«سوني» تبني إمبراطورية ألعاب ضخمة.. فهل تنجح وتقلل الخسائر؟

ديفيد كيوهان

عندما أطلقت «سوني» أحدث إصدار لها من لعبة «استرو بوت» العام الماضي، أتاحت للاعبين، الذين يلعبون بشخصية الروبوت الأبيض اللطيف، فتح روبوتات بأشكال مختلفة، من الزومبي المصاب بعدوى فطرية في لعبة «ذا لاست أوف أس» إلى المرتزق الحامل للسكين في لعبة «ميتال جير سوليد».

ويمثل دمج الشخصيات - الذي قصد به الاحتفال بتاريخ جهاز «بلاي ستيشن» الممتد على مدار 30 عاماً - رمزاً لجهود متسارعة بمليارات الدولارات لاستخلاص المزيد من إمبراطورية الألعاب الضخمة لعملاق التكنولوجيا الياباني.

ووفقاً لمقابلات مع أكثر من 10 من كبار المديرين التنفيذيين والمصممين ومؤسسي الاستوديوهات في «سوني»، تسعى الشركة إلى تحقيق التوازن بين الإبداع والتحكم في عمل يعد محورياً في استراتيجية المجموعة التي تتخذ من طوكيو مقراً لها.

تسعى «سوني» إلى ضمان مساهمة «استوديوهات الطرف الأول» التابعة لها – والتي تشمل 20 مجموعة مستقلة تنتج ألعاباً حصرياً لجهاز بلاي ستيشن - بشكل أكبر في نمو الإيرادات الإجمالي وتتحمل مخاطر محسوبة، كل ذلك دون القضاء على الاستقلالية الذي يتطلبها كل استوديو لإنتاج إصدارات ناجحة.

وقال هيرمين هولست، الرئيس التنفيذي لأعمال الاستوديوهات في شركة «سوني إنتراكتيف إنترتينمنت»، التي تدير علامة بلاي ستيشن التجارية: «لا أريد أن تلعب الفرق دائماً بأمان، ولكن عندما نفشل، أود أن نفشل مبكراً وبتكلفة زهيدة».

وأنفقت «سوني» مبالغ طائلة على شبكتها من استوديوهات الطرف الأول على مدار العقد الماضي، مثل صفقتها البالغة 3.6 مليارات دولار للاستحواذ على شركة بنجي، صانعة لعبة هالو، في عام 2022، بينما زودت الاستوديوهات بمئات الملايين من الدولارات سنوياً لتطوير عناوين ناجحة للغاية مثل «سبايدر مان» و«إله الحرب».

وحققت استوديوهات الطرف الأول جزءاً صغيراً من إيرادات ألعاب وشبكات «سوني» التي وصلت قيمتها إلى 32 مليار دولار العام الماضي، لكن المسؤولين التنفيذيين قالوا إنها تحمل أهمية كبيرة لأنها تحدد الشخصية الفريدة لجهاز بلاي ستيشن.

وتوفر هذه الأجهزة الألعاب والشخصيات التي تميز جهاز بلاي ستيشن عن جهازي إكس بوكس من «مايكروسوفت» وسويتش من «نينتندو».

وقال هولست: إنه يريد من استوديوهات «سوني» أن «توجه الكثير والكثير من التفكير» إلى البحث عن أفلام جديدة ناجحة. لكنه أضاف: إن الشركة تطبق المزيد من الضمانات للحد من تأثير الإخفاقات الحتمية.

وتم تكثيف الاهتمام بهذا الأمر بصفة خاصة بعد انهيار لعبة كونكورد، التي طورتها فايرووك ستوديوز، واستحوذت عليها «سوني» في عام 2023.

وكان ذلك بمثابة محاولة من «سوني» لمواكبة ما يسمى بـ «ألعاب الخدمة المباشرة»، وهو قطاع مربح يقوده منافسون مثل فورتنايت من إيبك جيمز وأبيكس ليجندز من إلكترونيك آرتس، حيث يدفع المستخدمون مقابل الوصول إلى التحديثات المستمرة والميزات الإضافية.

وللأسف، فعندما صدرت كونكورد في سبتمبر من العام الماضي، كان السوق مشبعاً بالفعل بعروض مماثلة وأرخص.

وبالفعل، اضطرت اللعبة إلى الإغلاق بعد أسبوعين فقط إثر ضعف المبيعات والمراجعات. كما تم إغلاق فايرووك ستوديوز بعد ذلك بوقت قصير. ويشير المحللون إلى أن تكلفة صنع كونكورد تجاوزت 250 مليون دولار.

وقد استدعى هذا الانهيار الباهظ تغييراً في الاستراتيجية. وقلل هولست من أهمية هدف سابق - وضعه رئيس بلاي ستيشن السابق جيم رايان - بإصدار 10 ألعاب أو أكثر بخدمة مباشرة بحلول مارس من العام المقبل. وألغت «سوني» خططاً لبعض محاولات الخدمة المباشرة البارزة، مثل ذا لاست أوف أس.

وقال هولست: «عدد الإصدارات المباشرة ليس بهذه الأهمية. ما يهمني هو وجود مجموعة متنوعة من تجارب اللاعبين ومجموعة من المجتمعات». وأضاف: «منذ ذلك الحين، طبقنا اختبارات أكثر صرامة».

وأكد مديرو الاستوديوهات أن هذا الإشراف يشمل تركيزاً أكبر على الاختبارات الجماعية، وتشجيعاً على التعلم مما يفعله الآخرون في عائلة «سوني»، وتوثيقاً للعلاقات بين كبار المديرين التنفيذيين الذين يقضون مئات الساعات من اللعب قبل إطلاق العناوين.

وقال روبن تشو، المحلل في بيرنشتاين: «إن إجبارهم كونكورد على تعلم دروسهم هو الجانب المشرق»، مشيراً إلى أن «سوني في وضع ممتاز للاستفادة على المدى الطويل إذا ركزت على نوع الألعاب التي تميزها وتحقق نجاحها».

وقال هولست: إنه يريد من الاستوديوهات - التي تحفزها مشاركة الأرباح - أن تفكر أيضاً في كيفية تحويل الملكية الفكرية التي تنتجها إلى امتيازات أكبر حجماً، وهو أمر جوهري في تحول «سوني» إلى شركة تركز على الترفيه.

وقد تحقق ذلك سابقاً مع عناوين مثل «ذا لاست أوف أس» و«أنشارتد» ومجموعة واسعة من أعمال الأنمي التي استحوذت عليها «سوني».

وأدى ظهور لعبة «أسترو بوت»، التي طورها فريق «أسوبي» ومقره طوكيو، إلى اعتقاد متزايد بأنها قد تكون رد «سوني» على سلسلة «سوبر ماريو» التي تعود إلى عقود من الزمن من نينتندو، والتي تصور سباكاً بشارب قفز عبر عناوين متعددة، بل وألهم أفلاماً هوليوودية.

ويتمثل عرض «سوني» للاستوديوهات في أنها ستجنبهم الضغوط المالية التي تواجهها الشركات المستقلة من خلال توفير الموارد اللازمة لبناء عمليات أكبر.

وقال ميكائيل هافيري، مدير العلامة التجارية في هاوس مارك، وهو استوديو آخر تابع لشركة «سوني» في فنلندا: «كان الأمر مخيفاً بعض الشيء... أن تباع لشركة أكبر.. يشعرك ذلك بأنك على وشك أن تبتلع من قِبل سمكة أكبر، لكن واقع الأمر يقول إننا ما زلنا نعمل كاستوديو صغير، مع إمكانية الوصول إلى الموارد».

تستعد الشركة لإطلاق لعبة ساروس Saros، وهي الجزء الثاني من لعبة شهدت عودة اللاعبين مراراً وتكراراً في عالم غريب.

لكن خبراء الصناعة يشيرون إلى أن هذه الاستوديوهات لا تزال تعتمد على قرارات المجموعة الأم بشأن الأجهزة، لا سيما في مواجهة نجاح نينتندو مع جهاز سويتش الهجين، وهي معرضة لمطالب المساهمين باستمرار نمو الإيرادات.

وصرحت «سوني» أخيراً أنها سترفع سعر جهاز بلاي ستيشن في الولايات المتحدة بنحو 50 دولاراً بسبب «البيئة الاقتصادية الصعبة».

وقد أدى ذلك إلى مخاوف من أن الضغط على استوديوهات مثل فريق أسوبي قد يفقد ما حقق لهم النجاح في المقام الأول: «فريق متماسك مكون من 60 فرداً قادر على العمل بسرعة.

قال سيباستيان بروكنر، المدير الفني في شركة أسوبي: أعتقد أن التقارب بين الشخصيات سيكون أمراً صعباً للغاية إذا توسع نطاق العمل ليشمل ما بين 200 و350 شخص».

تشكل هذه القضية معضلة لصانعي استرو بوت واستوديوهات «سوني» الأخرى: كيف يمكنهم مواكبة طموحات المجموعة اليابانية الأوسع، مع الحفاظ على هويتهم المميزة.