قد يكون لدى مستثمري اليورانيوم والعلماء المتخصصين في هذا المجال الكثير من القواسم المشتركة: فكلا الفريقين يركز على تحقيق فوائد قوية من نقطة انطلاق صغيرة. وقد ارتفعت أسعار الوقود بشكل حاد خلال السنوات الثلاث الماضية، مع تزايد اهتمام الدول بالطاقة النووية. ومع ذلك، لا يبدو أن الفجوة تضيق بين الطموحات السياسية والمفاعلات الجديدة على أرض الواقع.
وليس من الصعب فهم سبب تفاؤل المستثمرين بشأن الطلب على الطاقة النووية على المدى الطويل، حيث يتعين على الحكومات التوفيق بين الاحتياجات المتزايدة للطاقة، وخطط خفض انبعاثات الكربون. وبحلول نهاية هذا العقد، يمكن لاستهلاك الكهرباء العالمي أن يرتفع بنسبة تصل إلى 30 %، وفقاً لمحللي بنك أوف أمريكا، مع تحول وسائل النقل إلى الطاقة الكهربائية، وبدء تشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. ومن هنا يتجدد الاهتمام القوي بالطاقة الموثوقة الخالية من الكربون.
ومن بين الحكومات التي اعتمدت هذا العام الطاقة النووية في خططها، إندونيسيا الغنية بالفحم، والتي أضافت هذا المصدر للطاقة إلى مشروع بقيمة 235 مليار دولار، لتوسيع نطاقات توليد الطاقة لديها خلال العقد المقبل. كما تخلت بلجيكا وألمانيا عن أهدافهما طويلة الأمد للتخلص التدريجي من الطاقة النووية.
ومن جانبها، ذهبت الولايات المتحدة، التي تتصدر العالم من حيث عدد المفاعلات، إلى أبعد من ذلك، حيث دعا الرئيس دونالد ترامب في مايو، إلى مضاعفة قدراتها في هذا المجال أربع مرات، بحلول عام 2050. وألمح وزير الطاقة الأمريكي، كريس رايت، منذ أيام، إلى خطط لزيادة المخزونات، ما أدى إلى ارتفاع أسهم شركة كاميكو الكندية لتعدين اليورانيوم.
وفي حين تتوفر الإرادة السياسية، فمن المرجح أن تؤدي الاختناقات إلى إحداث بعض الاختلالات في أكثر حسابات العرض والطلب دقة. ففي الولايات المتحدة، تم بناء ثلاث مفاعلات فقط، خلال ربع القرن الماضي - تجاوز اثنان منها الميزانية بكثير، وتأخراً بوضوح عن الجدول الزمني. ولا توجد محطات قيد الإنشاء حالياً.
ولذلك، فإن تحقيق أهداف واشنطن، سيتطلب بدء العمل في 20 مفاعلاً متوسط الحجم كل عام، وفقاً لتقديرات محللي مورغان ستانلي. وحتى الصين، المعروفة بتبسيط البيروقراطية عندما، تريد ذلك، فتحتاج عادةً ما بين خمس وعشر سنوات، لتصميم محطة نووية جديدة، والموافقة عليها وبنائها.
ولا تقدم الأسعار بالضرورة دليلاً مباشراً على الاتجاه المستقبلي. ويبلغ سعر اليورانيوم حالياً حوالي 76 دولاراً للرطل، وكان بلغ ذروته العام الماضي، عند أكثر من 100 دولار، وذلك بسبب المخاوف من تقلص العرض بشكل كبير، بسبب القيود المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، والتي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا، واحتمال اتخاذ إجراءات انتقامية، رغم أن هذه القيود كانت في النهاية أقل حدة مما كان متوقعاً.
وبالنسبة لسوق اليورانيوم الفوري، فهو ضعيف للغاية، حيث يُباع معظم الإنتاج المستخرج من خلال عقود طويلة الأجل.
وهكذا، تبقى إمكانات الطاقة النووية قائمة بقوة، خاصةً إذا ما تبنّى العالم التحول إلى الطاقة الكهربائية، وتخلى عن اعتماده على النفط. ليس من المستغرب أن يزداد اهتمام المستثمرين.
