إميلي هربرت
أخذ المستثمرون يوجهون أنظارهم بقوة تجاه ما يعرف بـ «الأسهم الـ493 المنسية» ضمن مؤشر «إس آند بي 500»، بعدما أثارت التقييمات المرتفعة والبيع المكثف في قطاع الذكاء الاصطناعي مخاوف قوية من الإفراط في الانكشاف على الشركات ذات رؤوس الأموال الضخمة، خصوصاً بعدما واصلت ما تسمى بـ «أسهم السبع الرائعة» للتكنولوجيا هيمنتها على المؤشر الرئيسي في وول ستريت، لتقوده إلى مستويات قياسية خلال الأعوام الأخيرة.
وشهد مؤشر «ناسداك المركب» لأسهم التكنولوجيا، موجة بيع حادة استمرت ثلاثة أيام متتالية، مدفوعة بمخاوف تتعلق بمستقبل ربحية الذكاء الاصطناعي.
وأدى تراجع بعض أكبر الشركات المدرجة في السوق الأمريكية – منها سهم «إنفيديا» الذي خسر 3.5% في يوم واحد – إلى هبوط مؤشر «إس آند بي 500». في المقابل، حققت ما تعرف بـ أسهم القيمة مثل السلع الاستهلاكية الأساسية، والرعاية الصحية، والمرافق، مكاسب ملحوظة.
وقال داميان ماكنتاير، رئيس قسم حلول الأصول المتعددة لدى «فيدريتد هيرميس»: «نشهد شكلاً من أشكال التحول نحو الأسهم الـ 493 المنسية»، متابعاً: «لقد ارتفعت أسهم السبع الرائعة كثيراً، لذا، من المعقول أن يكون هناك قدر من التمهل وأن نعيد التخصيص».
وأسهب: «هناك الكثير من القلق بشأن كل هذا الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي»، بينما «تعد التقييمات أكثر معقولية في المؤشر متساوي الأوزان».
والترجيح في «إس آند بي 500» يأتي حسب القيمة السوقية للشركات، ما يعني أن أكبر الأسهم هي الأعلى تأثيراً على التحركات الأوسع نطاقاً، وهو التأثير الذي تنامى مع تحقيق أسهم تكنولوجيا ذات رؤوس الأموال الكبيرة لقفزات في الأعوام الأخيرة.
ودرجة التركز في مؤشر «إس آند بي 500» عند مستويات تاريخية في الوقت الراهن، وتشكل أكبر 10 أسهم حالياً 40% من قيمة المؤشر.
وأدى القلق بشأن الإفراط في الانكشاف على حفنة من الأسهم الكبيرة ببعض المستثمرين إلى إعادة التخصيص بدلاً من التوجه إلى الصناديق متساوية الأوزان، وهي التي تمنح فيها الأسهم الصغيرة الوزن ذاته الذي تتمتع به الأسهم الكبيرة، ما يحد من تعرض المستثمرين لمخاطر البيع الكثيف الذي قد تشهده كبرى الشركات.
وقد تأخر نهج التوجه إلى الاستثمارات متساوية الأوزان كثيراً عن ركب المؤشر الرئيسي في الأعوام الأخيرة، واتسعت فجوة الأداء بين الاثنين إلى أوسع المستويات منذ عام 2003.
وأدى ذلك بالمستثمرين إلى سحب الأموال من صناديق مثل «إس آند بي 500 متساوي الأوزان المتداول في البورصة».
ومع ذلك، فقد تفوق أداء المؤشر متساوي الأوزان على أداء المؤشر المرجح بالحجم على مدى الأسبوعين الأخيرين، في ظل الخسائر التي منيت بها بعض من أكبر الأسهم.
وقال وولف فون روتبيرغ، الخبير الاستراتيجي في الأسهم بشركة «جيه سافرا ساراسين ساستينبل أسيت مانجمنت»، إن التقييمات المرتفعة تشي بأن «الاتجاه إلى المؤشر متساوي الأوزان يبدو جذاباً، مع الابتعاد قليلاً عن أسهم قطاع التكنولوجيا، أو على الأقل تجنبها في الوقت الراهن».
وقالت سافيتا سوبرامانيان، رئيسة قسم الأسهم الاستراتيجية والاستراتيجية الكمية في «بنك أوف أمريكا»، إنها كانت متفائلة إزاء مؤشر «إس آند بي 500» متساوي الأوزان مقارنة بالمؤشر المرجح بالحجم، ما يعزى جزئياً إلى التقييمات المرتفعة التي تحظى بها أكبر الأسهم.
وأردفت: «كنت سأشعر بالصدمة لو كنا شهدنا زيادة مضاعفة في أسهم كبرى شركات التكنولوجيا بعد ما شهدناه حتى الآن».
وفي الوقت ذاته، أشارت سوبرامانيان، إلى أن تزايد الإنفاق الرأسمالي من جانب كبرى الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي كان ليترجم إلى اتساع لرقعة المكاسب التي تحققها السوق، مع بدء جني قطاعات أخرى، مثل التصنيع، للثمار.
ولفتت: «فجأة باتت لديك شركات للتكنولوجيا تستثمر مئات المليارات على الإنفاق الرأسمالي، ويتوجه قدر من هذا إلى التصنيع»، مضيفة: «من شأن هذا أن يعوق كبرى شركات التكنولوجيا، وأن يساعد السوق الأوسع نطاقاً. وقد يفيد هذا الأمر المؤشر متساوي الأوزان مع تشعب هذا إلى قطاعات أخرى».
وإضافة إلى أنها تحمل جزءاً مهولاً من القيمة الإجمالية، فإن كبرى الأسهم المدرجة في المؤشر مسؤولة في الوقت الحالي عن نسبة قياسية من مخاطر المؤشر، وهو ما يقاس بالتقلبات.
وعزا لوران دي غريف، رئيس استراتيجية المحافظ بشركة «دي إي شو إنفستمنت مانجمنت»، ذلك إلى حد كبير إلى أن كبرى الأسهم في عالم اليوم، مثل «إنفيديا» أو «تسلا»، تتسم بتقلبات أكبر مقارنة بكبرى الشركات في الماضي، مثل أسهم المصارف أو شركات الطاقة.
ويمكن لمثل هذه المخاطر أن تقدم عوائد أكبر حينما تكون الظروف مواتية، إلا أنها يمكن أن تتسبب في أن يكون المستثمرون أكثر انكشافاً على الخسائر التي تمنى بها أكبر الأسهم.
وقال آرون ساي، مدير محفظة متعددة الأصول في «بيكتيت أسيت مانجمنت»: «تكون المخاطر كبيرة كلما كانت التقييمات مرتفعة، والآن هو الوقت المناسب لانتقائية أكبر بشأن الفائزين من الأسهم الكبيرة».
واستطرد: «يعد الانكشاف متساوي الأوزان طريقة رائعة للتحوط في رهاناتك من حيث المآل الذي تتجه إليه الدورة الاقتصادية الحالية».