رؤوس الأموال الخاصة.. فرصة للنمو أم حقل ألغام؟

باتريك جينكينز

لم يُحقق صندوق «الأصول المتنوعة» التابع لشركة «سانت جيمس بليس» – والمدعوم من شركة «كيه كيه آر» الأمريكية، والمُتاح لعملاء شركة إدارة الثروات البريطانية منذ عام 2018 – نتائج لافتة.

فالصندوق، المتخصص في استثمارات رؤوس الأموال الخاصة، سجل عائداً لا يتجاوز 0.6% خلال العام الماضي، في حين حققت الأسهم المُدرجة في مؤشر «فوتسي 100» عائداً إجمالياً تجاوز 8%. وحتى الاحتفاظ بالنقد كان ليحقق عائداً يقارب 5%.

هذا الأداء المتواضع لم يكن محصوراً في فترة قصيرة، بل استمر على مدى فترات زمنية أطول، وهو أمر جدير بالملاحظة.

وفي الأسبوع الماضي، كشفت وزيرة الخزانة، راشيل ريفز، عن اتفاق مانشن هاوس بالاشتراك مع 17 من أكبر مديري صناديق المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة.

وبموجب بنود الاتفاق الطوعي، سيتم تخصيص 10% من الأموال التي تتلقاها الصناديق على هيئة إسهامات خطط التقاعد ذات الاشتراكات المُحددة التي يديرها الموقّعون على الاتفاق للاستثمار في الأسواق الخاصة بحلول نهاية العقد، ما يأتي بعائد نسبته 0% في يومنا الحاضر.

وقد تركت ريفز الباب مفتوحاً أمام احتمالية أن تجعل تخصيص الأصول إلزامياً، إذا بدا أن التعهد الطوعي لا يؤتي ثماره.

وفي الوقت ذاته، وفي الولايات المتحدة، يعقد مديرو الأصول شراكات لمنح المستثمرين الأفراد التقليديين فرصة الوصول إلى رؤوس الأموال الخاصة.

وأبرمت كل من «فانغارد» و«ويلينغتون» شراكة مع «بلاك ستون»، فيما عقدت «كابيتال غروب» شراكة مع «كيه كيه آر»، فما السر وراء هذا الهوس بالأسواق الخاصة؟

في واقع الأمر، وعلى الرغم من السجل الضعيف لصندوق «الأصول المتنوعة»، إلا أن هناك دليلاً على تفوق مستمر في أداء هذا القطاع. فعلى مر العقود، اعتادت الأسهم الخاصة تحقيق ما يُطلق عليه معدل عائد داخلي سنوي يفوق 9%، بحسب ورقة بحثية أكاديمية صدرت في عام 2022، فيما بلغ متوسط العائد الإجمالي لمؤشر «إس آند بي 500» نحو 10%.

وحققت «كيه كيه آر» ذاتها صافي معدل عائد داخلي سنوياً في صناديقها للأسهم الخاصة وصناديق البنية التحتية للعملاء الخاصين يصل إلى 12% و14% على الترتيب.

كما تضخّم حجم سوق رؤوس الأموال الخاصة بأكثر من الضِعف في غضون عِقد، ولديه في الوقت الراهن أصول تخضع للإدارة تقارب 25 تريليون دولار.

وأدى هذا السجل، علاوة على تزايد شعبية هياكل الشركات الخاصة مقارنة بالشركات المُدرجة، إلى تنامي شعور المستثمرين وصانعي السياسة على حد سواء بالخوف من تفويت الفرصة.

لكن في سياق توجّه المملكة المتحدة نحو تعزيز صناديق المعاشات التقاعدية ومبادرات المستثمرين الأفراد في الولايات المتحدة، فإن المشهد تكتنفه الكثير من العوامل المُعقّدة ومخاطر ناجمة عنها.

أولاً، ربما يكون هناك تضارب في توجهات صانعي السياسة، فالرغبة في تعزيز النمو الاقتصادي عن طريق تشجيع أنواع مُحددة من الاستثمارات أمر مشروع، لكن ممارسة الضغوط على أموال المعاشات التقاعدية لكي يتم ضخم في مشروعات بنية تحتية صعبة التمويل ومحفوفة بمخاطر عالية ليس أمراً مشروعاً بالمرة.

ثانياً: من المهم تسليط الضوء على المصلحة الشخصية لمديري المعاشات التقاعدية ممن سيستفيدون من حصتهم من الرسوم الأعلى.

وبالنسبة لصندوق رأس المال الخاص التقليدي، فإنه سيفرض رسوماً سنوية تصل إلى 2%، وربما إضافة رسوم أداء غامضة في بعض الأحيان، وهو فارق هائل مقارنة بالصندوق الذي يتتبع الأسهم المُدرجة ويفرض إجمالي نسبة مصروفات ضئيلة بحدود 0.1%.

ثالثاً: تتوق صناعة رؤوس الأموال الخاصة نفسها إلى الحصول على مجموعة جديدة من المستثمرين النهائيين.

وتُعد أسعار الفائدة في الوقت الراهن أعلى مما كانت عليه في غالبية الأعوام الـ 20 الماضية، مما يفاقم من تكاليف التمويل بالدين الذي تعتمد عليه شركات رؤوس الأموال الخاصة.

ويعني هذا تراجع عوائد هذه الشركات. كما بات التخارج من الاستثمارات أصعب، في ظل مواجهة الاكتتابات العامة الأولية صعوبة في أسواق مهيضة لطرح الأسهم.

ويعني ما سبق، بالإضافة إلى عوامل أخرى، أن صناعة الأسهم الخاصة تواجه صعوبة أكبر في جمع تمويلات جديدة من داعميها المؤسساتيين التقليديين، مثل صناديق الثروة السيادية، والأوقاف الجامعية، وصناديق المعاشات التقاعدية ضخمة الحجم مثل تلك الموجودة في كل من كندا وأستراليا.

لذا، فإن اجتذاب صناديق جديدة، مثل مقدمي خطط التقاعد ذات الاشتراكات المُحددة في المملكة المتحدة، أو المستثمرين الأفراد في الولايات المتحدة، ستكون استراتيجية تنويع جيدة.

وقد ينظر الممولون عديمو الضمير إلى المستثمرين الأفراد باعتبارهم «أموالاً غبية».

وفي بعض من الصفقات الأخيرة، دأبت صناديق الاستثمار المشاركة في صناديق استحواذ قائمة على دفع أسعار أعلى مقارنة بمقدمي العروض الآخرين، مما يُعزى إلى الزيادة في المعروض من أموال مستثمري التجزئة.

لكن المحاولات لجعل صناديق الاستثمار أكثر اتساماً بالقبول لدى المستثمرين التقليديين، عن طريق تعويض ضعف السيولة المتأصل في الكثير من أصول رؤوس الأموال الخاصة بأصول أكثر سيولة، قد تقوّض هي أيضاً من الأداء.

وتبلغ نسبة النقد بصندوق «كيه كيه آر» لدى «سانت جيمس بليس» 30% في الوقت الراهن، والصندوق حالياً بصدد مراجعة استراتيجيته المتعلقة برؤوس الأموال الخاصة وفق مطلعين على الأمر.

وبالنسبة لصانعي السياسة والمستثمرين على حد سواء، يمكن استخلاص رسالة واحدة من كل ما سبق، وهي أن رؤوس الأموال الخاصة قد تقدّم نفسها باعتبارها فرصة مغرية للنمو، لكنها ليست الترياق الشافي السهل الذي يتصورونه.