هل يتحقق مسعى أوروبا للوصول إلى شركة تريليونية؟

ريتشارد ميلن

قد لا يتجاوز عمر شركة أنطون أوسيكا الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي عامين، لكن لديها هدف طموح هو أن تصبح أول شركة أوروبية تصل قيمتها إلى تريليون دولار. وتستخدم «لافابل»، وهي شركة ناشئة من ستوكهولم متخصصة في برمجة الذبذبات الصوتية الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تطوير البرمجيات.

وبدأت الشركة بداية جيدة، حيث أعلنت في يوليو أن إيراداتها المتكررة، إذا ما تم حسابها شهرياً، ستتجاوز 100 مليون دولار. وقد تلقت الشركة عروضاً للاستثمار بتقييمات تتجاوز 4 مليارات دولار.

ويقول الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك البالغ من العمر 35 عاماً، بجرأة تضاهي جرأة وادي السيليكون: «علينا أن نصل إلى نطاق أوسع – وأمامنا طريق واضح للغاية، لنصبح أول شركة أوروبية تصل قيمتها إلى تريليون دولار».

وتعج العاصمة السويدية ستوكهولم بالفعل بمشاريع للذكاء الاصطناعي أكثر من أي مكان آخر في القارة، لكن سلسلة النجاحات المفاجئة تسلط الضوء في الواقع على واحدة من أكثر المعضلات حدة في مشهد التكنولوجيا في أوروبا: هل يجب على الشركة الناشئة قبول عرض شراء عندما يتصل بها منافس أكبر أم تخاطر بالكثير من أجل أن تصبح شركة ضخمة؟

الإجابات المختلفة التي قدمتها أبرز ثلاث شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي في السويد تؤكد القضايا التي تواجه قارة تحاول يائسة الحفاظ على أهميتها في مواجهة القوتين التكنولوجيتين العظميين:

الولايات المتحدة والصين، لذا هناك حاجة ضرورة لأن تتمسك أوروبا بشركاتها الأكثر قيمة - تلك التي تجرؤ على التفكير الكبير، حتى لو كان هناك احتمال لأن تفشل، وقد أشعلت شركة سانا، وهي شركة سويدية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.

حيث كان يعمل أوسيكا، الجدل بعد قبول بيعها لمجموعة البرمجيات الأمريكية «ورك داي» مقابل 1.1 مليار دولار، وأثار مشهد استحواذ مجموعة أمريكية راسخة على منافس أوروبي واعد الحزن بين الكثير من العاملين في قطاع التكنولوجيا الأوروبي.

ويقول أحد المستثمرين السويديين في مجال التكنولوجيا: «لقد شاهدنا هذا الفيلم مرات عدة من قبل»، مشيراً على سبيل المثال إلى شركة التكنولوجيا المالية الواعدة «آي زيتل»، التي اشترتها «باي بال» مقابل 2.2 مليار دولار في عام 2018 بمجرد أن بدأت تنطلق.

لكن جويل هيلرمارك، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سانا، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لمساعدة الموظفين، لا يتفق مع هذا الرأي. ويقول، إن التوسع والانتشار «ضروري لشركات الذكاء الاصطناعي الطموحة»، وإن شركة «ورك داي» أتاحت الوصول إلى ثلثي الشركات المدرجة على قائمة فورتشن 500 لأكبر الشركات الأمريكية من حيث الإيرادات.

ويقول: «هذه لحظة حاسمة لـ«سانا» والذكاء الاصطناعي الأوروبي بنطاقه الأوسع. وكان قرارنا، في النهاية، مدفوعاً برؤية مشتركة وطموح للفوز في مجال الذكاء الاصطناعي للمؤسسات».

ويرى هيلرمارك أنه من غير المرجح أن تنافس أوروبا الولايات المتحدة في النماذج الأساسية للذكاء الاصطناعي مثل نموذج «أوبن أيه آي»، لكن يجب أن تكون قادرة على «الفوز» في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل سمات مثل قوة السويد في مجال التصميم.

وهناك مجال آخر تثبت الشركة الناشئة السويدية قدرتها فيه على التحدي وهو تطبيقات الذكاء الاصطناعي القانوني. وتتحدى بالفعل شركة «ليجورا»، التي لديها أكثر من 400 شركة محاماة عملاء، شركة «هارفي» الأمريكية في استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة المحامين في المهام اليومية.

لكن ماكس جونستراند، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة، لا يخطط لأن يحذو حذو سانا - حتى مع زيادة هارفي وتيرة المنافسة، من خلال وضع الكثير من الإعلانات في شوارع ستوكهولم. ويؤكد: «ليس لدينا أي خطط لبيع «ليجورا».

ويقول، رغم أننا قطعنا شوطاً طويلاً في غضون عامين فقط، إلا أننا ما زلنا في خط البداية فقط مقارنة بما نهدف إلى تحقيقه على المدى الطويل. هدفنا في النهاية هو أن نصبح الخيار الواضح للمحامين حول العالم».

الشيء المشترك بين مؤسسي شركات الذكاء الاصطناعي السويديين الثلاثة هو أنهم يرون دورهم - ونجاحهم - جزءاً من مسعى قاري أكبر. ويقول جونستراند في هذا السياق إنه يأمل في غضون 10 سنوات بأن يبني «شركة ذكاء اصطناعي سويدية كبيرة ومثيرة، تحدث تأثيرات متتالية.

وتساعد في تعزيز مكانة أوروبا في مجال الذكاء الاصطناعي»، لكن السؤال هو ما إذا كانت أوروبا قادرة على تحقيق ذلك في ظل قيامها ببيع شركاتها الواعدة.

وليس من المستغرب إذن أن الشركات الناشئة الناجحة التي يستشهد بها المؤسسون الناشئون غالباً ما تكون مثل «سبوتيفاي» و«كلارنا»، وهي شركات حافظت على استقلاليتها، وامتلكت الجرأة على السعي للنمو، حتى لو تم إدراجها في سوق الأسهم الأمريكية.

وقليلون هم من يذكرون الآن شركات مثل «موجانغ»، الشركة المطورة للعبة «ماينكرافت»، التي استحوذت عليها «مايكروسوفت» أو «آي زيتل» مصدر إلهام.

وتُعد ستوكهولم نفسها موطناً لعدد أكبر من شركات «اليونيكورن» مقارنة بأي منطقة أخرى عالمياً خارج وادي السيليكون، وذلك وفقاً لتقدير شركة رأس المال الاستثماري «أتوميكو».

ويستند ذلك بشكل متزايد إلى الروح القوية لريادة الأعمال داخل قطاع الشركات الناشئة والتمويل الخاص، وليس المبادرة الحكومية. وعلى سبيل المثال أسهمت إمبراطورية «واينبيرغ» العائلية في مجال الذكاء الاصطناعي في البلاد مستثمرين أكثر من الدولة، لذلك من غير المرجح أن تكون «سانا» آخر شركة ناشئة سويدية تحاول شركة أمريكية منافسة أكبر شرائها.

ولمستقبل أفضل لأوروبا من الضروري أن يتجرأ المزيد من الشركات على أن تكون مثل شركة «أنطون أوسيكا»، وأن تحلم أحلاماً كبيرة، مهما كانت العقبات التي تقف في طريقها لتحقيق ذلك.