وقال في دعوى قضائية إنه إذا لم يتم تخفيض الغرامة المدنية البالغة 500 مليون دولار، إلى نحو 100 مليون دولار، فلن يكون أمامه خيار سوى بيع أصوله العقارية المتبقية بأسعار بخسة.
وبعد أن جنى ملايين الدولارات من بيع الكتب والعطور والأحذية الرياضية وآلات الجيتار الموقعة، نجح الرئيس الأمريكي في اقتناص عشرات الملايين من الدولارات من وسائل التواصل الاجتماعي، والمؤسسات الإخبارية التي اضطرت لتسوية دعاوى قضائية رفعها ترامب، والتي لم يعتقد سوى القليل من الخبراء القانونيين أنها ذات جدوى.
كما حصلت زوجته ميلانيا على صفقة بقيمة 40 مليون دولار مع أمازون، متجاوزةً بذلك الأسعار السائدة بكثير.
لكن جوهر ثروة ترامب الجديدة، يكمن في إمبراطورية العملات المشفرة سريعة النمو، التي بناها الرئيس وعائلته.
ووفقاً لتحقيق أجرته صحيفة فاينانشيال تايمز، فقد حصد هذا القطاع بالفعل أكثر من مليار دولار من الأرباح قبل الضرائب، ويعود ذلك جزئياً إلى طفرة العملات المشفرة التي غذتها سياسات الإدارة الأمريكية الصديقة للقطاع.
وأصدر ترامب أمراً بإنشاء احتياطي وطني للبتكوين، وعيّن قيادةً داعمةً للعملات المشفرة في الهيئات التنظيمية الأمريكية الرئيسة.
وتحت قيادتها الجديدة، أسقطت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية التحقيقات مع شركات العملات المشفرة الكبرى.
وقال ترامب عن قطاع العملات المشفرة: «سينمو لدينا بدرجة أكبر. أكثر مما توقع الناس. إنها صناعة رائجة للغاية».
ويقول ريتشارد بينتر كبير محاميّ الأخلاقيات السابق في البيت الأبيض للرئيس جورج دبليو بوش: «تجنب كل رئيس آخر منذ الحرب الأهلية، أي تضارب مالي كبير للمصالح مع واجباته الرسمية».
ويرى بينتر أن على ترامب التخلي عن جميع المصالح المالية التي قد تتعارض مع مسؤولياته الرسمية. ويشير إلى أن جيمي كارتر وضع مزرعة الفول السوداني الخاصة به في «صندوق ائتماني أعمي»، بينما باع جورج دبليو بوش حصته في فريق تكساس رينجرز قبل توليه الرئاسة.
وحتى نيكسون، لم تكن لديه أي مصالح مالية، على حد علمنا، تتعارض مع واجباته الرسمية».
في ذلك الوقت، كان ترامب ينتقد بنوك وول ستريت بشدة، مدعياً أن أعماله قد شُطبت من النظام المصرفي لأسباب سياسية.
وتقول العائلة إن هذا كان أحد أسباب توجهها إلى صناعة العملات المشفرة.
فقد صرح إريك ترامب لصحيفة فاينانشال تايمز في يونيو: «لقد استُهدفنا بطريقة أجبرتنا على إيجاد بدائل للتمويل التقليدي».
أدى تبنّي ترامب للعملات المشفرة، إلى حصوله على ملايين الدولارات لدعم حملته الانتخابية، ولاحقاً، تبرعات لصندوق تنصيبه، من شركات العملات المشفرة الأمريكية.
وفي عام 2023، شكّل مستثمرو العملات المشفرة تحالفاً سياسياً قوياً، يُعرف باسم «فيرشيك»، جمع 260 مليون دولار لدعم مرشحي الكونغرس المؤيدين للعملات المشفرة. وفور عودته إلى البيت الأبيض تقريباً، مضى ترامب قدماً في دفع العملات المشفرة نحو الانتشار الواسع.
كما أمر ترامب وزارة العدل بتخصيص وقت أقل للتحقيق مع شركات العملات المشفرة.
كما وقّع أمراً يسمح للأمريكيين باستثمار جزء من مدخراتهم التقاعدية في العملات المشفرة، في خطوةٍ تُعدّ منحةً كبيرةً للقطاع، بينما يُرسي تشريعٌ جديد إطاراً تنظيمياً للعملات المستقرة. كما أُلغيت اللوائح التي تُقيّد مشاركة البنوك الرئيسة في العملات المشفرة.
وقد رحب المستثمرون بقوة بالنهج الجديد، ما أدى إلى ارتفاع سعر بتكوين، إلى جانب عملات رقمية أخرى أقل شهرة، إلى مستويات قياسية.
ويشير تحليل فاينانشال تايمز إلى أن هذه العملات، التي لا غرض لها سوى المضاربة، حققت حوالي 427 مليون دولار من المبيعات ورسوم التداول.
وكان سعر عملة ترامب ($TRUMP)، قد انخفض في وقت سابق من هذا العام، قبل أن يعلن ترامب عن عزمه استضافة عشاء خاص في أحد نوادي الغولف التابعة له، لأفضل 220 حاملاً للعملة في مايو.
كما ربح ترامب شخصياً مئات الملايين من الدولارات من شركة وورلد ليبرتي فاينانشال، وهي شركة أسسها أبناؤه وأبناء المبعوث ستيف ويتكوف.
وتدير الشركة رمزين: أحدهما يُسمى WLFI، وعملة مستقرة مرتبطة بالدولار تُسمى USD1.
كما باعت وورلد ليبرتي فاينانشال 2.71 مليار دولار من عملتها المستقر USD1.
ورفض ديفيد واكسمان، المتحدث باسم وورلد ليبرتي فاينانشال، التعليق. وأعلن ترامب عن دخل شخصي قدره 57.3 مليون دولار من وورلد ليبرتي فاينانشال، في أحدث إفصاح مالي له، والذي يغطي عام 2024 فقط.
كما حقق ترامب ملايين الدولارات من بيع بطاقات تداول رقمية، تُظهره مرتدياً زي بطل خارق، أو راكباً دراجة نارية.
وقد خسرت مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا 401 مليون دولار في عام 2024، قبل أن تتحول إلى العملات المشفرة هذا العام.
ومنذ ذلك الحين، جمعت المجموعة مليارات الدولارات لشراء الرموز، وهي تُطلق العديد من صناديق بتكوين.
وقد حوّلتها هذه الخطوة إلى مصدرٍ لأكثر من 3 مليارات دولار من النقد - أكثر من نصفها مملوك لترامب، نظراً لحصته البالغة 53 % تقريباً في الشركة.
ومع ذلك، وخلافاً لمعظم أسلافه، لم يُودع الرئيس مصالحه في «صندوق ائتماني أعمى»، يُديره طرف مستقل، لا يُقدم تقاريره إلى المالك الأصلي.
وهو أيضاً المستفيد الوحيد من الصندوق، ويمكنه الاستفادة منه، بمجرد مغادرته منصبه.
وأظهر استطلاع رأي أجرته منظمة «بابليك فيرست يو إس»، بتكليف من صحيفة «فاينانشال تايمز»، أن أكثر من نصف الناخبين المؤيدين لترامب، يعتقدون أن الرئيس قد حقق أقل من 100 مليون دولار خلال فترة ولايته، بينما يعتقد ما يقرب من ثلثهم، أنه لم يستفد من الرئاسة على الإطلاق.
وقال أكثر من 40 %، إنهم لم يسمعوا بعملة الميم كوين التي أطلقها ترامب، أو منصة العملات المشفرة التي أطلقتها عائلة ترامب.
ورغم الحضور القوي لترامب في عالم العملات المشفرة، لم يتصدر ذلك عناوين الصحف الوطنية، كما أن ملياردير العملات المشفرة الصيني المولد، جاستن صن، الذي واجه اتهامات بالاحتيال والتلاعب بالسوق من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، قام بضخ 75 مليون دولار في شركة «وورلد ليبرتي فاينانشال»، بعد انتخابات العام الماضي بفترة وجيزة.
في غضون ذلك، يؤكد البيت الأبيض في عهد ترامب، أنه يدعم تقنية ناشئة «شوهها الديمقراطيون ظلماً»، في محاولة «لجعل أمريكا عاصمة العملات المشفرة في العالم». في الوقت نفسه، يحرص أفراد عائلة ترامب على إبراز الروابط بين مشاريعهم والرئيس.
صرح إريك ترامب لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، في يونيو، أن عملة ترامب ($TRUMP) كانت «أنجح عملة ميم كوين على الإطلاق»، ويعود ذلك جزئياً إلى أن القطاع «كان يُظهر حباً كبيراً لوالدي».
وتمتلك شركة الوساطة «كانتور فيتزجيرالد»، التابعة لوزير التجارة هوارد لوتنيك، والتي يديرها الآن ابنه براندون، حصة كبيرة من بتكوين.
والأهم من ذلك، أن الشركة هي الوصي الرئيس على مليارات الدولارات من سندات الخزانة الأمريكية، التي تحتفظ بها شركة تيثر، أكبر شركة عملات مستقرة في العالم.
ووفقاً للإفصاحات المالية التي أصدرتها الإدارة، كان نائب الرئيس جيه دي فانس، الذي حضر مؤتمراً للبتكوين، يمتلك شخصياً أيضاً عملات رقمية، وكذلك مدير الإسكان الفيدرالي بيل بولت.
