مجلس تحرير «فاينانشال تايمز»
يشتري الناس السيارات باهظة الثمن لأنهم مولعون بالمحركات الهادرة، والديكورات الداخلية الناعمة، والشعارات المميزة، لكن ما لا يؤثر في قراراتهم الشرائية، على ما يبدو، هو مدى صداقة هذه السيارات للبيئة. واستجابة لتفضيلات العملاء، أعلنت «فيراري» الأسبوع الماضي أنها تتوقع أن تكون 20% فقط من طرازاتها كهربائية بالكامل بحلول 2030، بانخفاض عن 40% سابقاً.
وأرجأت «بورشه» الشهر الماضي طرح مجموعة جديدة من السيارات الكهربائية الفاخرة، حيث أشار الرئيس التنفيذي أوليفر بلوم إلى انخفاض الطلب على السيارات الكهربائية الحصرية التي تعمل بالبطاريات. كما شهدت مرسيدس ضعفاً في مبيعات السيارات الكهربائية، على الرغم من تحسن أرقام الربع الثالث.
يتناقض هذا إلى حد ما مع المزاج السائد في سوق السيارات الكهربائية الأوسع، الذي رغم التقلبات شهد بيع رقم قياسي بلغ 2.1 مليون سيارة في سبتمبر. وهناك الكثير من الأسباب التي تجعل السيارات الكهربائية الفاخرة تفشل في تحقيق زخم، أحد هذه الأسباب أن الصين، وهي أكبر سوق في العالم مع نسبة 65 % من إجمالي السيارات الكهربائية المباعة العام الماضي، تميل السيارات التي تحقق تجارة مزدهرة فيها إلى أن تكون رخيصة وصغيرة الحجم. علاوة على ذلك، فإن المستهلكين الذين يرغبون في راحة السيارة الكهربائية الراقية لديهم في الغالب طرز محلية للاختيار.
ويعد السعر أيضاً عاملاً مهماً في أوروبا، حيث تتمتع السيارات الكهربائية الفاخرة والمتميزة بميزة إضافية عالية نسبياً مقارنة بطراز محرك الاحتراق الداخلي المكافئ. إضافة إلى ذلك، فإن الوتيرة السريعة التي تتطور بها تكنولوجيا السيارات الكهربائية تعني أن قيم إعادة البيع منخفضة نسبياً.
على المدى القريب، لا يمثل الطلب البطيء على السيارات الكهربائية الفاخرة مشكلة حقيقية إلا بالنسبة للمصنعين الغربيين الذين سارعوا إلى دخول الطريق. وعلى سبيل المثال، اضطرت «بورشه» إلى شطب بعض استثماراتها.
أما بالنسبة لأولئك الذين أبقوا خياراتهم مفتوحة، فإن التراجع الأبطأ من المتوقع للتكنولوجيا يعني أنهم يستطيعون الاستمرار في بيع سيارات الاحتراق الداخلي الأكثر ربحية لفترة أطول.
ومع ذلك، من المحتمل أن يؤجج ذلك المشاكل لاحقاً، فمن ناحية، قد تقلص الكهربة شريحة العملاء المستعدين لدفع أعلى سعر لسيارة، فالمحركات الكهربائية أقل تميزاً من المحركات التقليدية، لذا سيتعين على المصنعين إيجاد طريقة لتبرير التكلفة الإضافية من خلال التصميم والأدوات. ومن ناحية أخرى، يتقدم المصنعون الصينيون بسرعة في سلسلة القيمة، لذلك فإنه عندما يشتعل سوق السيارات الكهربائية الفاخرة قد يجد مصنعو السيارات الغربيون أن منافسيهم قد سبقوهم بكثير.
