وادي السيليكون ينفق ببذخ على السحابة.. لكن أين العوائد؟

في لحظة صدق مع الذات جديرة بالثناء، اعترف مارك زوكربيرغ مؤخراً بأن استثمارات شركة «ميتا» الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي هي «ليست ما يرغب به المستثمرون». ويمكن قول الشيء نفسه عن جميع شركات التكنولوجيا الكبرى التي أعلنت عن أرباحها مؤخراً.

ما يطمح المستثمرون إلى معرفته هو المزيد من التفاصيل حول كيفية تنفيذ هذه المبادرات. وقد أضافت «أمازون» مزيداً من الغموض وعدم اليقين إلى حجم استثماراتها المتزايدة.

حيث أعلنت عن إنفاق 75 مليار دولار هذا العام، بزيادة تتجاوز 50%، وذلك يتعلق إلى حد كبير بمراكز البيانات والخوادم المخصصة لقسم خدمات الحوسبة السحابية «أمازون ويب سيرفيسز».

وقد خفف المدير التنفيذي للشركة، أندي جاسي، شأنه شأن زوكربيرغ ونظرائه في «ألفابيت» و«مايكروسوفت»، من وقع هذا الأمر على المستثمرين بتحقيق الشركة لنمو في الإيرادات والأرباح تجاوز توقعات المحللين.

ويبدو أن المديرين التنفيذيين في سيليكون فالي يبذلون ما بوسعهم لإظهار بعض الانضباط المالي، حيث يشمّرون عن سواعدهم ويعملون على خفض التكاليف.

ويظهر ذلك في اتساع هوامش التشغيل وأحياناً في سياسات أكثر تشدداً. وفي هذا السياق، قامت شركة «ميتا» المالكة لمنصة فيسبوك بفصل عدد من الموظفين؛ بسبب إساءة استخدامهم لبدلات الطعام؛.

بينما تطالب أمازون موظفيها بالعودة إلى المكتب لتعزيز الإنتاجية، رغم استياء البعض من هذا القرار، حتى وإن ظلت العائدات المستقبلية غير واضحة.

عندما سُئل التنفيذيون عن حجم الاستثمار المتوقع في العام المقبل، تجنبوا إعطاء إجابات محددة؛ حيث أشار أندي جاسي إلى أن أمازون ستنفق «المزيد»، وصرحت المديرة المالية لشركة ألفابت بوجود «زيادة».

وحذرت ميتا من «تسارع كبير». ورغم أن بعض الشركات بدأت بالفعل بتحقيق أرباح من الذكاء الاصطناعي، إلا أن أياً منها لم يصرح بحجم الأرباح أو موعد تحققها.

وإذا كان المستثمرون غير قادرين على التنبؤ بثقة، فيمكنهم على الأقل الاعتماد على مقاييس الأداء. كما يمكنهم إعادة النظر في نسبة محاسبية تقليدية غير شائعة مؤخراً وهي «دوران الأصول الثابتة».

والتي تقيس الإيرادات كمضاعف لحجم ممتلكات الشركة من العقارات، الحواسيب، مراكز البيانات وغيرها من الأصول. تختلف المعدلات وفقاً للصناعة، حيث قد تهدف شركة تجزئة تقليدية إلى نسبة تبلغ 2.5 ضعف، بينما تحقق وولمارت كفاءة تصل إلى 5 أضعاف.

ومع ظهور الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، تراجعت نسبة دوران الأصول الثابتة لدى عمالقة التكنولوجيا. وقبل عقد من الزمن، كانت أمازون ومايكروسوفت تفخران بنسبة دوران أصول ثابتة تقارب 6 أضعاف، وفقاً لتقارير «إس آند بي كابيتال آي كيو».

أما اليوم، فكلتاهما تدير نسبة تبلغ حوالي ضعفين فقط. وقد تراجعت نسبة ميتا من أربعة إلى واحد، فيما انخفضت نسبة ألفابيت من ثلاثة إلى اثنين. وعلى الرغم من الزيادة الحادة في المبيعات، إلا أن قيمة الأصول الثابتة في ميزانياتهما ارتفعت بوتيرة أسرع.

ومن المهم متابعة المدة التي ستستغرقها هذه الأرقام للعودة إلى شيء شبيه «بأيام المجد» السابقة، رغم أن عصر خفة الأصول قد يكون انتهى إلى الأبد. وصرح أندي جاسي أن سباق الذكاء الاصطناعي يعد فرصة تأتي مرة واحدة في العمر.

وإذا سارت الأمور بشكل جيد، «فسيشعر المساهمون بالرضا» تجاه ذلك. وصحيح أن الشعور الجيد يبقي أسعار الأسهم مرتفعة، لكن وجود مؤشرات نجاح أكثر وضوحاً سيكون مفيداً بلا شك.