توم ويلسون - أليس هانكوك
تتردد تساؤلات حول وجود استراتيجية واضحة للغاز لدى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً من قِبل منتجي الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، الذين يتطلعون إلى إبرام عقود إمداد مرنة مع دول الاتحاد. أما الاستراتيجية بشأن الفحم، فهي واضحة، حسب ويليام جوردان، كبير مسؤولي الشؤون القانونية والسياسة لدى «إي كيو تي»، في تعليقات لـ «إنيرجي سورس».
يأتي بعد ذلك التخطيط الأوسع لمصادر الطاقة المتجددة، مع التخطيط للتوسع فيها بأسرع ما يمكن، والبدء في إعادة التفكير بشأن الطاقة النووية. لكن بالنسبة للغاز، أشار جوردان إلى عدم وجود إطار عمل سياسي رسمي بشأنه، وغياب الاتفاق على ما تعنيه الإشارة إلى الغاز باعتباره «وقوداً انتقالياً».
وقال: «يقع الغاز الطبيعي في نقطة المنتصف وهو المسألة الأكثر صعوبة. وليس من المفاجئ أن الفشل في معالجة تلك الصعوبة هو ما يسبب المشكلات في عملية تحول الطاقة برمتها. وأعتقد في أنه من الأهمية بمكان أن نخوض هذا النقاش على المدى القريب».
وتزايد اعتماد الاتحاد الأوروبي على الولايات المتحدة في الحصول على الغاز الطبيعي المسال لتعويض ما كان يحصل عليه من روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. وقفزت الواردات من 16.4 مليون طن في عام 2021 إلى 39.7 مليون طن في عام 2022، قبل بلوغها نسبة قياسية عند 44.4 مليون طن العام الماضي، بحسب بيانات «كيبلر».
ولا يعني ذلك استعاضة الاتحاد الأوروبي تماماً عن الغاز الروسي. فقد حذرت حكومات الاتحاد الأوروبي أخيراً من أنه على الرغم من الانخفاض الهائل في إمدادات خطوط الأنابيب من الجارة الشرقية، إلا أن شحنات الغاز إلى الموانئ الغربية في بلدان مثل بلجيكا وفرنسا قد تزايدت.
وهناك جهود بارزة من جانب الاتحاد الأوروبي لاستبدال ما تم فقده من غاز روسي بالطاقة المتجددة. لكن عدم ثبات توليد الطاقة المتجددة والتحديات التي تفرضها مشكلات البنية التحتية تظهر أن الغاز سيظل يحتفظ بحصة كبيرة من مزيج الطاقة الذي يحصل عليه التكتل.
وتكمن حجة جوردان في تعزيز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاستراتيجية غاز عابرة للأطلسي، تذهب إلى ما هو أبعد من فرقة العمل المشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن أمن الطاقة التي تأسست في عام 2022 لمساعدة الأخير في تنويع إمداداته من الغاز، التي لم تعقد اجتماعاً رسمياً منذ أكتوبر من العام 2023.
ووفقاً لويليام جوردان، يمكن للموردين الأمريكيين إمداد المشترين في الاتحاد الأوروبي بـ «عقود على هيئة خيارات، لا تلزم أوروبا بالشراء».
وذهبت دراسة أجراها مركز التنظيم في أوروبا، وهو مركز للأبحاث، إلى أن مثل هذه العقود المرنة، التي يمكنها وضع حدود قصوى ودنيا للأسعار، من شأنها المساعدة في خفض أسعار الغاز الأوروبية بالجملة بمقدار 343 مليار يورو بحلول عام 2030، عن طريق حماية المستهلكين من التقلبات السوقية في الأوقات التي يشتد الطلب فيها.
لكن تكمن المشكلة في أن «توقيع عقود توريد الغاز الطبيعي المسال ليس دور الحكومات. إنما هو أمر يخص الشركات»، بحسب سايمون تاغليابييترا، الزميل بمركز بروغل للأبحاث في بروكسل، والذي أوضح أنه: «من الصعب أن ننتظر من الحكومات الأوروبية فعل أكثر مما كانت تفعله بالفعل على مدى الأعوام الماضية بتوقيع مذكرات تفاهم».
وفي تقرير مهم صدر أخيراً بشأن تنافسية الاتحاد الأوروبي، أوصى ماريو دراغي، رئيس الوزراء الإيطالي السابق، بتجميع الطلب على الغاز والشراء المشترك له. وذكر أموند فيك، وزير الطاقة السابق لدى النرويج التي تعد أكبر موردة للغاز للاتحاد الأوروبي: «سيكون من الأسهل على أوروبا أن توقع عقوداً أفضل وأكثر مرونة، إذا كانت قادرة على استغلال حجمها».
لكن الجهود الرامية إلى بدء السير في هذا الطريق كانت مخيبة للآمال. ومن بين التحديات العديدة التي تواجه مزيج الطاقة هذا هو المسؤولية الوطنية، لا الاتحاد الأوروبي، إلى جانب تقليل حكومات الاتحاد الأوروبي من الحاجة إلى الغاز على المدى الطويل، أو على الأقل حتى تكون البطاريات متوفرة على نطاق يمكنها من تعويض التقلبات التي تعتري توليد الطاقة من المصادر المتجددة.
لفت فيك، الذي يعمل مستشاراً كبيراً لدى مجموعة يوراسيا: «ستظل أوروبا عالقة مع عقود أسوأ، طالما أنها ترفض تحقيق هذا الطلب على الغاز الطبيعي على المدى الطويل». وكان فيك رجح تركيز المنتجين الأمريكيين على الاتحاد الأوروبي على المدى القصير، بغض الطرف عما ستؤول إليه الأمور من الناحية السياسية، بما أن العوامل الجيوسياسية هي التي ستحدد ذلك. وأضاف: «على الرغم مما يجري حالياً على صعيد الانتخابات الأمريكية، لكن الولايات المتحدة تظل أكثر قرباً إلى أوروبا من الشرق الأوسط اقتصادياً وسياسياً. لذا، فالأمر مهم، كما أنها مسار تجارة أكثر أماناً نوعاً ما».
وكلما ازداد الطلب الأوروبي، كلما كانت هناك أسباب تدفع المنتجين الأمريكيين إلى استخراج الغاز والضغط على الحكومة لتخفيف ما وصفه جوردان بأنه «مسائل قضائية قليلة الأهمية»، بما في ذلك تجميد إصدار الموافقات على الصادرات الجديدة للغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة الذي أعلنه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في يناير الماضي. وأضاف: «لو كنت الاتحاد الأوروبي، لرغبت في ضمان أن الولايات المتحدة تبذل ما في وسعها لتقليل التكاليف التي ستمرر إلى المستهلكين في الاتحاد الأوروبي بنهاية المطاف».
وفي إجابات رفعها دان يورغنسن، وزير التعاون الإنمائي وسياسة المناخ العالمية الدنماركي قبل جلسة الاستماع البرلمانية المنتظر انعقادها الأسبوع المقبل واطلعت عليها «إنيرجي سورس». كتبت مديرية الطاقة في الاتحاد الأوروبي أن المنتجين الأمريكيين يجب عليهم ألا يتوقعوا طلباً أعلى من المشترين داخل التكتل. وجاء في الإجابات: «سنواصل استيراد الغاز الطبيعي الأمريكي المسال لكن بأحجام أقل في المستقبل، في ظل انخفاض الطلب الأوروبي العام على الغاز ضمن التوجه التدريجي نحو الاستغناء عن الوقود الأحفوري».