ما الذي ينبغي للشركات أن تراهن عليه في القطب الشمالي؟

ريتشارد ميلن

تضم جرينلاند أكثر من 60 مستوطنة لسكانها البالغ عددهم 57000 نسمة.

لكن النقطة المهمة التي تستوقفني عن جزيرة القطب الشمالي الشاسعة، هي أن أياً من هذه المستوطنات لا يربطها طريق بري.

ويختزن القطب الشمالي، كما أدرك الجميع، بدءاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرصاً هائلة بما في ذلك معظم المعادن والموارد الحيوية التي يحتاجها الغرب (والتي لا تمتلكها حالياً سوى الصين).

لكنه يمثل بالقدر نفسه تحدياً هائلاً، حيث إن معظم هذه المعادن محصورة إما تحت الجليد أو بعيدة للغاية عن المستوطنات القائمة.

لذا، ستكون البنية التحتية في أقصى الشمال أمراً ضرورياً للغاية لتنمية القطب الشمالي. ومن المرجح أن يتطلب كل منجم في جرينلاند طرقاً ومساكن وميناءً وغيرها.

وقالت لي فيفيان موتزفيلدت، وزيرة خارجية جرينلاند: «نعلم أنه ليس من السهل الوصول إلى جرينلاند. طبيعتنا قاسية، فنحن نعيش في القطب الشمالي، ومستوى البنية التحتية ليس جيداً. لكن لدينا العديد من الحلول للطاقة المتجددة والنمو الأخضر».

ومع أن إمكانات الشركات الغربية كبيرة، إلا أنه يجب على هذه الشركات أن تدرك أن المخاطر كبيرة أيضاً.

وفي مؤتمر حول القطب الشمالي عقد في أيسلندا الأسبوع الماضي، ناقش المسؤولون التنفيذيون من أوروبا والولايات المتحدة وكندا على وجه الخصوص بعض المعضلات. وسيحدد رد فعلهم مدى سرعة ونجاح تطوير القطب الشمالي.

وقال روب جيلام هو الرئيس التنفيذي لإحدى شركات إدارة الصناديق القليلة المتخصصة في القطب الشمالي، ماكينلي مانجمنت في ألاسكا: «الظروف مهيأة لزيادة حادة في الاستثمار في البنية التحتية، لكن الطفرة بعيدة كل البعد عن أن تكون مضمونة».

ويضيف: «لن ينجح المستثمرون الأجانب الذين يجلبون المال إذا لم يحرصوا على مشاركة محلية عميقة».

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ركز بشدة على البنية التحتية في ألاسكا، ما أدى إلى فتح الطريق أمام مشروع طريق مقترح منذ فترة طويلة ولكنه تأخر كثيراً، والذي يعتبر حيوياً لنقل المعادن، بينما من المتوقع أن يبدأ بناء أول ميناء للمياه العميقة في القطب الشمالي الأمريكي قريباً.

وأصدر روب جيلام تحذيراً قوياً من أن هناك العديد من العوائق الخفية أمام النمو في القطب الشمالي، مثل العدد المحدود من الشاحنات القلابة اللازمة لنقل الحصى اللازم تماماً لدعم كل مشروع بناء تقريباً.

وعادة ما يتطلب تطوير البنية التحتية معدات وخبرات متخصصة نادرة في العادة بالمناطق النائية من القطب الشمالي، وهو ما يمكن أن يوفر فرصاً متنوعة غير متوقعة لتنمية أعمال فرعية للشركات.

وافتتحت شركة «أماروك»، وهي مجموعة معدنية مدرجة في المملكة المتحدة وكندا، أخيراً أحد أوائل مناجم جرينلاند، وهي تقدم الآن منصات الحفر وخبرتها في بناء البنية التحتية للآخرين الذين يسعون إلى إطلاق أعمال هناك. وبطبيعة الحال، يتسم التقدم بالبطء الواضح، وغالباً ما يلقي عمال المناجم باللوم على البيئة القاسية.

يقول بول جيبس، رئيس تطوير الأعمال العالمية في شركة «بكتيل»، إنه وزملاءه في مجموعة البناء الأمريكية فوجئوا بإنجازهم أكثر من 100 مشروع شمال الدائرة القطبية الشمالية.

ويؤكد أن حماية البيئة والمجتمعات المحلية، التي غالباً ما تكون صغيرة مقارنة بالمعايير غير القطبية، أمر بالغ الأهمية.

ويوضح: «يتطلب بناء البنية التحتية في المناخات الباردة القاسية والنائية تصميماً دقيقاً واختياراً دقيقاً للمواد، وطرق تنفيذ بناء مناسبة وموسمية، ولوجستيات مدروسة لضمان إنجاز موثوق».

ويؤكد جميع المعنيين أن التواصل مع السكان المحليين أمر حيوي، لكن العديد من مشكلات المشاريع القائمة تنبع تحديداً من هذا. فقد اشتكى رعاة الرنة في كل من شمال النرويج والسويد بشدة من مشاريع مزارع الرياح والتعدين التي تعكر صفو مناطق الرعي، ما أدى إلى اتهامات بـ«الاستعمار الأخضر» - أي استغلال الشركات لتغير المناخ لإلحاق الضرر بالسكان الأصليين.

وتقول سارة أولسفيج، رئيسة مجلس الإنويت القطبي، إن أكثر من نصف الرواسب المعروفة للمعادن الأساسية اللازمة للتحول في مجال الطاقة تقع «على أراضي السكان الأصليين أو بالقرب منها».

وتضيف: «إذا نظرنا إلى قطاع المعادن، فسنجد سجلاً حافلاً بانتهاكات حقوق الإنسان، وعمليات التهجير القسري، وإزالة الغابات، والاستيلاء على الأراضي. لذا فإننا نواجه تحدياً هائلاً».

ويكمن الخطر - كما يتضح من خطاب ترامب حول الاستيلاء على جرينلاند من الدنمارك، ربما. لذلك، يقول روب جيلام: «يجب أن تكون على دراية بالفوارق الثقافية والحساسيات المحلية في القطب الشمالي، وهي أمور غير مألوفة ومختلفة عن غيرها من الأماكن».

ويعني ذلك، أن طريقة تعامل عمال المناجم والشركات الأخرى مع هذا الأمر يمكن أن تحدد ما إذا كان القطب الشمالي سيمثل فرصة أم تحدياً أكبر في العقد المقبل.