مجلس تحرير «فاينانشال تايمز»
شهدت سوق السندات اضطرابات حادة خلال الأشهر القليلة الماضية، شكلت دفعة قوية لمصرفيي الاستثمار، إذ ينعم المتداولون حالياً بأعلى مستويات العوائد منذ أكثر من عقد.
وفي خضم هذا المشهد، برز دور «حراس السندات» - وهم المستثمرون الذين يعاقبون الحكومات المسرفة مالياً - كعامل داعم غير متوقع للصيرفة الاستهلاكية التقليدية.
وعلى الرغم من أن ربحية المصارف يُفترض أن تكون في طور التراجع، خاصة أن منتجات مثل الرهون العقارية غالباً ما تُربط بأسعار الفائدة التي بدأ المصرف المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا بخفضها مؤخراً، تشير تقديرات «كيه بي دبليو»، إلى أن تراجع الفائدة بنسبة نقطة مئوية واحدة، قد يقتطع ما يصل إلى 7 % من أرباح القطاع البنكي.
إلا أن السياسات التجارية الأمريكية المتقلبة، وخطط الإنفاق الجذرية في أوروبا، دفعت بتكاليف الاقتراض طويلة الأجل إلى الارتفاع، رغم خفض أسعار الفائدة القياسية.
فقد انخفض العائد على السندات الحكومية الألمانية لأجل عامين، بمقدار 1.2 نقطة مئوية، منذ أول خفض أعلنه المركزي الأوروبي في يونيو، بينما بقي العائد على السندات لأجل 10 أعوام مستقراً، وهو ما يخفف من الضغط على هوامش أرباح المصارف التجارية.
ويكمن نموذج أعمال أي مصرف في أبسط صوره، في أخذ قروض قصيرة الأجل، ومنح قروض طويلة الأجل، لذا، تعني الفجوة الأكبر بين الفوائد قصيرة وطويلة الأجل، أو ازدياد انحدار منحنى العوائد بلغة السوق، ارتفاع الأرباح المُحتملة.
لكن الفجوة كانت إما ضئيلة أو سلبية طوال غالبية العِقد الماضي، وهو ما يُعرف بانعكاس منحنى العوائد، بسبب ضعف توقعات النمو على المدى الطويل.
لكن عودة السوق إلى منحنى عائد أكثر طبيعية، يسهّل من الأمور على المصارف. فقبل الخفض الأول للفائدة من جانب مصرف إنجلترا، سجلت الفجوة بين ما قد يحققه المصرف من أرباح على قرض شخصي بقيمة 10000 جنيه إسترليني، وما يتحتم عليه سداده مقابل حساب مدخرات ثابت لأجل عامين، ما يقل عن 2.4 % بقليل، وفقاً لحسابات «ليكس». وبنهاية شهر أبريل، ارتفع هذا الهامش إلى 2.8 %، ما تزامن مع تزايد الفائدة على القروض الشخصية، وانخفاض الفائدة على حسابات الادخار.
لكن، وفي واقع الأمر، فإن العملية مُعقّدة بالنسبة للمصارف الكبرى، التي تدير محافظ مهولة من عقود مبادلة الفائدة، لتبسيط العراقيل التي تلاقي تحقيقها للأرباح، غير أن النتيجة النهائية هي ذاتها، وهي هوامش أرباح أعلى.
وسلّطت مصارف، تشمل «بي إن بي باريبا»، و«كايشا بنك»، و«لويدز»، الضوء على الفوائد المُحتملة في الأسابيع الأخيرة.
ويشي ازدياد انحدار منحنى العوائد، بأن توقعات المحللين متشائمة للغاية. ربما يكون صافي تأثير خفض المصارف المركزية للفائدة ما زال سلبياً، لكن تشير تقديرات محللي «كيه بي دبليو»، إلى أن التأثير الذي سيلحق بإيرادات المصارف سيقل بحوالي الثلث، إذا تراجعت الفوائد قصيرة الأجل، بينما ظلت نظيراتها طويلة الأجل مستقرة، مقارنة بأي تحرك موازٍ. لكن الأضرار ستكون أقلّ، إذا ارتفعت الفوائد طويلة الأجل.
من ناحية أخرى، ارتفع مؤشر «ستوكس 600» المرتبط بالمصارف بنسبة 30 % هذا العام، لكنه بالرغم من ذلك يُتداول عند مستويات أقل من الأرباح المُتوقعة بتسع مرات على مدى الـ 12 شهراً المقبلين. وفي ضوء احتمالية ارتفاع توقعات الأرباح، فمن المُحتمل أن تواصل أسهم المصارف مكاسبها، دون المبالغة في تقييمها، ما يُعزى إلى المساعدة من حراس السندات.