هارييت كلارفيلت - إيان سميث - رفيع الدين
أدت بيانات اقتصادية أمريكية قوية إلى تراجع توقعات المستثمرين حيال حجم خفض أسعار الفائدة الذي سيقدم عليه بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأشهر المقبلة. وستلقي أرقام الوظائف الشهرية، المقرر صدورها بعد غد الجمعة، الضوء على مسار السياسة النقدية المستقبلي.
ويتوقع اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم أن تضيف الشركات الأمريكية 125 ألف وظيفة جديدة في أكتوبر، بانخفاض حاد عن 254 ألف وظيفة خلال سبتمبر في رقم فاق التوقعات بشكلٍ لافت. ومن المتوقع أن يحافظ معدل البطالة على استقراره عند 4.1%.
وحذر المحللون من أن الأحداث الأخيرة، مثل الأعاصير الكبيرة والإضرابات العمالية، قد تجعل من الصعب تفسير تقرير الوظائف القادم. وكتب إيان لينغين من «بي إم أو كابيتال ماركتس» أن «العوامل غير الاعتيادية قد تعرقل عملية تحليل البيانات المحققة».
رغم ذلك، سيتم تدقيق الأرقام بعناية، خاصة أنها تأتي قبل أيام من توجه الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع في 5 نوفمبر للتصويت في الانتخابات الرئاسية.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر بمقدار نصف نقطة مئوية لتتراوح بين 4.75 - 5%، عقب علامات مستمرة على تراجع التضخم وتباطؤ سوق العمل، ما يعد أول خفض للفائدة منذ أزمة «كوفيد 19» في 2020.
إلا أن مؤشرات صمود الاقتصاد وتزايد الرهانات على فوز دونالد ترامب في الانتخابات، وهو ما يعتبره البعض خطوة قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم، أثارت تساؤلات حول مدى استعداد الفيدرالي لمواصلة تيسير سياسته النقدية.
وبشكل عام، تتوقع الأسواق خفضاً بمقدار ربع نقطة مئوية في قرارات الفيدرالي الاحتياطي المتبقيين هذا العام، لكنها تضع في الحسبان احتمالاً ضئيلاً بأن يظل البنك المركزي على موقفه في أحد الاجتماعين.
وفي المملكة المتحدة، ستشكل ميزانية حكومة حزب العمال الأولى اليوم اختباراً حاسماً لما إذا كانت خططها لزيادة الاقتراض للاستثمار في الاقتصاد البريطاني ستثبت أنها مقبولة لمجموعة واحدة مهمة من أصحاب المصلحة: مشتري ديونها.
وحتى قبل وصول الحزب إلى السلطة في يوليو، كانت هناك أصوات إيجابية من حاملي السندات تفيد بأن زيادة الاقتراض من حكومة حزب العمال يمكن أن تستوعبها السوق دون التسبب في أزمة على غرار أزمة ليز تروس.
ومع ذلك، شهدت الأسابيع القليلة الماضية تزايد قلق السوق من تغييرات محتملة في قواعد المالية للمملكة المتحدة، التي من شأنها أن تفتح الطريق أمام زيادة أكبر في الاقتراض مما كان متوقعاً في السابق.
وقد أسهم ذلك في بيع السندات الحكومية البريطانية، ما أضاف إلى حركة انخفاض عالمية في أسعار السندات، ودفع العائد على السندات إلى الارتفاع من 3.75% في منتصف سبتمبر إلى ما يزيد قليلاً على 4.2%.
وأكدت وزيرة الخزانة راشيل ريفز يوم الخميس الماضي أن الحكومة ستبدأ في استخدام مقياس يسمى «صافي الأصول المالية للقطاع العام»، وهو مقياس أوسع للميزانية العامة وتتضمن أصولاً مثل قروض الطلاب. وسيمنحها ذلك مساحة للاقتراض بمبلغ إضافي يقدر بنحو 50 مليار جنيه إسترليني، بناء على الأرقام السابقة، والبقاء ضمن مستهدف الدين، رغم أنها لا تخطط لاستخدام كل تلك الأموال.
وفي يوم الإعلان عن الميزانية، سيتابع المستثمرون أمرين أساسيين: أولاً، حجم الزيادة في رقم الاقتراض المعدل للسنة المالية حتى مارس، والذي يبلغ حالياً 278 مليار جنيه إسترليني. وثانياً، ما قد توحي به الميزانية حول مستويات الاقتراض في السنوات المقبلة.
ويعتقد توماس ويلاديك، كبير خبراء الاقتصاد الأوروبيين في شركة إدارة الأصول «تي رو برايس»، أن الحكومة قد تحتاج إلى «توجيهات مستقبلية موثوقة بشأن الاقتراض المستقبلي أو وضع قيود تحكمه لتجنب رد فعل سلبي من السوق» في يوم الإعلان عن الميزانية.
ومع الإعلان عن تعديل القواعد المالية الآن، قد نرى تحسناً في سوق السندات الحكومية إذا رأى السوق أن خطط الإنفاق والاقتراض الجديدة الأوسع نطاقاً، التي وضعتها وزيرة الخزانة الجديدة تتسم بالحكمة والرصانة المالية.
في الوقت نفسه، يستعد المستثمرون لمعرفة المزيد من المؤشرات حول اتجاه معدلات الفائدة في منطقة اليورو، مع صدور بيانات التضخم لشهر أكتوبر في المنطقة اليوم.
ويتوقع الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع رويترز ارتفاع معدل نمو أسعار المستهلكين السنوي إلى 1.9% بعد تراجعه إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات عند 1.7 % في سبتمبر.
وقام البنك المركزي الأوروبي بالفعل بثلاثة تخفيضات على أسعار الفائدة، بمقدار ربع نقطة مئوية هذا العام مع عودة التضخم إلى مستوى الهدف البالغ 2%.
ومن المتوقع إجراء خفض رابع في ديسمبر، إلا أن بيانات التضخم الأقل من المتوقع قد تشجع الأسواق على زيادة التوقعات بتحرك أكبر يصل إلى نصف نقطة، رغم أن هذا لا يزال يُعتبر احتمالاً ضعيفاً حالياً.
وقال محللون في بنك «سي إي بي» إن أرقام أكتوبر ستكون «حاسمة لاحتمالات خفض الفائدة بأكثر من ربع نقطة مئوية في الاجتماع المقبل». وأضافوا: «لقد فوجئنا نحن والبنك المركزي الأوروبي بضعف البيانات الشاملة في سبتمبر.
ونعتقد الآن أن أرقام سبتمبر تعكس توجهاً أضعف في أسعار الخدمات.. وبالتالي، أصبح احتمال ارتفاع التضخم الأساسي في الخريف أقل.
وقد تراجع اليورو بشكل ملحوظ مقابل الدولار في الأسابيع الأخيرة، مدفوعاً بتوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة بوتيرة أقل مما كان متوقعاً.
ويرى بعض المحللين أن العملة الأوروبية قد تتراجع أكثر من مستواها الحالي عند نحو 1.08 دولار، وقد تصل إلى التكافؤ مع الدولار إذا اختار البنك المركزي الأوروبي تسريع خفض أسعار الفائدة.
وقالت جين فولي، خبيرة استراتيجيات العملات في رابوبانك: لقد استمد اليورو جزءاً كبيراً من مرونته خلال معظم هذا العام من الاعتقاد بأن البنك المركزي الأوروبي سيتوخى الحذر عند خفض أسعار الفائدة، لكن هذه النظرة تتغير الآن.