هل تستطيع اليابان إطلاق صناعة طاقة الرياح البحرية المتعثرة؟

جيمي سميث - هاري ديمبسي

انسحبت شركة ميتسوبيشي من ثلاثة مشاريع يابانية لطاقة الرياح البحرية في أغسطس، ما دفع مستقبل هذا المصدر للطاقة المتجددة في خامس أكبر اقتصاد في العالم إلى السقوط في حالة من عدم اليقين العميق.

وكان قد جرى طرح المشاريع الثلاثة، التي تبلغ قدرتها الإجمالية 1.7 جيجاواط، بوصفها جزءاً من الجولة الأولى من المزادات الحكومية اليابانية لطاقة الرياح البحرية في عام 2021، لكنها انتهت بفشل ذريع بعد مرور أربع سنوات دون بناء أي مزارع رياح.

وُصف الارتفاع الكبير في التكاليف عقب جائحة كورونا واشتعال الصراع الروسي الأوكراني بأنه السبب الرئيسي وراء انسحاب الكونسورتيوم الذي تقوده ميتسوبيشي من المشاريع الثلاثة، وصرح رئيس الشركة التجارية، كاتسويا ناكانيشي، بأن «التكاليف تضاعفت».

وتواجه اليابان الآن سؤالاً شائكاً حول ما إذا كانت المشاريع المطروحة في الجولتين الثانية والثالثة ستفشل أيضاً، أو ما إذا كان صانعو السياسات اليابانيون قادرين على التحرك بمرونة كافية - ولديهم ما يكفي من الأوراق - لإنعاش صناعة طاقة الرياح البحرية لديها.

ومن الواضح أن المعضلة لا تقتصر على اليابان فحسب، حيث تعاني قطاعات طاقة الرياح في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا من ارتفاع أسعار الفائدة، لكنها قد تكون أكثر حدة بسبب محاولات الدولة الآسيوية إطلاق الصناعة من الصفر تقريباً، ما يرفع التكاليف. وبالنسبة لليابان، وهي الدولة الفقيرة بالموارد والتي تعتمد بشكل كبير على واردات الوقود الأحفوري، تُعد طاقة الرياح البحرية حيوية لتحسين أمن الطاقة وإزالة الكربون.

ويكمن الأمل في أنها، بوصفها دولة جزرية، يمكنها محاكاة نجاح المملكة المتحدة في إقامة مزارع الرياح الضخمة قبالة سواحلها والاستفادة من هذا المورد.

وقال محللون: إن اليابان أضاعت فترة طويلة من الانكماش وانخفاض أسعار الفائدة، كما أنها عانت من أزمة كبيرة بسبب كارثة فوكوشيما النووية، فيما انطلقت الدول الأوروبية بقوة في إنشاء صناعة طاقة الرياح، ونجحت بالفعل في خفض تكاليف سلسلة التوريد في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

وكان من المقرر أن تعمل مشاريع طاقة الرياح البحرية التي سُلّمت إلى ميتسوبيشي خلال مزاد الجولة الأولى بموجب نظام تعريفة التغذية، الذي تضمن بموجبه الحكومة شراء المرافق للطاقة بسعر معين، لكن ارتفاع تكاليف المشاريع قد يدفع لتجاوز السعر الثابت في ظل بيئة تضخمية. في محاولة لمنع انسحاب ميتسوبيشي عرضت الحكومة إضافة علاوة معينة إلى سعر السوق.

وقال منتقدو ميتسوبيشي إن عرضها، الذي تراوح بين 12 و16.5 ين (8 - 11 سنتاً) للكيلوواط/ساعة، يُعدّ أقل من السعر الحقيقي، ولا يمكن من تحقيق الربحية بشكل واقعي. لكن ناكانيشي، من ميتسوبيشي، قال إن الجدوى الاقتصادية ستظل غير منطقية في ظل أسعار أعلى بكثير، وأضاف:

«حتى لو تضاعف سعر ضريبة التغذية، وافترضنا تطبيق نظام التأمين، فإن نماذجنا أشارت إلى صعوبة الاستمرار». مُنحت الجولتان الثانية والثالثة لمشاريع طاقة الرياح البحرية في اليابان بموجب برنامج تعريفة التغذية في نهاية عامي 2023 و2024 على التوالي، إلا أن المنافسة الشديدة حالت دون حصول العديد من الفائزين على علاوة سعرية أعلى من أسعار السوق، وشملت التحالفات الفائزة شركات طاقة عملاقة مثل جيرا و«آر دبليو إي» و«بي بي» و«إيبردرولا».

وكتب معهد الطاقة المتجددة، وهو مجموعة بحثية غير ربحية مقرها طوكيو، أن هذه المشاريع «تواجه ظروفاً أشد قسوة من وضع ميتسوبيشي بسبب عروضها ذات العلاوة الصفرية». وأضاف: «ما لم تُتخذ تدابير تصحيحية، فهناك خطر حقيقي من حدوث اضطرابات مماثلة متتالية».

في المقابل، استجابت الحكومات الأوروبية بسرعة نسبية للنكسات التي لحقت بقطاعات طاقة الرياح البحرية لديها، فبعد تلقيها صفر عروض في مزاد عام 2023، رفعت حكومة المملكة المتحدة سقف السعر بنسبة 66 % في الجولة التالية، وأبدت الدنمارك عزمها على مراجعة إطار عمل مزادها بعد أن لم تتلقَّ أي عروض هي الأخرى.

وقال ياسوشي نينوميا، الباحث التنفيذي في وحدة الطاقة النظيفة بمعهد اقتصاديات الطاقة في اليابان: «إن الحكومة لا تستطيع تغيير علاوة السعر بأثر رجعي، لكنها تُجري مفاوضات مع مطوري المشاريع لوضع شروط أكثر ملاءمة». وأضاف: «تخشى الحكومة بشدة من احتمال الانسحاب. تكمن الصعوبة في أن المزاد قد تم، لذا ليس هناك مجال واسع لاتخاذ أي إجراء، فالقلق منصبٌّ على السعر العادل».

من بين خيارات الحكومة تمديد عمر المشاريع من 30 إلى 40 عاماً، والسماح بالمشاركة في سوق الطاقة الإنتاجية، ودعم شركات المرافق العامة بتكاليف إضافية مرتبطة بشراء طاقة الرياح البحرية. ونظراً لأن سعر الطاقة الشمسية في اليابان منخفض للغاية.

حيث يصل إلى 10 ينات للكيلوواط/ساعة، وسعر طاقة الرياح البحرية يزيد على ثلاثة أضعاف هذا السعر، فإن خيار الحكومة يبدو سياسياً بشكل متزايد.

وقال نينوميا: «هناك خياران: التخلي عن صناعة الرياح البحرية الآن أو دعمها مع تحميل دافعي الضرائب أعباء إضافية وإنشاء سلسلة توريد في اليابان»، محذراً من أن الخيار الأول يستلزم التخلي عن هدف البلاد المتمثل في الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ووفقاً لمجموعة ويستوود جلوبال إنرجي، وهي شركة لأبحاث سوق الطاقة، والتي تتوقع عجزاً قدره 2.2 جيجاواط، فإن الضرر الذي يلحق بهدف اليابان لعام 2030 المتمثل في 5.7 جيجاواط من طاقة الرياح البحرية بالغ بالفعل.

وتعهد الوزراء اليابانيون ببذل كل ما في وسعهم لدعم انطلاق صناعة الرياح البحرية. سيكون ذلك ضرورياً للوفاء بخطة الطاقة الاستراتيجية التي صدرت في فبراير والتي تهدف إلى أن تولد طاقة الرياح ما بين 4 و8 % من كهرباء اليابان، وارتفاعاً من 1.1 % في عام 2023.

لكن شدة الأزمة تعني أن هناك الكثير من الجلبة في الصناعة حول خطة بديلة في حال انهيار أحجار الدومينو: تقوم على التخلي عن طاقة الرياح البحرية والتوجه بالكامل نحو الغاز الطبيعي والهيدروجين واحتجاز الكربون.