية على تعزيز الثقة في أوقات الضائقة المالية، كما حدث بعد انهيار ليمان براذرز، في حين في ظل سياسة التشديد الكمي يقوم الاحتياطي الفيدرالي بالعكس، حيث يسمح للسندات التي اشتراها بالخروج من ميزانيته العمومية عند استحقاقها، دون استبدالها.

وقام الاحتياطي الفيدرالي بإبطاء وتيرة سياسة التشديد الكمي في أبريل، ما قلل من حيازاته من سندات الخزانة بما يصل إلى 5 مليارات دولار شهرياً، من 25 مليار دولار، وواصل سحب ما يصل إلى 35 مليار دولار من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري شهرياً.

وكان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قد وافقوا سابقاً على إنهاء سياسة التحفيز الكمي بمجرد أن أظهر النظام المصرفي الأمريكي علامات على التحول مما يسمى بمستوى وفير من السيولة إلى نظام يتمتع فيه بإمدادات «وفيرة» من الاحتياطيات.

ويعرّف المسؤولون النظام «الوافر» بأنه نظام يتمتع بمستويات سيولة معتدلة، حيث تستطيع البنوك تلبية متطلباتها التمويلية بسعر يتماشى مع أسعار الفائدة المرجعية للمسؤولين - ولكن دون أن تكون لديها وفرة من النقد.

في حين أن هناك القليل من علامات الضغط الواسع، فإن استخدام تسهيل إعادة الشراء الدائم التابع لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك - وهو نظام احتياطي يفرض أسعار فائدة أعلى من سعر الفائدة المرجعي للبنك المركزي - قد وصل مؤخراً إلى مستويات لم نشهدها منذ الجائحة.

ويعتقد المحللون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يرغب أيضاً في التحرك الآن لتجنب تكرار نوع الصدمة التي حدثت خلال تجربة تشديد كمي سابقة، وذلك في سبتمبر 2019، عندما ارتفعت تكاليف التمويل قصير الأجل للبنوك فوق النطاق المستهدف لبنك الاحتياطي الفيدرالي.

وقالت ديان سوونك، كبيرة الاقتصاديين في كي بي إم جي بالولايات المتحدة: «إن أكبر مشكلة تدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التفكير بهذه الطريقة هي الخوف من صدمة السيولة».

كان استخدام الاحتياطي الفيدرالي لميزانيته العمومية مثيراً للجدل، فبينما حال التيسير الكمي دون انهيار السوق خلال الجائحة يقول المنتقدون إنه أسهم أيضاً في أسوأ ارتفاع للتضخم منذ جيل.

وبقيمة 6.59 تريليونات دولار لا تزال الميزانية العمومية للبنك المركزي أكبر بأكثر من تريليوني دولار مما كانت عليه قبل الجائحة، وعندما اندلعت الأزمة المالية العالمية عام 2008، كانت أقل من تريليون دولار.

وقالت سوونك: «لا يمكن تخفيض الميزانية العمومية بالسهولة نفسها التي يمكن بها توسيعها، لم يعد هناك سوق للإقراض لليلة واحدة كما كان قبل الأزمة المالية».

وهاجم وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، مؤخراً برنامج التيسير الكمي للاحتياطي الفيدرالي، واصفاً إياه بأنه «توسع في نطاق المهمة»، وزعم أن سياسات الميزانية العمومية فاقمت عدم المساواة - وهي تهمة ينفيها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بقوة.