ميليسا هيكيلا
يكشف تحليل أجرته صحيفة فاينانشال تايمز لستة من أبرز مطوري روبوتات الدردشة الذكية - «أوبن إيه آي»، «أنثروبيك»، «إكس إيه آي»، «ميتا»، «غوغل»، و«ديب سيك» - عن فروقات دقيقة في الطريقة التي تتحدث بها هذه النماذج عن قادة شركات الذكاء الاصطناعي المختلفة.
وطرحت الصحيفة سلسلة من الأسئلة على تلك النماذج، وطلبت منها توصيف أساليب القيادة لدى رؤساء الشركات الكبرى في هذا القطاع، والكشف عن أبرز نقاط ضعفهم.
وتُظهر الإجابات أن التحيزات الكامنة في بيئات تطوير هذه النماذج قد تتسرب إلى طريقة تفاعلها، مما يعكس في الوقت نفسه التوترات العميقة بين عمالقة صناعة التكنولوجيا.
وتبين الإجابات أيضاً كيف يمكن للاستخدام المتزايد لهذه الروبوتات من قِبل ملايين الأشخاص كمصدر أساسي للمعلومات أن يؤثر على التصور العام لصناعة الذكاء الاصطناعي.
وأظهرت روبوتات الدردشة ميلاً لتقديم إجابات «متملقة» بشأن مطوريها، بينما بدت أكثر استعداداً لتوجيه انتقادات صريحة للمنافسين. ومع ذلك، كان هناك إجماع عام على الإقرار بعبقرية الرجال الذين يشكلون الواجهة العامة لثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وعلى سبيل المثال، يصف «شات جي بي تي» التابع لـ«أوبن إيه آي» سام ألتمان بأنه «قائد استراتيجي طموح يجمع بين التفاؤل التكنولوجي وحدة البصيرة في عالم الأعمال».
وعلى النقيض من ذلك، قال «كلود» التابع لشركة أنثروبيك إن «أسلوب القيادة لدى سام ألتمان اتسم باتخاذ قرارات مثيرة للجدل، تُعطي الأولوية للنمو والنفوذ على حساب المبادئ غير الربحية التي تأسست عليها شركة أوبن إيه آي».
وكان الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة أنثروبيك، داريو أمودي، قد وجه انتقادات مشابهة لألتمان بعد مغادرته «أوبن إيه آي» في عام 2021.
ووصف نموذج «لاما» التابع لشركة ميتا، الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكربيرغ بأنه «شخصية قادرة على إحداث التحولات»، بينما كان المنافسون يميلون إلى وصفه بأنه «عنيد»، و«صاحب رؤية، ولكنه مثير للجدل»، و«يركز على المنتج».
أما «غروك»، روبوت الدردشة الذي طورته شركة «إكس إيه آي» التابعة لإيلون ماسك، فقد وصف رئيس شركته بأنه «جريء» و«صاحب رؤية»، بينما اعتبره «كلود» شخصية «استقطابية» و«متقلّبة المزاج».
وعند سؤال روبوتات الدردشة عن أبرز نقاط الضعف لدى رؤساء شركات الذكاء الاصطناعي ـ مع التنبيه على ضرورة أن «تكون صادقة» - جاءت إجاباتهم حاسمة فيما يخص قادة الشركات المنافسة، في حين بدوا أكثر تحفظاً عند الحديث عن رؤسائهم المباشرين.
وقال «شات جي بي تي» إن أبرز نقاط ضعف إيلون ماسك تتمثل في «سلوكه الاندفاعي المتقلب، والذي غالباً ما يقوض مصداقيته، وينفر منه الشركاء، ويُشتت الانتباه عن الأهداف بعيدة المدى التي يدعي أنه يضعها على رأس أولوياته».
وعند طرح سؤال مشابه عن ألتمان، قال «شات جي بي تي» إن هناك «تصوراً متزايداً بأنه يمنح الأولوية للسيطرة والهيمنة في السوق على حساب الشفافية».
وتأسست «أوبن إيه آي» في عام 2015 كمختبر أبحاث غير ربحي على يد سام ألتمان، وإيلون ماسك، وتسعة آخرين، قبل أن يغادر ماسك إثر خلاف مع ألتمان. ويخوض ماسك حالياً، بصفته رئيساً لـ«إكس إيه آي» و«تسلا»، دعوى قضائية ضد الشركة الناشئة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، وضد رئيسها التنفيذي، على خلفية خطة إعادة هيكلة مؤسسية يدعي ماسك أنها تُقدم الربح على المهمة الأصلية لـ«أوبن إيه آي» والمتمثلة في تطوير الذكاء الاصطناعي بما «يخدم مصلحة الإنسانية».
وتساعد إجابات روبوتات الدردشة أيضاً في الكشف عن القيود المفروضة على نماذج الذكاء الاصطناعي التي تشغلها. لذا، وصف روبوت الدردشة التابع للمجموعة الصينية «ديب سيك» مؤسسها ليانغ وينفينغ بأنه «قائد غير تقليدي يعطي الأولوية للإبداع والشغف ووجهات النظر المتنوعة على الخبرة التقليدية».
في المقابل، لم يكن لدى روبوتات الدردشة المنافسة في الولايات المتحدة، مثل «كلود»، و«لاما»، و«جيميني» التابع لشركة غوغل، أي معرفة بمن هو وينفينغ.
ويُحتمل أن يكون السبب في ذلك هو أن الشركات المطورة لتلك النماذج توقفت عن جمع بيانات التدريب في أواخر العام الماضي، فيما حققت «ديب سيك» شعبية عالمية في أوائل عام 2025. وتقوم نماذج اللغة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بتوقع الكلمة التالية الأكثر ترجيحاً في الجملة، بناءً على بيانات التدريب المتوفرة لديها.
وتتمتع أحدث روبوتات الدردشة أيضاً بالقدرة على تصفح الإنترنت للحصول على مزيد من المصادر، لكنها تبقى معتمدة على توفر معلومات مناسبة باللغة الإنجليزية لإنتاج إجاباتها. وفي حال غياب المعلومة عن بيانات التدريب الخاصة بهم، فإن قدرات النموذج تصبح محدودة.
أما روبوتات الدردشة التي قدمت إجابات عن مؤسس «ديب سيك»، فقد اكتفت بردود عامة. ولم يكن «ميتا إيه آي» يعرف في البداية من هو ليانغ وينفنغ، لكن بعد إبلاغه بأنه الرئيس التنفيذي لشركة ديب سيك قال إنه «يؤدّي على الأرجح دوراً محورياً في توجيه أبحاث الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي وتطويره».
ويكشف ذلك عن سمة أخرى من سمات روبوتات الدردشة. فقد أشار باحثون في الذكاء الاصطناعي إلى أن هذه النماذج مدربة على تقديم إجابات تبدو معقولة، وعلى تنفيذ التعليمات، وتقديم ما يود الناس سماعه، خاصةً - كما يبدو - حينما يتعلّق الأمر برؤسائها.