وقد ركز المسؤولون جهودهم بصفة خاصة على تعزيز دور الرنمينبي في التجارة، جزئياً كوسيلة دفاع ضد السياسات التي سنت في الولايات المتحدة وأماكن أخرى والتي تحول الدولار إلى سلاح - مثل عقوبات الاتحاد الأوروبي التي فرضها منذ أيام على البنوك الصينية المتهمة بمساعدة روسيا في تأمين قطع غيار الأسلحة في الخارج.
وقال آدم وولف، الخبير الاقتصادي في الأسواق الناشئة في شركة «أبسلوت استراتيجي ريسيرش» في لندن: «من وجهة نظر الصين، تعد التسويات بالرنمينبي أمراً مهماً لأنها تظهر أنه مهما حدث، يبقى بالإمكان تداوله».
ويشمل ذلك 360 مليار دولار من القروض والودائع المقومة بالرنمينبي، بارتفاع ضخم مقارنة مع 110 مليارات دولار في عام 2020.
وأضاف بنك التسويات الدولية: «مثّل عام 2022 نقطة تحول من الائتمان المقوم بالدولار واليورو إلى الائتمان المقوم بالرنمينبي» لهؤلاء المقترضين.
ومع انخفاض أسعار الفائدة نسبياً في الصين، قامت جهات مقترضة سيادية، بما في ذلك كينيا وأنغولا وإثيوبيا، بتحويل ديونها الدولارية القديمة إلى الرنمينبي هذا العام.
وأعلنت إندونيسيا وسلوفينيا أخيراً عن خطط لإصدار سندات بالرنمينبي، وخلال الشهر الماضي، باع بنك التنمية الكازاخستاني سندات خارجية بقيمة ملياري رنمينبي بعائد 3.3% فقط.
ويعزى جزء كبير من التوسع في الإقراض بالرنمينبي إلى تمويل التجارة. وتظهر بيانات من شركة سويفت، المزودة لأنظمة المدفوعات العابرة للحدود، أن حصة الرنمينبي من تمويل التجارة العالمي تضاعفت 4 مرات خلال السنوات الثلاث الماضية لتصل إلى 7.6% في سبتمبر، ما يجعله ثاني أكثر العملات استخداماً في تمويل التجارة بعد الدولار الأمريكي.
ويأتي ذلك في الوقت الذي عززت فيه بكين استخدام نظام المدفوعات العابر للحدود الخاص بها «سيبس»، حيث ارتفعت قيمة المعاملات من مبلغ ضئيل للغاية قبل عقد من الزمان إلى أكثر من 40 تريليون رنمينبي في كل ربع سنة منذ بداية العام الماضي.
وقال بيرت هوفمان، الأستاذ في معهد شرق آسيا بجامعة سنغافورة الوطنية، إن هذا يشير على الأرجح إلى انتقال متزايد للمدفوعات إلى النظام الصيني - ما يعزز رغبة بكين في الابتعاد عن نظام نقدي عالمي قائم على الدولار إلى نظام متعدد الأقطاب.
وتشير بيانات الجمارك الصينية إلى أن مثل هذه الخطط تتقدم بوضوح.
ويظهر ذلك ارتفاع قيمة التجارة الصينية القائمة على الرنمينبي إلى أكثر من تريليون رنمينبي شهرياً على مدار العقد الماضي، حيث تتم الآن تسوية حوالي 30% من تجارة الصين وأكثر من نصف معاملاتها العابرة للحدود بالرنمينبي.
وإحدى المشكلات تتمثل في نقص أصول الرنمينبي المتاحة بسهولة.
وقد شرعت سلطات هونغ كونغ بالفعل في خطة لجعل المدينة مركزاً للدخل الثابت وتداول العملات.
وفي الوقت نفسه، فتحت بكين سوق إعادة الشراء بين البنوك المحلية للمستثمرين الأجانب، ما يسمح لهم باستخدام أصول الدخل الثابت بالرنمينبي كضمان للقروض بالعملة الصينية.
قالت كارين لام، رئيسة قسم توريق الأوراق المالية والمشتقات المالية في هونغ كونغ بشركة سيمونز آند سيمونز للمحاماة، إن مبادرة إعادة الشراء «تعالج بعض نقاط الضعف لدى المستثمرين الأجانب».
وأضافت: «من المنطقي أن يزداد إقبال المستثمرين أكثر على هذه الأصول طالما يصبح بمقدورهم استخدامها لأغراض تتجاوز مجرد الاحتفاظ بها وتحقيق دخل من وراء ذلك».
وقال بول سميث، رئيس أسواق اليابان وشمال آسيا وأستراليا في سيتي جروب، حول القناة التي تربط بورصة هونغ كونغ بالبورصات في البر الرئيسي: «إنها بنفس أهمية ما فعلته هونغ كونغ من خلال برامج ربط الأسهم.
في نهاية المطاف، سيساهم ذلك في تسريع وتيرة تحول الرنمينبي إلى عملة تمويل».
وخلال الصيف، وسعت بكين نطاق برنامج ربط سنداتها للسماح لمزيد من مستثمري البر الرئيسي الصيني بالاستثمار في سوق هونغ كونغ للدخل الثابت، وهو ما أكد سميث إنه يربط مصدري ديون الرنمينبي الخارجية بـ«مصادر كبيرة لسيولة الرنمينبي».
ولكن من خلال تعزيز مشاركة الرنمينبي في التجارة والاستثمار الدوليين، «قد تحصل الصين على أفضل ما في العالمين».
ويقول المحللون إن سياسات بكين تبرز هذا الهدف بوضوح. وقال بيرت هوفمان: «تتحرك السياسة تدريجياً تجاه هذه الغاية».
