وشعر كينجي أونوكي مدير شركة معمارية يبلغ من العمر 40 عاماً، بنشوة النصر، بعد إتمام أول عملية شراء له على الإطلاق لهذا المعدن الثمين، وهي سبيكة ذهب صغيرة، رغم أنه سيضطر إلى الانتظار شهراً كاملاً حتى وصولها.
وقد استحوذ الأمر على كثير من الاهتمام، ليس فقط من المستثمرين المحترفين، بل من عامة الناس أيضاً.
وارتفعت أسعار السبائك بأكثر من 50 % هذا العام، مسجلةً رقماً قياسياً، تجاوز 4100 دولار للأونصة، ما يضع الذهب على مسار أفضل عام له منذ عام 1979، عندما تضاعف سعره أكثر من الضعف، بسبب مخاوف التضخم.
وقد عزز تجدد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين هذا الأسبوع، ارتفاع المعدن الأصفر.
بدلاً من ذلك، يشير العديد من المراقبين إلى هوس الذهب، الذي يبدو أنه استحوذ على المستثمرين، كباراً وصغاراً.
ويقول جريج فريث مدير تداول السبائك المعدنية لدى شركة غونفور السويسرية لتداول السلع: «الآن يتساءل الجميع: متى سيأتي الانخفاض؟ لكن في كل مرة ينخفض فيها السعر، تنشط موجات الشراء المؤسسي».
علاوة على ذلك، فاجأت موجة أحدث من عمليات الشراء المؤسسي والتجزئة السوق: تم ضخ مبلغ قياسي قدره 26 مليار دولار في صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب خلال الربع الثالث، بعدما سيطر على مجتمع المستثمرين، الذي طالما شكك في هذا الأصل الذي لا يدر دخلاً، ما أطلق عليه البعض «الخوف من فوات الفرصة المغطاة بالذهب».
وفي هذا السياق، يتم الاستشهاد بكل سيناريو متوقع لعام 2025 كسبب للشراء: الملاذ من أمريكا بقيادة دونالد ترامب والعالم الأقل استقراراً، الحماية من أزمات الديون المستقبلية في الدول الغنية، والملجأ الوحيد المتبقي من الأسهم ذات الأسعار المرتفعة عندما تتذبذب السندات.
كما أن السبب الكامن وراء ارتفاع أسعار الذهب هو الديون، لكنه يقر بأن هذا الارتفاع «تحدى المنطق».
ويقول تريفور غريثام رئيس قسم الأصول المتعددة في شركة رويال لندن لإدارة الأصول: «يبدو الأمر مُبالَغاً»، لكن مدير الصندوق، الذي يمتلك استثمارات في الذهب منذ ما يقرب من عقد من الزمان، قال: «ينظر الناس إلى الذهب كأداة تحوط جيوسياسية، وأداة تحوط مالية، وأداة تحوط من ترامب، ويشير مازحاً: «إن أكبر خطر على الذهب الآن، هو العودة إلى اتباع المنطق السليم في أمريكا».
ويرى تايت أنه إذا انخفضت مستويات الدين الأمريكي، فقد يُضعف ذلك من قيمة الذهب.
ويضيف: «هناك عوامل عديدة تُعزز ارتفاع قيمة الذهب، وعامل واحد من شأنه أن يُغير الوضع، وهو أن يحالف الحظ ترامب ببيئة تتسم بانخفاض التضخم وارتفاع النمو».
وتُشير روث كرويل الرئيسة التنفيذية لجمعية سوق السبائك في لندن، إلى أن «سعر الذهب شهد ارتفاعاً حاداً مع الهجوم على ليزا كوك.
لذلك، إذا بات هناك يقين باستمرارها في منصبها في الاحتياطي الفيدرالي، فقد تهدأ الأمور».
فنظراً لارتفاع قيمة الذهب بسرعة كبيرة، فقد زادت بشدة قيمته كنسبة مئوية من إجمالي حيازات البنوك المركزية.
وليس من السهل الحكم على ما إذا كانت أسعار الذهب الحالية في منطقة الفقاعة: فعلى عكس أسهم الشركات، لا يُدرّ الذهب أي أرباح أو سيولة نقدية تُقارن بتكلفته.
وعلى عكس السندات، لا يُدرّ أي دخل يُمكن مقارنته بعوائد الأصول الأخرى.
وقد أعقب صدمة التضخم في السبعينيات ارتفاع هائل، تلاه ركود في أوائل الثمانينيات، وحدث انخفاض مماثل، بعد أن بلغ الذهب ذروته في عام 2011.
فقد وضع ربع مديري الصناديق الذين شملهم استطلاع بنك أوف أمريكا الشهر الماضي، الرهانات الطويلة على الذهب، على أنها أكثر الصفقات ازدحاماً في السوق، حيث زادت بنسبة 12 % في أغسطس، واحتلت المرتبة الثانية بعد الرهانات على أسهم التكنولوجيا للشركات «السبع الرائعة».
وعند قيامهم بذلك، قد يتسبب المستثمرون، دون قصد، في خطر جديد - فقاعة محتملة في الذهب، حسبما يشير يقول جاي ميلر كبير استراتيجيي السوق في شركة زيورخ للتأمين.
وكان أحد المحركات المهمة لارتفاع أسعار الذهب هذا العام، تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة، ما قلل من جاذبية الاحتفاظ بالديون الحكومية، حتى مع قلق الناس بشأن توقعات التضخم.
وفي الولايات المتحدة، يتوقع المستثمرون أربعة تخفيضات بربع نقطة مئوية بحلول نهاية العام المقبل، على الرغم من تجاوز التضخم هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 %، ببلوغه 2.7 % في أغسطس، والسياسات المالية المتساهلة التي تُعزز النمو.
ونتيجةً لذلك، يُحذر بعض المستثمرين بشكل متزايد من ارتفاع محتمل في التضخم.
