هل يسعى ترامب للسيطرة على نفط فنزويلا؟

جيمي سميث - جو دانيلز

يجتمع عدد كبير من المسؤولين التنفيذيين في قطاع الطاقة، والمسؤولين الحكوميين، ومنظمات المجتمع المدني في نيويورك، بمناسبة أسبوع المناخ.

ويُقام هذا الحدث السنوي بالتزامن مع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويبرز الجهود المبذولة لتسريع وتيرة العمل المناخي، ويناقش التحديات التي تواجه تحول العالم بعيداً عن الوقود الأحفوري.

وكان من المثير احتفال الحضور بنصر مهم، الاثنين، عندما أصدر قاضٍ أمريكي أمراً قضائياً يمنع تنفيذ أمر «وقف العمل» الصادر عن البيت الأبيض ضد مزرعة رياح بحرية على الساحل الشرقي للولايات المتحدة. ويعني هذا القرار أن شركة التطوير الدنماركية «أورستيد» يمكنها استئناف العمل -على الأقل- في الوقت الحالي.

ورغم هجوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مليارات الدولارات من مشاريع الطاقة الخضراء المسموح بها بالكامل، امتنع العديد من المديرين التنفيذيين الأمريكيين عن انتقاد الحكومة خشية استهدافهم من قبل رئيس لم يُخفِ استعداده لملاحقة أعدائه.

لكن أحد الحاضرين في أسبوع المناخ، وهو أندرو فورست، مؤسس ورئيس شركة فورتيسكيو، إحدى أكبر شركات التعدين في العالم، لم يتردد في انتقاد واشنطن خلال مقابلة مع مجلة إنرجي سورس، وكان فورست لاذعاً في انتقاده لـ«هجوم الإدارة القصير النظر على الطاقة النظيفة والترويج المتحمس للوقود الأحفوري»، والذي يرى أنه سيضر بالأمريكيين كثيراً.

على الجانب الآخر، كان هناك اهتمام كبير بما يجري بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ففي حين تشير الأخبار إلى قضاء أسطول بحري أمريكي على مهربي مخدرات مزعومين في جنوب البحر الكاريبي، خرج الرئيس الفنزويلي الاشتراكي الثوري نيكولاس مادورو ليصرح بأن إدارة دونالد ترامب تسعى لإزاحته والسيطرة على احتياطيات بلاده النفطية الهائلة. وقال: «الجميع يعلم أن ما يقولونه عن تهريب المخدرات كذب. الكل يعلم الحقيقة، وهي أنهم يريدون تغيير النظام.. لماذا؟ ليتمكنوا من تنصيب حكومة عميلة للسيطرة على نفط فنزويلا».

وتفتخر فنزويلا، العضو المؤسس في منظمة أوبك، بامتلاك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، وقد أنتجت في مطلع القرن الحالي نحو 3 ملايين برميل يومياً، لكن سوء الإدارة ومصادرة الممتلكات، التي بدأت في عهد سلف مادورو الراحل هوغو تشافيز.

والتي تفاقمت بالعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب الأولى على شركة بتروليوس دي فنزويلا المملوكة للدولة، تسببت في انخفاض حاد في الإنتاج إلى نحو 500 ألف برميل يومياً عام 2020.

وتعد شركة شيفرون التي تعمل في فنزويلا منذ أكثر من قرن ولديها مشاريع مشتركة مع شركة بتروليوس دي فنزويلا، عنصراً أساسياً في سياسة إدارة ترامب الثانية الملتوية تجاه مادورو، الذي أدى اليمين الدستورية لولاية ثالثة في يناير.

وفي يوليو الماضي، منحت وزارة الخزانة الأمريكية شيفرون إعفاء من العقوبات لتصدير النفط الخام من فنزويلا، عقب صفقات محدودة بين واشنطن وكاراكاس بشأن الهجرة.

وذلك بعد شهرين من انتهاء صلاحية ترخيص شيفرون السابق. وأدى هذا الإعفاء إلى استقرار الإنتاج الوطني الفنزويلي عند نحو 920 ألف برميل يومياً، حيث تضخ شركة شيفرون نحو 250 ألف برميل يومياً.

ويُصدّر جزء كبير من الباقي إلى الصين من خلال وسطاء وأسطول مظلم من ناقلات النفط للتهرب من العقوبات. ويتوقع المحللون أن تُحدث عودة الشركة الأمريكية تصحيحاً في سعر النفط الخام الثقيل.

وخلافاً للتراخيص الممنوحة خلال إدارة جو بايدن، فإن شروط الإعفاء الحالي سرية، رغم أن وزارة الخارجية الأمريكية صرحت بأن شيفرون لن تدفع ضرائب أو إتاوات لحكومة مادورو. وقد تركت التراخيص الممنوحة سابقاً لمنتجين غير أمريكيين، ومنها موريل آند بروم وريبسول وإيني، لتنتهي دون تجديدها.

الآن، يبدو أن البيت الأبيض يستخدم دبلوماسية البوارج الحربية للضغط على مادورو؛ فقد عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في جنوب البحر الكاريبي، بنشر ثماني سفن حربية -تتضمن ثلاث مدمرات تحمل صواريخ موجهة، وسرب هجوم برمائي.

وكذلك طراد يحمل صواريخ موجهة، وغواصة هجوم سريع تعمل بالطاقة النووية- وآلاف الجنود. كما أمرت واشنطن بإرسال عشر طائرات إف 35 -الأكثر تطوراً في العالم- إلى بورتوريكو.

وقد وصف وزير الخارجية ماركو روبيو الرئيس الفنزويلي بأنه الزعيم «الهارب» لعصابة كارتل دي لوس سولس -وهي منظمة لتهريب المخدرات يُزعم أن أعضاءً من النخبة السياسية والعسكرية في فنزويلا يديرونها- وفي أغسطس، ضاعفت وزارة العدل مكافأة أي معلومات تؤدي إلى اعتقال مادورو إلى 50 مليون دولار.

وقال شراينر باركر، الشريك ورئيس الأسواق الناشئة في ريستاد إنرجي: «أعتقد أن الاستراتيجية طويلة المدى التي تنتهجها إدارة ترامب هنا هي القول إننا بحاجة إلى وجود شركة أمريكية تتدخل في السوق، حتى نتمكن، إذا ما تغير هذا الوضع، من القيادة أو -على الأقل- المشاركة في نهضة الإنتاج.

وإذا استطعنا إزاحة مادورو واستعادة شركات النفط الغربية إلى فنزويلا، فقد تصبح فنزويلا ثقلاً موازناً لأكبر مصدري النفط بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين إلى أواخرها».

ولم يُحدث الحشد البحري الأمريكي أي تغيير يُذكر في كمية الصادرات إلى الصين، التي «تتدفق بشكل طبيعي»، وفقاً لفرانسيسكو مونالدي، خبير الطاقة في أمريكا اللاتينية بجامعة رايس.

وأضاف مونالدي أن «الأمور قد تتغير» إذا استولت الولايات المتحدة على ناقلة نفط «بذريعة ما، مثل التهرب من العقوبات، أو تهريب المخدرات، أو غسيل الأموال من قبل كارتل دي لوس سولس»، أما البيت الأبيض فيؤكد:

«ستواصل الحكومة الأمريكية سعيها لحرمان نظام مادورو من أرباح بيع النفط». ومن بين الخاسرين المحتملين في ظل التوترات الحالية كوبا، التي اعتمدت منذ فترة طويلة على صادرات الوقود من فنزويلا لتشغيل محطات توليد الطاقة مقابل المشورات السياسية والاستخبارات.

وصرح إيفان فريتس، رئيس نقابة عمال النفط والغاز الفنزويليين من منفاه في ميامي، بأن أياً من الناقلتين اللتين استُخدمتا لنقل الوقود إلى كوبا لم تُحمّل في فنزويلا هذا الشهر، وهو ما تسبب في انقطاعات الكهرباء في جميع أنحاء الجزيرة.