ويل شميت - جورج ستير - لي هاريس
تنخرط وكالتان أمريكيتان للتصنيف الائتماني في خلاف نادر قلما يظهر إلى العلن، يتمحور حول موثوقية التصنيفات المرتبطة بالاستثمارات المتزايدة لشركات التأمين في مجال الائتمان الخاص.
ويتمثل جوهر هذا الخلاف في دراسة سحبها الناشر لاحقاً، قد زعمت أن وكالات التصنيف الائتماني الصغيرة تمنح تقييمات أكثر تساهلاً لاستثمارات الائتمان الخاص مقارنة بنظيراتها الكبرى الأكثر رسوخاً.
وقد اتهمت وكالة «كرول» للتصنيف الائتماني نظيرتها «فيتش» بتضليل المشاركين في السوق من خلال الاستناد إلى تلك الدراسة لإثارة الشكوك حول جودة تصنيفاتها.
ونشرت وكالة «فيتش» تقريراً انتقدت فيه «كرول بوند»، وشركات أخرى، مستندة في ذلك إلى دراسة نشرت في عام 2024 وصدرت عن الرابطة الوطنية لمفوضي التأمين.
وصرح ناطق بلسان «فيتش» بأن الوكالة متمسكة بتقريرها، موضحاً أن الرابطة الوطنية لمفوضي التأمين توصلت إلى استنتاجات مماثلة في دراسات سابقة. وقال: «إذا قدمت الرابطة معلومات جديدة فسوف نحدّث تحليلنا».
ويسلط هذا الخلاف العلني غير المعتاد الضوء على المنافسة المحتدمة في صناعة الائتمان سريعة النمو والمربحة، والتي تبلغ قيمتها 1.6 تريليون دولار، ليس بين المقرضين فحسب، وإنما أيضاً بين الوكالات التي تتلقى أموالاً لتمنح تقييمات للجدارة الائتمانية للاستثمارات الغامضة في هذه السوق.
وذكرت آن روتليدج، كبيرة المحللين السابقة لدى «موديز» وهي الرئيس التنفيذي حالياً لوكالة «كريديت سبكترم» للتصنيف الائتماني: «هناك تزايد للمخاطر في صناعة التأمين، وربما أيضاً في قطاع القروض المضمونة، الذي لا يخضع حالياً لرصد مناسب».
وتابعت: «يمكن أن ننسب التعتيم والمخاطر إلى حقيقة أن هناك تصدعات في الأسس الحاكمة لصناعة التصنيف الائتماني، التي تنظّمها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية».
وتستخدم شركات التأمين ومستثمرون آخرون هذا النوع من التصنيفات الائتمانية محل الشكوك، والمعروفة باسم تصنيفات الرسائل الخاصة، في غياب التصنيفات الائتمانية العامة. ودأبت كبرى وكالات التصنيف الائتماني على تجنب إصدار هذا النوع من التصنيفات الائتمانية لمنتجات الائتمان الخاص، ما ترك المجال أمام هيمنة الوكالات الأصغر على السوق.
وأفاد محللون لدى «جيه بي مورغان» في مذكرة صدرت مؤخراً بأن استثمارات الرسائل الخاصة «أكثر خطورة بصورة جوهرية، في ضوء غياب الشفافية والمبالغة المحتملة في التصنيفات»، لافتين إلى أن «هناك صعوبة متأصلة في تقييم جودة الائتمان من الخارج، لأنه لا يتسم أي من أركان العملية، أو التحليلات، أو المعلومات، بالشفافية».
من جانبها، أعلنت «كرول»، وكانت واحدة من أوائل وكالات التصنيف الائتماني تحدياً لكبرى وكالات التصنيف الائتماني بإطلاقها في أعقاب الأزمة المالية العالمية، انزعاجها من ترويج منافستها الأكبر لبحث «غير سليم من الناحية الإحصائية». وأوضحت الوكالة أن انتقادات «فيتش» بدت وكأنها موجهة لدعم مساعيها الرامية إلى بسط نفوذها على السوق.
وجاء في بيان «كرول»: «بسعيها إلى زيادة حصتها السوقية في الائتمان الخاص يبدو أن «فيتش» قوضت اثنين من المبادئ الأساسية لأي وكالة للتصنيف الائتماني، وهما النزاهة والدقة التحليلية».
وركزت الدراسة التي أجرتها الرابطة الوطنية لمفوضي التأمين، على ازدياد تصنيفات الرسائل الخاصة لاستثمارات الائتمان الخاص، التي تجريها شركات التأمين، والتي بلغت في إجماليها 350 مليار دولار بنهاية عام 2023.
وتوصلت الرابطة إلى أن التصنيفات الممنوحة سراً من وكالات تصنيف ائتماني صغيرة كانت أكثر عرضة للانحراف عن تلك التي منحها مكتب تقييم الأوراق المالية الخاص بالرابطة.
وأن تصنيفات هذه الوكالات كانت أعلى بصورة ملحوظة مقارنة بالمتوسط. وبحسب التقرير الأصلي، فإن الوكالات الأصغر مثل «كرول» كانت تميل إلى منح تصنيفات أعلى بثلاث درجات مقارنة بالتصنيف الداخلي لدى الرابطة، في حين اعتمدت الوكالات الأكبر، مثل «فيتش»، تصنيفات أعلى بنحو درجتين.
كما أظهرت الدراسة نمو عدد الأوراق المالية الحاصلة على تصنيفات خاصة في حوزة شركات التأمين الأمريكية من 2850 في عام 2019 إلى 8152 في عام 2023، وأن حصة الأوراق المالية الحائزة على تصنيف وكالات تصنيف ائتماني أصغر، مثل «إيغان جونز» و«كرول» و«مورنينغ ستار»، قد تنامت إلى 86 % بعام 2023.
كما سلط التقرير الضوء على أن «فيتش» هي وكالة التصنيف الائتماني الرائدة في تصنيفات الرسائل الخاصة بين الوكالات الأمريكية الثلاث الأكبر، وتسبق في ذلك كل من «إس آند بي غلوبال» و«موديز».
ومع ذلك وفي وقت مبكر من هذا الشهر، أعلنت رابطة التأمين إزالتها للتقرير من موقعها الإلكتروني «ليخضع لمزيد من التدقيق التحريري، بهدف توضيح التحليل المُقدم».
ودون ذكر أسماء، نوهت رابطة التأمين بأنها «ستقيّم كيف يمكن إساءة تفسير المعلومات التي نقدمها للجمهور، أو كيف يمكن استخدامها بطرق غير لائقة».