إدوارد وايت - كانا إيناغاكي - غلوريا لي
في أواخر التسعينيات، وصلت ستيلا لي، المديرة التنفيذية لشركة «بي واي دي»، إلى روتردام في هولندا وهي تحمل 30 ألف دولار، ومعها حمولة حاوية من بطاريات الليثيوم أيون من إنتاج المجموعة الصينية، وطلب من المكتب الرئيسي: عليك بيع هذه البطاريات لضمان البقاء على الحياة.
وبرفقة شخصين آخرين في فريقها، أبرمت ستيلا لي صفقة لتوريد بطارياتها إلى شركة نوكيا، الشركة الرائدة في تصنيع الهواتف المحمولة آنذاك.
وقالت لي: «لقد نجحت في فتح الباب، ونقلت «بي واي دي» إلى مستوى جديد تماماً».
ومنذ ذلك الحين، تجاوزت الشركة جذورها كشركة مصنعة للبطاريات وتحولت كلياً لتصبح واحدة من أقوى شركات تصنيع السيارات الكهربائية في العالم، لكن لي ظلت في قلب التوسع العالمي للمجموعة الصينية.
وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز، تحدثت ستيلا لي البالغة من العمر 55 عاماً، والتي تشغل منصب نائب الرئيس التنفيذي لشركة «بي واي دي» تحت قيادة المؤسس والرئيس وانغ تشوانفو، عن المخاطر التي تواجهها الشركة.
كما قالت: «حلمي هو أنه بعد خمس سنوات، عندما يتسوق أحدهم في سوبر ماركت، سيعرف «بي واي دي» كشركة تقنية عالية».
وتُعد «بي واي دي» الآن أكبر وأسرع منتج للسيارات الكهربائية نمواً في العالم.
وللشركة مصانع في البرازيل والمجر وإندونيسيا وتايلاند وتركيا وأوزبكستان، فيما تقوم ببناء أسطول من ثماني سفن مصممة خصيصاً لشحن سياراتها.
وأوكلت إلى لي تحقيق هدف مبيعات سنوي طموح طويل الأجل يبلغ 10 ملايين سيارة، نصفها خارج الصين، بزيادة عن 4.6 ملايين سيارة متوقعة هذا العام.
وقد اكتسبت جهودها الخارجية أهمية أكبر في الأشهر الأخيرة. وأصبحت التوقعات المحلية للشركة قاتمة في ظل اشتداد المنافسة وحملة بكين لكبح جماح التسعير التنافسي والممارسات الصناعية القاسية.
وانخفضت المبيعات داخل الصين في سبتمبر لأول مرة منذ 19 شهراً، على الرغم من أن سيارات الشركة الكهربائية لا تزال تحتفظ بحصة سوقية تقارب 30%.
في الوقت نفسه، يتعين على الشركة مواجهة مخاطر تصاعد الحمائية الغربية، فقد تحركت الحكومات الأجنبية للحد من الشحنات، حيث حظرت الولايات المتحدة الواردات فعلياً ورفع الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية.
وقال تو لي، مؤسس شركة الاستشارات «سينو أوتو إنسايتس»، إنه «سيكون من الصعب جداً على «بي واي دي» مواصلة النمو بنفس المعدل»، لكنه يعتقد أن لي قادرة على مواجهة التحدي.
وقال أصدقاؤها وشركاؤها التجاريون والموظفون العاملون معها إن تفاؤل لي تجاه «بي واي دي» لم يتزعزع منذ أيامها الأولى مع المجموعة.
وكانت لي تخرجت في جامعة فودان المرموقة في شنغهاي، وبعد توليها منصباً في شركة إعلامية، انضمت لشركة «بي واي دي» في عام 1996 كمديرة تسويق، بعد عام من تأسيس وانغ تشوانفو للشركة لتصنيع بطاريات الهواتف المحمولة.
ولم تكن الشركة التي تتخذ من شنتشن مقراً لها، والتي كانت تُعد مورداً رئيسياً للبطاريات لشركة «آبل»، معروفة خارج الصين حتى أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما استثمرت شركة بيركشاير هاثاواي المملوكة لوارن بافيت 230 مليون دولار في الشركة.
وباعت بيركشاير حصتها في «بي واي دي» تدريجياً، واستكملت عملية التخارج هذا العام بعد تحقيق عائد صافي بلغ حوالي 7 مليارات دولار، وفقاً لبعض التقديرات.
وتنظر الشركة الآن إلى المبيعات الخارجية كترياق لحرب الأسعار الشرسة في الداخل.
ويبلغ متوسط سعر بيع «بي واي دي» محلياً 130 ألف يوان صيني (18,250 دولاراً)، مما يُحقق هامش ربح بحدود 18%، مقارنة بهامش يصل إلى 27% على سعر 180 ألف يوان صيني للسيارات المباعة في الخارج، وفقاً لبيانات بنك «يو بي إس».
ويعني ذلك أن كل سيارة تُباع في الخارج تحقق ربحاً صافياً يتراوح بين ضعفين وثلاثة أضعاف ما تُباع به السيارة في الصين.
وفي إشارة إلى الضغوط الشديدة للتوسع، طلبت لي من بونو جي، المسؤول عن أعمال الشركة في المملكة المتحدة، في ربيع العام الماضي، زيادة المبيعات الشهرية في البلاد 5 أضعاف لتصل إلى 2000 سيارة، وهو هدف اعتبره جي في البداية غير واقعي، لكن «بي واي دي» تجاوزت هذا الهدف بكثير الشهر الماضي، حيث باعت رقماً قياسياً بلغ 11271 سيارة، بزيادة تقارب عشرة أضعاف عن العام السابق، مما حول المملكة المتحدة إلى أن تصبح أكبر سوق لـ «بي واي دي» خارج الصين.
وتواصل لي جدول سفرها المتواصل، حيث تلتقي برؤساء الدول والوزراء الرئيسيين في الحكومات الأجنبية.
وفي أستراليا، استقطبت المجموعة كبار المديرين التنفيذيين من منافسيها، وعقدت شراكة مع نك بوليتيس، مالك أكبر مجموعة لوكالات السيارات في البلاد، كما رعت ناديه للرجبي سيدني روسترز.
وتتوقع جمعية وكلاء السيارات المحليين أنه خلال عقد من الزمن، ستكون 40% من السيارات المباعة في أستراليا مصنوعة في الصين، وذلك بقيادة شركة «بي واي دي»، وبالمقارنة مع 17% هذا العام و2% قبل خمس سنوات.
ومع اقتراب «بي واي دي» من تحقيق مبيعات خارجية سنوية تبلغ مليون سيارة هذا العام، أي أكثر من ضعف إجمالي العام الماضي، تعمل الشركة أيضاً على معالجة الخطوات الخاطئة التي اتخذتها بالتوسع السريع في السنوات القليلة الماضية.
وقد أبلغت الشركة المستثمرين بإمكانية تحسين خدمة العملاء والتسويق ومراقبة المخزون.
وقال مسؤول تنفيذي آخر في إحدى وكالات السيارات الأوروبية إن «بي واي دي» بحاجة إلى توظيف المزيد من المديرين التنفيذيين لأعمالها الدولية وتفويض بعض مسؤوليات لي إلى الإدارة المحلية.
وهناك مخاوف في بعض الدول بشأن خلق فرص العمل.
وقال مصدر مقرب من الشركة إن المصانع الخارجية ستتمتع بمستويات عالية من الأتمتة بالاعتماد على خبرة «بي واي دي» في مجال الروبوتات.
وأعلنت الشركة في بيان أن توسعها لن يجلب «آلاف الوظائف المحلية المباشرة في المصانع فحسب، بل سيعود أيضاً بفوائد هائلة على سلاسل التوريد الإقليمية»، كما يتضح من خلال منشأتها الجديدة في المجر وأماكن أخرى.