ستيف جونسون
ضخّ مستثمرون أوروبيون وآسيويون مبالغ قياسية في صناديق الأسهم العالمية التي تستثني السوق الأمريكية، وذلك عقب عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ووفقًا لبيانات «مورنينغ ستار»، ضخّ المستثمرون نحو 2.5 مليار دولار في صناديق الاستثمار المشتركة وصناديق المؤشرات المتداولة التي تستبعد الولايات المتحدة، خلال الفترة الممتدة من بداية ديسمبر وحتى نهاية أبريل.
وتُعد هذه التدفقات، التي تجاوزت 2.1 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها، الأعلى على الإطلاق من حيث الإجمالي الشهري، ما يعكس تحولًا حادًا في الاتجاه بعد 3 سنوات متواصلة من السحوبات الصافية.
وقد أدى هذا الاهتمام المفاجئ إلى إطلاق عدد من الصناديق الجديدة، من بينها تلك التي أطلقتها شركات مثل «بلاك روك»، و«DWS» الألمانية، و«أموندي» الفرنسية.
وقال كينيث لامونت، رئيس وحدة الأبحاث في «مورنينغ ستار»: «هناك علامة استفهام حول الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي، وقد شهدنا انعكاس ذلك بوضوح على حركة التدفقات، إذ رصدنا خروجًا مستمرًا من السوق الأمريكية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة».
وأضاف: «لطالما كانت الولايات المتحدة الوجهة المفضلة لرؤوس الأموال العالمية، لكن ثمة اليوم عدداً متزايداً من المستثمرين أصبحوا يشككون في مكانتها الريادية كوجهة استثمارية على الصعيد العالمي».
ولسنوات طويلة، ظلت صناديق الأسهم العالمية التي تستبعد السوق الأمريكية بعيدة عن اهتمام المستثمرين، وذلك في ظل الصعود الكبير الذي شهدته «وول ستريت» خلال معظم العقد الماضي، والذي اجتذب تدفقات أجنبية ضخمة.
وسحب المستثمرون صافي 2.5 مليار دولار من هذه الصناديق بين عامي 2022 و2024، وخلال تلك الفترة ارتفع مؤشر «MSCI» العالمي باستثناء الولايات المتحدة بنسبة 7% فقط، مقارنة بارتفاع بلغ 25% لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500».
لكن هذه الصناديق تمكنت من استعادة كامل تلك التدفقات خلال 5 أشهر فقط، مدفوعة بمخاوف متزايدة من أن الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلنها ترامب، بعد إعادة انتخابه في نوفمبر وتوليه المنصب مجددًا في يناير، قد تلحق ضررًا أكبر بالاقتصاد الأمريكي مقارنة بالأسواق الكبرى الأخرى.
وأوضح لامونت أن: «العديد من القرارات السياسية التي تم اتخاذها شكّلت مفاجأة للأسواق»، مضيفًا: «بشكل أساسي، لم تكن السوق تتوقع فرض الرسوم الجمركية بتلك الطريقة أو بذلك الحجم».
وأشار كينيث لامونت إلى أن جزءًا من التدفقات نحو الصناديق التي تستثني السوق الأمريكية يعود إلى ما وصفه بـ«إعادة التوازن بدافع وطني» من قبل مستثمرين أوروبيين، وليس بالضرورة نتيجة لارتفاع تقييمات الأسهم الأمريكية.
وقال: «هناك شعور لدى بعض المستثمرين الأوروبيين بعدم الرغبة في ضخ استثماراتهم داخل الولايات المتحدة»، لافتًا إلى «الآثار المترتبة على بعض السياسات التي تبنّتها واشنطن مؤخرًا».
ومع ذلك، يرى بونوا سوريل، الرئيس العالمي لصناديق المؤشرات المتداولة والاستثمار المبني على المؤشرات الذكية في شركة «أموندي» – التي أطلقت صندوقًا متداولًا يستثني السوق الأمريكية في سبتمبر، قبل إعادة انتخاب ترامب – أن هذا الاهتمام لا تحركه الاعتبارات السياسية بقدر ما تحركه رغبة عدد من المستثمرين في إعادة موازنة محافظهم الاستثمارية.
وأشار سوريل إلى أن جزءًا كبيرًا من الأموال التي تدفقت إلى الصناديق الأوروبية العام الماضي تركز في مؤشرين اثنين فقط: مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، ومؤشر «MSCI العالمي»، الذي تمثل الأسهم الأمريكية أكثر من 70% من مكوناته.
وبناءً على ذلك، يرى سوريل أن بعض المستثمرين الأوروبيين يسعون اليوم إلى تنويع محافظهم أو إعادة موازنتها عبر زيادة الانكشاف على الأسواق غير الأمريكية، لا سيما في ظل الوزن الكبير لأسهم التكنولوجيا المعروفة باسم «السبعة الرائعة»، والتي شهد بعضها – مثل «تسلا» و«إنفيديا» – تقلبات واضحة خلال الأشهر القليلة الماضية.