ما سيكولوجية ولاء الرؤساء التنفيذيين للشركات الأمريكية تجاه ترامب؟

جيليان تيت
قبل أسبوعين أو أكثر، قفزت إلى السطح في واشنطن، قصة كان يجب أن تُثير الكثير من القلق لدى أي من الرؤساء التنفيذيين في الولايات المتحدة. 

فوفقاً لموقع «أكسيوس»، وضع البيت الأبيض مخططاً سرياً لتقييم الولاء، يصنف 553 شركة ومجموعة أعمال، بناءً على ما إذا كانت تُظهر دعماً منخفضاً أو متوسطاً أو قوياً للسياسات المنصوص عليها في مشروع قانون ميزانية دونالد ترامب «الكبير والجميل».

في البداية، لم يُعلق فريق ترامب على القصة، على الرغم من أن البيت الأبيض أشار إلى وجود بطاقة أداء - تُصنف بموجبها مجموعات مثل «دلتا» و«دور داش» و«أوبر»، على أنها عالية التصنيف.

لكن ربما يكون أبرز ما في القصة هذه، هو غياب أي رد فعل واضح من جانب الشركات.

ففي النهاية، استخدام «تقييمات الولاء» كأساس للتعاملات، ليس بالتأكيد معياراً أمريكياً، بل على العكس من ذلك، يبدو أن هذا يؤكد ضعف احترام إدارة دونالد ترامب لمفهوم «سيادة القانون» العالمي.

هذا أمرٌ ينبغي أن يُقلق أي شركة، مثلما يجب أن يقلقها عدم اليقين بشأن سياسات ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية، وعمليات الترحيل، والاضطرابات التنظيمية. لكن قلّة من المديرين التنفيذيين انتقدوا الرئيس علناً حتى الآن.

كذلك، عندما شاركتُ مؤخراً في جلسات نقاش مختلفة مع المديرين التنفيذيين والمستثمرين، لم يكن هناك سوى القليل من الانتقادات الخاصة.

لقد بات واضحاً أن الولاء والصمت هما القاعدة الجديدة، فلماذا؟ هناك، من وجهة نظري، خمسة عوامل على الأقل. الأول - والأكثر وضوحاً - هو الخوف والجشع، فالرؤساء التنفيذيون يخشون مواجهة غضب ترامب إذا عارضوه، ويبدو أن معظمهم مقتنعون بقدرتهم على تطويع سياساته لمصلحتهم الخاصة، بسبب إلغاء القيود، أو صلاتهم بالبيت الأبيض.

لهذا السبب، تُعدّ «قوائم الولاء» مهمة.

العامل الثاني، هو السياسة الحزبية، فوفقاً لمؤسسة «غالوب»، يوافق 1 % فقط من الديمقراطيين على أداء ترامب الوظيفي، بينما يوافق عليه 93 % من الجمهوريين - وهو ما يمثل أكبر انقسام منذ بدء هذا الاستطلاع عام 1979.

ونظراً لأن قادة الأعمال يميلون إلى الحزب الجمهوري، ويميلون إلى كراهية السياسيين التقدميين، مثل ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، فإن هذا الانقسام مهم.

بالإضافة إلى ذلك، هناك ثلاثة عوامل أخرى أكثر دقة وأقل وضوحاً.

أحدها هو أن سياسات ترامب «الصادمة»، بدأت تفقد قدرتها على صدمة كبار المسؤولين التنفيذيين تماماً مثلما كانت تفعل من قبل.

ويمكن أن تلقي اللوم في هذا، إن شئت، على حقيقة أننا الآن في ولاية ترامب الثانية، وعلى تبنٍّ واسع النطاق لأطروحة أن الرئيس الأمريكي دائماً ما يتراجع عن أشد تهديداته جرأة.

علاوة على ذلك، فقد واجه قادة الأعمال سلسلة من الصدمات التي لم تكن متصورة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الأزمة المالية العالمية، وجائحة كوفيد 19، واندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

لذلك، فقد نمت المرونة المعرفية للرؤساء التنفيذيين - وربما ازداد معها الرضا الذاتي المصحوبٌ بغفلةٍ عن الأخطار المُحْدِقة.

العامل الرابع، هو «الغرائز الحيوانية»، فلطالما افترض الاقتصاديون أنه إذا أعربت الشركات عن تفاؤلها العلني، فإن المستثمرين سيشعرون بالمثل.

ولا يزال هذا صحيحاً: فقد ساعدت حقيقة أن الشركات الأمريكية تتفوق حالياً على توقعات الأرباح في دفع الأسهم إلى مستويات قياسية.

ومع ذلك، فإن السببية تعمل الآن أيضاً في الاتجاه المعاكس، حيث من الصعب على أي قائد لشركة أن يُعرب عن قلقه بشأن التوقعات، أو انتقاد ترامب، عندما تبدو الأسواق في منتهى البهجة.

ويوجد بالفعل شكل من أشكال علم نفس الجماهير، لا يجرؤ سوى عدد قليل من الرؤساء التنفيذيين على تحديه.

أخيراً، وليس آخراً، هناك مسألة الذكاء الاصطناعي، حيث يبدو أن عدداً كبيراً من المديرين التنفيذيين والمستثمرين معجبون بسياسات ترامب المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، لا سيما لأنه يُحرره تحت شعار تعزيز النمو - وهي فكرة تجذب المديرين التنفيذيين الأمريكيين، الذين يزداد استهجانهم لما يعتبرونه نموذج النمو المنخفض، والتنظيم المُثقل في أوروبا.

ومع ذلك، هناك أثر آخر لطفرة الذكاء الاصطناعي: فهو يُمكّن الرؤساء التنفيذيين من التحدث مع مستثمريهم حول حالة عدم اليقين في الأعمال، دون الحاجة إلى ذكر اسم ترامب على الإطلاق.

وبصراحة أكبر، يُعد الذكاء الاصطناعي أداة تشتيت قصوى للإدارة العليا، إذ يستحوذ الآن على قدر كبير من مساحة تفكير المديرين التنفيذيين، ووقت البث العام، ما يُقلل من مساحة التفكير في قضايا أخرى، مثل الجانب القبيح لسياسات ترامب. إنه يلتهم نطاقاً واسعاً، حرفياً ومجازياً.

إنني أدرك أن هناك قراء قد يختلفون مع هذا التفسير المُكوّن من خمسة أجزاء، فبعض قادة الأعمال يُحبون سياسات ترامب بصدق، ويعتقدون أنها ستُطلق العنان لنمو طويل الأجل.

لكن إذا كنت تعتقد أن هذا الإطار الخماسي دقيق، ولو جزئياً، فإن الأمر الأساسي الذي يجب التفكير فيه، هو ما إذا كان هناك أي شيء قد يُغير الحالة النفسية: أي إذا تراجعت الأسواق، أو أصبح الذكاء الاصطناعي أقل تشتيتاً للانتباه، أو سحقت الرسوم الجمركية الأرباح، فهل ستكون هناك ردة فعل عكسية؟ أو إذا تعافت أوروبا، فهل سيُضعف ذلك من بريق ترامب؟.

في الوقت الحالي، لا نعرف. لكن الواضح هو أنه من غير الحكمة الاعتقاد بأن الرؤساء التنفيذيين الأمريكيين سيُشعلون ثورة ضد ترامب في أي وقت قريب. فقد أدت «قائمة الولاء» للبيت الأبيض دورها بالفعل.