إدوارد وايت - ريان ماكمورو - هاري ديمبسي
فتحت بكين مؤخراً الباب أمام تصدير شحنات محدودة من المعادن النادرة، في إطار قواعد رقابية صارمة استحدثتها مؤخراً، غير أن بطء وتيرة الموافقات الرسمية يلقي بظلال ثقيلة على سلاسل الإمداد العالمية، بحسب ما أكده قادة بارزون في هذا القطاع الاستراتيجي.
وكانت الصين قد فرضت، مطلع أبريل، قيوداً على تصدير 7 عناصر من المعادن النادرة والمغناطيسات الدائمة، وهي مكونات حيوية تدخل في صناعة مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والروبوتات البشرية والطائرات الحربية.
وقد أفاد مصدرون ومجموعات صناعية صينية وخبراء في سلاسل التوريد بأن وزارة التجارة الصينية منحت، بعد أسابيع من التأخير، بعض التراخيص للتصدير إلى أوروبا، غير أن وتيرة هذه الموافقات لا تزال أبطأ بكثير مما يقتضيه الطلب العالمي المتزايد.
وفي هذا السياق، حذر فولفغانغ نيدرمارك، عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الصناعات الألمانية من أن «فرصة تجنب أضرار جسيمة تلحق بالإنتاج في أوروبا تتضاءل بوتيرة سريعة».
ولا تقتصر المخاوف على الجانب الأوروبي، فقد أعربت شركات تصنيع أمريكية كبرى مثل «تسلا» و«فورد» و«لوكهيد مارتن» عن قلقها إزاء القيود الصينية الجديدة خلال اجتماعاتها الأخيرة مع المستثمرين، في حين وصف مسؤول تنفيذي أوروبي في الصين - طلب عدم الكشف عن هويته - التأخيرات الحالية بأنها «لا تُحتمل» بالنسبة للمصنعين الأجانب.
وأضاف المسؤول نفسه: «ما ألاحظه ميدانياً هو وجود تقصير إداري واضح؛ فقد قللوا من تقدير التأثير المحتمل وما يلزم من استعدادات على المستوى التنفيذي».
ويأتي توسيع الصين لضوابطها على صادرات المعادن النادرة رداً على حزمة الرسوم الجمركية الشاملة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثاني من أبريل، حيث تُبرز هذه القيود - التي تُلزم المصدرين بالحصول على تراخيص من وزارة التجارة لتصدير العناصر النادرة السبعة المستهدفة والمغناطيسات الدائمة المصنوعة منها - النفوذ الجيوسياسي الذي تكتسبه الصين عبر هيمنتها على إمدادات المعادن العالمية.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الصين قد بدأت بالموافقة على الصادرات إلى الولايات المتحدة منذ اتفاق القوتين الاقتصاديتين العظميين على وقف الحرب التجارية هذا الشهر.
وأعلنت شركة يانتاي جينغهاي للمواد المغناطيسية، وهي شركة تصدير تتخذ من مقاطعة شاندونغ الشرقية مقراً لها، أنها حصلت على تراخيص التصدير و«استأنفت» قبول الطلبات من بعض العملاء، فيما كشف مصدران مطلعان على الوضع أن شحنة واحدة على الأقل متجهة لعمليات شركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات قد تمت الموافقة عليها.
وأكدت فولكسفاغن أن إمدادات المكونات التي تحتوي على معادن نادرة مستقرة، وأن مورديها حصلوا على «عدد محدود من تراخيص التصدير هذه»، فيما امتنعت وزارة التجارة الصينية عن التعليق على طلب للتوضيح.
وتتصاعد المخاوف في الأوساط الصناعية من أن البيروقراطية الصينية المسؤولة عن التراخيص ستغرق تحت ضغط تزايد عدد الطلبات، حيث أشار المسؤول التنفيذي الأوروبي إلى أن الشركات الأوروبية «ليست متأكدة من كيفية إثبات» أن شحناتها لن يُعاد تصديرها إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يخرق شروط الترخيص.
وكشف إيلون ماسك، رئيس شركة تسلا، للمستثمرين الشهر الماضي أن الصين طلبت تطمينات بأن المغناطيسات النادرة التي تحتاجها شركته للأذرع الروبوتية لن تُستخدم لأغراض عسكرية، مضيفاً: «هذا مثال على التحدي القائم. أنا واثق من قدرتنا على التغلب على هذه القضايا».
من جانبه، أوضح راجيش جيجوريكار، الرئيس التنفيذي لوحدة السيارات في مجموعة ماهيندرا آند ماهيندرا الهندية، أن إجراءات الحصول على شهادة الاستخدام النهائي - المخصصة لضمان عدم استخدام الإمدادات في الأسلحة - «غير واضحة في الوقت الراهن».
وأفادت مديرة في شركة تشنغدو غالاكسي للمغناطيسات، التي تبيع المغناطيسات الدائمة، بأن وقف الشحنات المرتبطة بالمجال العسكري يمثل مصدر قلق رئيسياً للسلطات الصينية، موضحة أن شركتها تساعد العملاء على تقديم الإقرارات اللازمة للسلطات للحصول على موافقات التصدير، لكن الطلبات «ذات الصلة بالمجال العسكري» غير مسموح بها. وأضافت المديرة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها: «قد يُسمح بالتصدير للتطبيقات غير العسكرية».
وتُستخدم المغناطيسات الدائمة في الطائرات المقاتلة مثل «إف 35» التي تنتجها لوكهيد، ومن المتوقع أن تتسبب القيود الجديدة في مشكلات قصيرة الأجل. كما أنها تفرض تحولات هيكلية في سلاسل التوريد على المدى الطويل.
وصرح إيفان سكوت، المدير المالي لشركة لوكهيد، للمستثمرين بأن الشركة تمتلك مخزوناً كافياً من المواد الأرضية النادرة للعام الجاري، وأنه يتوقع أن تمنح السلطات الأمريكية الأولوية لتزويد لوكهيد «نظراً لأهمية برامجها».
وأفاد كاميرون جونسون، خبير التصنيع وسلاسل التوريد والشريك في شركة تايدال ويف سولوشنز في شنغهاي، بأنه يعتقد أن بعض الشركات الكبرى ذات العلاقات الوطيدة مع الصين قد سُمح لها بالحصول على المعادن النادرة من البلاد قبل الموافقة على طلبات التراخيص الخاصة بها، مضيفاً: «ما زالت هناك مواد تُشحن إلى الخارج».
وفي السياق ذاته، أكد كوري كومبس، المدير المشارك في شركة تريفيوم تشاينا الاستشارية التي تتخذ من بكين مقراً لها، أنه «بالتأكيد لا يوجد دليل» على أن الصين «قطعت الإمدادات عن الجميع بشكل صارم».
وتوقّع كومبس أن تصدر وزارة التجارة الصينية المزيد من الموافقات، محذراً من استمرار حالة عدم اليقين. وقال: «الجميع يطالب وزارة التجارة الصينية بتقديم وضوح أكبر، لكن نفوذ الصين الاستراتيجي يعتمد جزئياً على قدرتها في التلويح بورقة الرقابة على الصادرات، خصوصاً إذا لم تحصل على صفقة مُرضية من الجانب الأمريكي».