في هذه الحالة، كان الانقطاع خللاً فنياً تم إصلاحه بسرعة كبيرة. ومن المؤكد أن أحد مقاييس المخاطر الاقتصادية العالمية - أسواق الأسهم، لم تتأثر.
لكن الحادثة سلطت بعض الضوء على كيف أصبحت شركات البيانات الضخمة نقاط اختناق للتجارة العالمية. ويمكن إصلاح مثل هذه الحوادث، لكن تخيل كيف يمكن التلاعب بهذه القنوات ضد المنافسين الاقتصاديين أو السياسيين من قبل جهة مارقة.
لذلك، ففي مجال الخدمات السحابية، كما هي الحال مع تقنيات الشبكات الأخرى مثل أقمار الإنترنت، تسارع القوى الاقتصادية الكبرى الأخرى إلى بناء قدرتها للصمود في وجه مثل هذا الأمر الاستثنائي الأمريكي.
لكن كالعادة، يتعثر سعي الاتحاد الأوروبي إلى «الاستقلال الاستراتيجي» بسبب فشله في التنسيق واعتماده على التنظيم بدلاً من المال النقدي.
تسيطر كل من «أمازون ويب سيرفيسز» و«مايكروسوفت أزور» و«جوجل كلاود» مجتمعة على ما يقرب من ثلثي السعة العالمية للخدمات السحابية، وفقاً لبيانات مجموعة الأبحاث «سينيرجي».
وكما هي الحال في اعتماده على الحماية الأمنية الأمريكية ضد روسيا، أصبح الاتحاد الأوروبي مرتاحاً لاستخدام الخدمات السحابية الأمريكية وأرجأ بناء خدماته الخاصة. لذلك، تفتقر أوروبا إلى شركات سحابية عالمية المستوى.
وتقول شركة سينرجي إن حجم سوق الخدمات السحابية في الاتحاد الأوروبي قد تضاعف منذ عام 2021، من حوالي 30 مليار يورو سنوياً إلى حوالي 60 مليار يورو، لكن حصة مزودي الخدمات السحابية الأوروبيين ظلت ثابتة عند حوالي 15% فقط.
لكن المشكلات الأمنية المصاحبة للاعتماد على الموردين الذين يقع مقرهم الرئيسي في الولايات المتحدة تعني أن هذا ليس النموذج المناسب للخدمات السحابية.
وقد أعلنت شركة أمازون ويب سيرفيسز عن تأسيس «سحابة أوروبية سيادية» مستقلة، تديرها وحدات مسجلة في أوروبا وفريق إداري يضم مواطنين من الاتحاد الأوروبي مقيمين في الاتحاد.
ومع ذلك، قد يمتد تأثير قانون الحوسبة السحابية الأمريكي، الذي يمنح الحكومة الأمريكية صلاحيات واسعة على مزودي البيانات، إلى الاتحاد الأوروبي.
وبغض النظر عن ما يقوله القانون أو المحاكم الأمريكية، فإن ضغوط ترامب على المديرين التنفيذيين الأمريكيين قد يؤثر بلا شك على قراراتهم العالمية.
وفي حالة الخدمات السحابية، قد يقيد هذا مشاركة المزودين الأمريكيين والصينيين على حد سواء.
على سبيل المثال، كان البرلمان والحكومة الهولنديان في مقدمة من حث الاتحاد الأوروبي على تقليل الاعتماد على المزودين الأمريكيين.
لكن هولندا نفسها شهدت سلسلة من القيود وقرارات الوقف المؤقت لبناء مراكز البيانات، لا سيما في أمستردام، نظراً للمخاوف بشأن استهلاكها للطاقة والمياه.
وقد لا يكون هناك احتمال كبير لاستخدام ترامب للخدمات السحابية الأمريكية كسلاح، لكن التكاليف في حال قيامه بذلك قد تكون كارثية. وإذا أراد الاتحاد الأوروبي حماية اقتصاده وأن يصبح قوة استراتيجية، فعليه أن يتصرف بما يقتضيه ذلك.
