مسعى أمريكي محفوف بالمخاطر لإنقاذ الأرجنتين

جيليان تيت

ماذا تعني الكلمة المختصرة «ماغا» (Maga)؟ سيشير كثيرون سريعاً إلى حركة «جعل أمريكا عظيمة مجدداً» التي يقودها الرئيس دونالد ترامب.

لكن منذ أيام، قدم وزير الخزانة سكوت بيسنت تفسيراً لهذا الاختصار بلمسة جديدة. ففي منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي أعلن فيه عن خط مبادلة بقيمة 20 مليار دولار للأرجنتين، أكد أن هذه المساعدة ستمكن الرئيس خافيير ميلي من «جعل الأرجنتين عظيمة مجدداً».

فهل ستنجح هذه النسخة الثانية من «ماغا»؟ ليس هذا أمراً واضحاً بالمرة.

فمع مواجهة الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي لانتخابات منتصف المدة الحاسمة، بدأت أسواق العملات بالفعل في التحسب للمزيد من الانخفاضات في قيمة البيزو الأرجنتيني، واحتياطيات البلاد من العملات الأجنبية القابلة للاستخدام منخفضة بشكل خطير.

وبموازاة ذلك، ينزلق الاقتصاد الأرجنتيني نحو الركود، ويثور بعض الناخبين على سياسات ميلي الجذرية في السوق الحرة، والتي تسعى إلى الحفاظ على قوة البيزو لسحق التضخم.

في الواقع، يتحدث المعارضون الآن عن كلمة مختصرة مقابلة وهي «مادا» - أو «جعل الأرجنتين تتخلف عن السداد مرة أخرى» - مع تزايد الشكوك حول قدرة ميلي على تجنب أزمة مالية، حتى مع حزمة الدعم الأمريكية هذه، والقرض الضخم المقدم من صندوق النقد الدولي.

ولكن مع تزايد التكهنات، هناك ثلاثة مخاطر على الأقل.

أحدها متجذر في السياسة الداخلية: فاستطلاعات الرأي تشير إلى أن ما يقرب من نصف مؤيدي ترامب يكرهون الخطة.

وقال لي ستيف بانون، كبير الاستراتيجيين السابق في البيت الأبيض: «تريد القاعدة دعم الرئيس ترامب، لكنها في حيرة من أمرها - لأن وزارتي الخارجية والخزانة لم تشرحا بشكل صحيح الأهمية الاستراتيجية للأرجنتين أو لخافيير ميلي».

ويكمن الخطر الثاني في الجغرافيا السياسية المالية. فما أكدته هذه الصفقة هو أن إدارة ترامب ليست متمسكة فقط بدليل «جيواقتصادي» يستخدم السياسات التجارية لإدارة شؤون الدولة - بل إنها تستخدم الدولار أيضاً كسلاح دبلوماسي. ومن بعض النواحي، هذا ليس مفاجئاً.

وكما أشار باحثون، منهم إدوارد فيشمان وماتيو ماجيوري، فإن القوة المهيمنة لأمريكا اليوم لا تكمن في سلاسل توريد التصنيع، حيث تهيمن الصين على نقاط الاختناق الرئيسية.

بل إنها ترتكز على مكانة الدولار كعملة احتياطية، والهيمنة المالية الأمريكية. وقد استخدمت الإدارات السابقة هذه الأداة أيضاً. انظروا فقط كيف استبعدت حكومة بايدن خصوماً مثل روسيا من التمويل بالدولار، عبر العقوبات.

ومع ذلك، تستخدم إدارة ترامب الآن هيمنة الدولار (أي التمويل الجغرافي) بطرق جديدة - ليس فقط عبر العقوبات، ولكن أيضاً بالتهديد بفرض رسوم جمركية ضخمة على الدول التي تنوع اقتصادها بعيداً عن الدولار.

وتظهر حزمة المساعدات الأرجنتينية هذه أن بيسنت يسيس الآن خطوط مبادلة الدولار أيضاً.

وعندما قدم الاحتياطي الفيدرالي خطوط مبادلة مؤقتة للأسواق الناشئة سابقاً - كما فعل خلال الأزمة المالية عام 2008 - فقد فعل ذلك من خلال تقييم قوتها الاقتصادية، لا سياساتها.

وكذلك الحال عندما أنشأ الاحتياطي الفيدرالي خطوط مبادلة دائمة للدول الكبرى، مثل اليابان أو المملكة المتحدة.

ومع ذلك، يستخدم بيسنت الآن مرفقاً منفصلاً من تسهيلات الخزانة الأمريكية للأرجنتين، يعرف باسم صندوق استقرار الصرف. ويرى ترامب في ميلي حليفاً سياسياً، ويريد أيضاً درء النفوذ الصيني في أمريكا اللاتينية، خصوصاً بعد وصولها إلى معادن الأرجنتين.

بعبارة أخرى، ما يحدث هو شكل مكشوف من أشكال الإمبريالية المالية.

وهذا من المرجح أن يزيد من قلق الدول الأخرى بشأن الاعتماد على المساعدات الأمريكية أو التعويل على وجود خطوط مبادلة بالدولار، خوفاً من «السعر المستقبلي» الذي قد يستهدفه ترامب.

وبدلاً من ذلك، من المرجح أن تستمر هذه الدول في تنويع استثماراتها في الأصول غير الدولارية، بما في ذلك الذهب، والتكاتف بطرق جديدة. وهذا قد يضعف في النهاية قوة الدولار المهيمنة بدلاً من تعزيزها.

ثم هناك خطر ثالث، أكثر دقة، وهو يتعلق بمصداقية بيسنت نفسه. فالهدف من خط المبادلة هذا مع الأرجنتين - والذي يستكمل بتدخل جديد للعملة وحزمة دعم مصرفي مفترضة بقيمة 20 مليار دولار - هو منع انهيار البيزو.

ومع ذلك، تشير معظم المقاييس إلى أن العملة الأرجنتينية مبالغ في قيمتها، ربما بنسبة 20 في المئة، وبالتالي يجب أن تنخفض. ويحاول بيسنت وميلي محاربة حركة الجاذبية المالية.

وإذا نجحا، ستبدو وزارة الخزانة الأمريكية قوية للغاية. ولكن إذا فشلا، فسيتم تقويض تلك الصورة للقوة الأمريكية - وقد يتساءل المستثمرون عما إذا كانت واشنطن قادرة على تحدي أشكال أخرى من الجاذبية المالية، مثل المخاطر التي تشكلها الديون الأمريكية المتضخمة باستمرار على سوق سندات الخزانة.

في الوقت الحالي، لا توجد مؤشرات قوية على تحقق مثل هذه المخاطر؛ فقد ظلت عوائد سندات الخزانة منخفضة بشكل ملحوظ حتى الآن.

يعود ذلك جزئياً إلى تقلص عجز الموازنة الأمريكية أخيراً (قليلاً)، وخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، وتعامل بيسنت بمهارة مع مزادات السندات، حتى أصبحت الأسواق الآن غارقة في السيولة لدرجة أنها رفعت سعر كل أصل تقريباً، بما في ذلك السندات.

لكن العوامل نفسها التي تدفع أسعار الأصول حالياً إلى الارتفاع - السيولة الزائدة والرافعة المالية - تجعل المستثمرين أيضاً قلقين بشأن انهيار مالي مستقبلي ووضع العملات الورقية، إذا انفجرت كل هذه الفقاعات.

وبالتالي، لا يستطيع بيسنت تحمل أي شيء قد يقوض ثقة المستثمرين.

بعبارة أخرى: إذا فشلت حزمة المساعدات الأمريكية في وقف أزمة السوق في الأرجنتين، فلن تؤذي خافيير ميلي فحسب، بل قد ترتد بشكل سيئ على واشنطن أيضاً.

لذا تتجه جميع الأنظار الآن إلى نتيجة التصويت في انتخابات منتصف المدة - وما إذا كانت هذه النسخة الأرجنتينية من ماغا قادرة على التعايش مع نظيرتها الأمريكية بالكامل، أم ستشوه بريقها.